كتبت- آنا كوبان (CNN)
تفوقت أسواق الأسهم الأوروبية على نظيرتها في وول ستريت، مُسجلةً أكبر هامش خلال الأشهر الأربعة الماضية مقارنةً بالعقود الثلاثة الأخيرة، ويبدو أن الاقتصاد الأوروبي في وضع يسمح له بتفادي الركود الذي اعتقد الكثيرون أنه لا مفر منه من أسابيع قليلة فقط.
وارتفعت مؤشرات الأسهم الأوروبية منذ نهاية شهر سبتمبر أيلول الماضي، أكثر من 20 نقطة مئوية إذا ما قورنت بمؤشرات وول ستريت، وهو أكبر ارتفاع مُسجل خلال أربعة أشهر، منذ نحو ثلاثين عاماً.
وقال جراهام سيكر، كبير محللي الأسهم الأوروبية لدى مورغان ستانلي لشبكة «CNN»، «رغم أن الأسهم الأوروبية سجلت خلال الأسبوعين الماضيين مكاسب أقل قليلاً من الأسهم الأميركية، فإن هذا لم يقوض أداءها المتميز نسبياً منذ سبتمبر أيلول».
ويأتي هذا التغيُّر الأخير بعد 15 عاماً من المكاسب المتتالية لمؤشرات الأسهم الأميركية المدفوعة بالنمو السريع لشركات التكنولوجيا، والذي جعلها تتفوق على الأسواق الأوروبية.
ما السبب وراء هذا التحول؟
قال «مورغان ستانلي» في مذكرة في وقت سابق من هذا الشهر، إن هذا التحول الأخير كان مدفوعاً بهبوط أسعار الغاز، إلى جانب إصدار بيانات اقتصادية أكثر تفاؤلاً مما كان متوقعاً في أوروبا، بالإضافة إلى إعادة فتح اقتصاد الصين.
كما أشار توماس ماثيوز، كبير اقتصاديي الأسواق لدى «كابيتال إيكونوميكس» إلى أن الأداء المتفوق للأسهم الأوروبية يمكن أن يُعزى إلى تراجع أسعار الغاز الأوروبية من أعلى مستويات مسجلة على الإطلاق في نهاية أغسطس آب الماضي.
كما تباطأ مؤشر أسعار المستهلكين في المنطقة الأوروبية خلال الأشهر الماضية، إذ أظهرت البيانات الأولية الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي يوم الأربعاء، تراجع التضخم من مستوى قياسي بلغ 10.6 في المئة في أكتوبر تشرين الأول إلى 8.5 في المئة في يناير كانون الثاني الجاري.
بالإضافة إلى ما سبق، حقق الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو معدل نمو بنسبة 3.5 في المئة خلال عام 2022 -وهو الأعلى إذا ما قورن بمعدل نمو الولايات المتحدة أو الصين- متضمناً أيضاً التوسع الطفيف خلال الربع الأخير، وفقاً للتقديرات الأولية لمكتب الإحصاء الأوروبي.
وتنبأ صندوق النقد الدولي يوم الاثنين بتباطؤ معدل النمو السنوي في أوروبا إلى 0.7 نقطة مئوية هذا العام، مع احتمالية تقلص الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الحالي، إلا أن مخاطر الركود الاقتصادي انحسرت.
نقلة نوعية
قال مايكل هيوسون، كبير محللي السوق لدى «سي إم سي ماركتس» إن المستثمرين الآن يفضلون استثمار أموالهم في أوروبا، إذ يمكن للمستثمر أن يتوقع عائداً قدره 3.2 في المئة هذا العام من الاستثمار في صناديق مؤشر «يورو ستوكس الأوروبي»، مقارنةً بنحو 1.6 في المئة من الاستثمار في صناديق مؤشر «إس آند بي 500».
وعلى مدار العقد الماضي، ضخ المستثمرون أموالهم في أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية سريعة النمو، بدعم من انخفاض مستويات أسعار الفائدة، وقال هيوسون في هذا الشأن، إن مؤشر «ناسداك» ارتفع بنسبة 300 في المئة اَنذاك، إذا ما قورن بمؤشر «داكس الألماني» الذي زاد بواقع المثلين فحسب.
بيد أن شركات التكنولوجيا تعرضت لهزات عنيفة في الآونة الأخيرة، إذ خسر مؤشر «ناسداك» نحو 33 في المئة من قيمته العام الماضي، تزامناً مع تسارع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة الذي أضاف قيوداً على نمو الشركات، ودفعها لتسريح الآلاف من موظفيها.
وقال كاسبر إلمغرين الخبير الاقتصادي لدى «أموندي»، إن التراجع في أسعار الفائدة لعدة سنوات ساهم في دعم نمو الأسهم، وإن الأداء المتفوق الأخير للأسهم الأوروبية يمثل «نقلة نوعية».
ومع ذلك، فإن أوروبا لا تزال في منطقة الخطر، ورغم تباطؤ وتيرة ارتفاع معدلات التضخم، فإن تلك المعدلات لا تزال مرتفعة للغاية، وبالتالي قد تظل أسعار الفائدة على مسار الزيادة لبعض الوقت، ما يزيد من تكلفة اقتراض الشركات لتوسيع الأعمال، ما يثير الشكوك حول معدلات الربحية المستقبلية.