على الرغم من تفوق الأسهم الأميركية على نظيرتها الأوروبية منذ بداية هذا العام -إذ لا تزال تقييمات المستثمرين للشركات الأوروبية أقل مقارنةً بمثيلاتها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي- فإن هناك بوادر أن يتغير المشهد، وفقاً لوحدة غولدمان ساكس للأبحاث.
ويتوقع محللو غولدمان ساكس للأبحاث أن يتفوق مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي على مؤشر «ستاندارد آند بورز 500» خلال عام 2023.
ارتفع مؤشرا «ستوكس 600» الأوروبي و«داكس» للأسهم الألمانية بنحو 8 في المئة و 14 في المئة في عام 2023 على الترتيب، وذلك بالمقارنة مع ارتفاع بنحو 12 في المئة لمؤشر «ستاندارد آند بورز 500».
ومع ذلك تواصل الأسهم الأوروبية تداولها بأسعار منخفضة مقارنة بمثيلاتها في الولايات المتحدة، وتتداول الأسهم الأوروبية عند مكرر ربحية 13 مرة، مقابل نحو 19 مرة لمثيلاتها في الولايات المتحدة، ومكرر الربحية هو ناتج قسمة سعر السهم على ربحية السهم.
ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس» فإن هذا الانخفاض هو الأكبر منذ أكثر من عقد من الزمان، ويقل كثيراً عن متوسط 20 في المئة على مدار العشرين عاماً الماضية.
وفي هذا الشأن تقول شارون بيل، كبير الاستراتيجيين في فريق استراتيجية المحفظة الأوروبية لبنك غولدمان ساكس، إن «فجوة التقييمات أصبحت كبيرة جداً، وأعتقد أنها غير عادلة، وهناك طرق عديدة يمكن أن تضيق بها الفجوة بمرور الوقت».
قطاع التكنولوجيا في البورصة الأميركية أكبر بعشرة أضعاف من نظيره الأوروبي بدون الشركات الضخمة مثل أمازون أو ميتا أو تسلا، والمُدرجة في قطاعات أخرى.
لقد عصفت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بالمؤشرات المالية الكبيرة في أوروبا بشكل خاص منذ ذلك الحين، وساعدت الطفرة في الابتكار والاستثمار التكنولوجي في الولايات المتحدة على تمكين الشركات الأميركية من الاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، ما رفع القيمة السوقية للأسهم الأميركية إلى 2.6 ضعف نظيرتها في أوروبا لتصل فجوة التقييمات إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي.
سبب آخر هو قاعدة المستثمرين الأصغر في أوروبا، إذ إن أسواق الأسهم في أوروبا أصغر مقارنةً بأميركا، يخصص الأوروبيون رأس مال أكبر للإسكان والاستثمارات الأخرى أكثر من البورصة مقارنة بالمستثمرين الأميركيين، وقد انخفضت في القارة الأوروبية مخصصات أسهم شركات المعاشات والتأمين بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
لكن شارون بيل ترى أن فجوة التقييمات بين الشركات الأميركية والأوروبية قد تضيق قريباً، مشيرةً إلى عدد من العوامل مثل تغير معنويات المستثمرين بشأن مخاطر السوق، وارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض هامش الربح في الولايات المتحدة، وتحسن البيئة التنظيمية في أوروبا، فقد ترفع تلك العوامل أسعار الأسهم الأوروبية وبالتالي تضيق الفجوة.
أسعار الفائدة الأميركية
استفادت السوق الأميركية أكثر من أوروبا من انخفاض معدلات الفائدة في الماضي نظراً لكثرة شركات التكنولوجيا والشركات عالية النمو، غير أنها -على حد قول بيل- ستعاني إذا استمرت معدلات الفائدة المرتفعة حالياً، والقطاع الخاص الأميركي أكثر عرضة لتكاليف الإقراض المرتفعة بسبب انخفاض معدل الادخار ومستويات الديون المرتفعة.
بيئة تنظيمية أفضل
ترى بيل أن اختبارات الإجهاد الصارمة ونسب رأس المال المرتفعة والقواعد المصرفية الأخرى قد جعلت البنوك الأوروبية أكثر مرونة. وانخفضت أيضاً معدلات الضرائب على الشركات الأوروبية، كما أن المخاطر المتعلقة بالائتمان السيادي في أوروبا قد تراجعت مع التزام البنك المركزي الأوروبي بتقليل فروق العائد على السندات السيادية عبر عمليات شراء الأصول المستهدفة عند الضرورة.