105 دولارات هو حجم خسارة سعر أوقية الذهب في الثلاثين يوماً الماضية، فهبوط قيمة الأوقية إلى ما دون 2350 لم يكن أمراً متوقعاً حينما بدأ الذهب صعوده الصاروخي منذ ديسمبر كانون الأول من العام الماضي.
ولكن الهبوط الأخير للمعدن الأصفر جاء نتيجة لاحتباسه بين يدي الاقتصادين الأكبر في العالم، وهما الفيدرالي الأميركي وبنك الشعب الصيني، أو البنكان المركزيان للصين والولايات المتحدة الأميركية.
فبين تعظيم الاحتياطي النقدي الصيني وأسعار فائدة الفيدرالي الأميركي، أصبح الذهب متذبذباً صعوداً وهبوطاً.
جون رييد، كبير استراتيجيي الأسواق لأوروبا وآسيا في المجلس العالمي للذهب قال في حديث مع CNN الاقتصادية إن «إعلان بنك الشعب الصيني عن توقف إضافة الذهب إلى احتياطاته في مايو أيار الماضي أدى دون شك إلى انخفاض سعر الذهب، فهي المرة الأولى منذ ثمانية عشر شهراً التي يتوقف فيها البنك المركزي الصيني عن شراء المعدن الثمين».
نظرة الصين إلى الذهب
وأظهرت بيانات المجلس العالمي للذهب والجمارك الصينية حجم واردات الصين من الذهب منذ الربع الأول من عام 2022 حين توقفت عند 150 طناً بينما تخطت 300 طن في الربع الأول من العام الحالي، أي قبل إعلان المركزي الصيني عن توقف استيراد المعدن الثمين بشهرين.
وبحسب بيانات بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) فإن نصيب الذهب من مكون الاحتياطي الصيني يقترب من 5 في المئة وهي النسبة الأعلى على الإطلاق في تاريخ البنك المركزي الصيني.
وانخفاض شهية المركزي الصيني على المعدن الأصفر «كان له كذلك تأثير سيكولوجي على المستثمرين في الذهب، ما أدى إلى توقفهم عن الشراء وبالتالي زيادة حجم المعروض» بحسب رييد.
ولكن توقف المركزي الصيني عن حيازة ذهب جديد واكتفاء خزائنه بـ2300 طن من المعدن الثمين ليس العامل الرئيسي في نزول سعر الذهب، فعلى الحافة الأخرى من العالم يستمر جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي في تبني سياسة التشديد النقدي وعدم خفض أسعار الفائدة منذ شهور.
التأثير الأميركي على الذهب
وأضاف خبير الاستراتيجيات بالمجلس العالمي للذهب أن «البيانات القوية للاقتصاد الأميركي ورسوخ التضخم عند مستويات عالية أثارا حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين الذين أيقنوا أنهم لن يشاهدوا تخفيضاً لأسعار الفائدة هذا العام، وهو ما يلقي بظلاله على أسعار الذهب».
وكشف تقرير حديث للمجلس العالمي للذهب أن مؤشر الدولار الأميركي يقف بالقرب من أقوى مستوياته منذ سنوات.
فقد تخطى مؤشر ديكس (مؤشر الدولار) 106 نقاط في نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي قبل أن يهبط مع خفض الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة، ولكن مع مرور استمرار تثبيت الفائدة أخذ المؤشر في الصعود مجدداً ليقف اليوم فوق 105 ونصف نقطة.
ما يعني بالتبعية اتجاه المستثمرين إلى الاستثمار في أدوات الدين الأميركية للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة.
فضلاً عن عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في الذهب الذي يقوَّم بالدولار، ودولار مرتفع يعني سعر أوقية باهظاً في وجهة نظرهم فينصرفون عن الذهب فتنزل الأسعار.
ربما لن تتوقف خسائر الذهب عند الـ105 دولارات التي فقدها الشهر الماضي وربما يشهد نزولاً جديداً هذا العام، فسعر غرام الذهب اليوم لا يتحرك بسبب إقبال رب أسرة من الشرق الأوسط أو من أوروبا على شراء حلي لزوجته أو حفاظ موظفة صغيرة على مدخراتها الشهرية في صورة خاتم أو قرط أو سوار، فكل شيء يرسم وينظم ربما في بكين وواشنطن.