في حين أن عام 2023 كان أفضل عام للأسهم العالمية منذ ما قبل الجائحة، إذ شهدت الأسواق في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والهند ارتفاعات قوية، كانت الأسواق الصينية الخاسر الأكبر.
أدت سلسلة من المشكلات في الصين، بما في ذلك أزمة العقارات، وضعف الإنفاق الاستهلاكي، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، إلى وضع ثاني أكبر اقتصاد في العالم في موقف دفاعي.
وانخفض مؤشر سي إس آي 300 للأسهم القيادية في الصين بما يزيد على 11 في المئة هذا العام، في حين انخفض مؤشر هانغ سينغ في هونغ كونغ بنسبة 14 في المئة.
في الوقت نفسه، يسير مؤشر إم إس سي آي العالمي للشركات الناشئة على المسار الصحيح لإغلاق العام بارتفاع بنسبة 22 في المئة، وهي أكبر قفزة سنوية له منذ عام 2019.
ومع ذلك، على الرغم من التخلي عن سياسة الإغلاق الصارمة المرتبطة بجائحة كوفيد-19 في أواخر عام 2022، لم يسجل اقتصاد الصين الانتعاش القوي الذي كان يأمله العديد من المستثمرين.
من بين قائمة طويلة من التحديات، أدى تباطؤ الطلب إلى كبح أسعار المستهلكين خلال معظم عام 2023، ما يهدد الاقتصاد الصيني بالانكماش، كما أصبحت الشركات الأجنبية حذرة من التدقيق المتزايد في بكين، ما دفعها إلى مغادرة البلاد.
الأسواق اليابانية والأوروبية والهندية
ويتجه مؤشر إس آند بي 500 القياسي في الولايات المتحدة، ومؤشر ستوكس 600 الأوروبي، إلى إنهاء العام بنحو 25 في المئة و13 في المئة على التوالي.
كما ارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 30 في المئة منذ بداية العام، وارتفع مؤشر سينسيكس القياسي في الهند، الذي يشمل 30 شركة كبيرة، بنسبة 19 في المئة.
وانتعشت الأسهم بفضل انخفاض التضخم، ما زاد آمال المستثمرين في أن البنوك المركزية في العالم ستخفض أسعار الفائدة قريباً، فضلاً عن الإثارة حول إمكانية تحقيق الذكاء الاصطناعي عوائد كبيرة للشركات.
وقد استفادت الهند من الرهانات المرتفعة على اقتصادها، في حين استفادت الأسهم اليابانية جزئياً من التقييمات الرخيصة نسبياً وضعف العملة.
توقعات الأسواق الصينية
في نوفمبر تشرين الثاني، قال صندوق النقد الدولي إنه يتوقع أن يصل معدل النمو في الصين إلى 5.4 في المئة في عام 2023، ثم ينخفض تدريجياً إلى 3.5 في المئة في عام 2028، إذ يواجه اقتصاد الصين مشكلات تتراوح بين ضعف الإنتاجية وشيخوخة السكان.
قال زميل بارز في معهد أميركان إنتربرايز، ديريك سكيسورس، لشبكة CNN هذا الشهر، إن «التحدي الذي يواجه اقتصاد الصين في عام 2024 لن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المرجح أن يتجاوز 4.5 في المئة، بل سيتمثل في انخفاضه بعد ذلك».
وتشهد الصين أكبر أزمة ضربت القطاع العقاري منذ عامين، والتي نتجت عنها خسائر ضخمة في القيمة السوقية لأبرز شركات القطاع مثل كانتري غاردن وإيفرغراند، وسط تجاوز المعروض معدلات الطلب، وتراجع قدرة المشترين على السداد، ومخاوف من اتجاه القطاع نحو فقاعة عقارية على غرار تلك التي شهدتها اليابان في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات والتي أدت لركود اقتصادي واسع.
وتزيد الأزمة الاقتصادية الحالية مخاطر عدم الاستقرار الاجتماعي، وتنذر بوقوع الصين في أزمة مشابهة للتي حدثت لليابان في التسعينيات، عندما عانت من ركود اقتصادي مؤلم عقب انفجار الفقاعة العقارية بها.
على الرغم من ذلك، فقد استُخدم اليوان عملة الصين الرسمية أكثر من عملة اليابان في المعاملات التجارية الدولية خلال شهر نوفمبر تشرين الثاني الماضي وذلك للمرة الأولى منذ يناير كانون الثاني من عام 2022، إذ حلّ اليوان في المرتبة الرابعة على مستوى العالم، وفقاً لبيانات خدمة الدفع الدولية (سويفت)، التي أشارت إلى تزايد استخدام اليوان للمعاملات الخاصة بالنفط والمعاملات الأخرى مع روسيا في ظل استمرار العقوبات المفروضة على الأخيرة بسبب الحرب على أوكرانيا.
وذكرت وكالة نيكي آسيا الإخبارية أن الصين ضغطت خلال الفترة الأخيرة من أجل استخدام عملات أخرى غير الدولار في المعاملات التجارية بينها وبين روسيا ودول أميركا الجنوبية والشرق الأوسط.
(آنا كوبان)