يتخوف مسؤولون تنفيذيون في شركات فرنسية مما ستسفر عنه انتخابات الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة، التي تنطلق داخل الأراضي الفرنسية يوم الأحد، وتتنوع المخاوف بين قلة خبرة التنفيذيين الجُدد ومواجهة موجة محتملة من حالات الإفلاس في الأشهر المقبلة، بالإضافة إلى تزايد حدة الاحتجاجات في الشوارع.

واجتمع قادة الشركات يومي الجمعة والسبت في مدينة إكس أون بروفانس بجنوبي البلاد للمشاركة في الرد على استبيان المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس.

كان قادة الأعمال المستفيدين الرئيسيين من الإصلاحات المؤيدة للأعمال التي أجراها الرئيس إيمانويل ماكرون منذ انتخابه لأول مرة في عام 2017، مثل رفع سن التقاعد وإلغاء ضريبة الثروة على الأصول المالية، بينما تتفق أحزاب اليمين المتطرف واليسار المتطرف على نية التراجع عن هذه الإصلاحات.

وكثيراً ما اصطدمت حملة ماكرون المؤيدة لقطاع الأعمال بالناخبين، ما أدى في بعض الأحيان إلى احتجاجات عنيفة في الشوارع، مثل حركة السترات الصفراء عام 2018، أو مسيرات العام الماضي ضد إصلاح نظام التقاعد، وعلى الرغم من فوزه بولاية ثانية في عام 2022، فشل ماكرون في التواصل مع العديد من الناخبين، الذين يعتبرونه نتاجاً للنخب السياسية والتجارية.

ويقترح حزب التجمع الوطني -المناهض للهجرة والمتشكك في جدوى الاتحاد الأوروبي- التراجع عن زيادة ماكرون سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً وخفض الضرائب على الطاقة، قائلاً إن بديل هذه الإجراءات هو خفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية الذي يستفيد منه المهاجرون.

على الجانب الآخر يتبنى تحالف الجبهة الشعبية الجديد «اليساري» اقتراحاً بفرض ضريبة على الثروة ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 14 في المئة، في حين ينوي أيضاً إلغاء إصلاح معاشات التقاعد الذي أقره ماكرون.

ومن المتوقع أن يتعرض حزب ماكرون لهزيمة حاسمة، ليقضي الناخبون على مساعيه للاستمرار في خفض الضرائب وتقليل القيود على الأعمال التجارية، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن اليمين المتشدد سيحصل على أكثرية مقاعد البرلمان.

ومن المرجح أن يفشل حزب التجمع الوطني اليميني في الحصول على الأغلبية المطلقة، ما يترك للأحزاب الأخرى فرصة المشاركة في ائتلاف حاكم، وهو أمر غير مسبوق في فرنسا الحديثة، ومن المرجح أن يتسبب في عدم الاستقرار، إذ ستكون الحكومة مُقيدة بخطر التصويت بحجب الثقة، ما يجعلها أقل قدرة على المضي قدماً في إطلاق تشريعات جديدة.

مخاطر عديدة وقادة معدومو الخبرة

يبدي قادة الأعمال قلقهم من افتقار الساسة الجُدد بفرنسا إلى الخبرة لقيادة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ومن الممكن أن يصبح زعيم حزب التجمع الوطني، جوردان بارديلا صاحب الثمانية وعشرين عاماً، أصغر رئيس وزراء لفرنسا في التاريخ، إذا فاز الحزب بالأغلبية في انتخابات اليوم.

وبالفعل أدى عدم اليقين السياسي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض في فرنسا، حيث طالب مستثمرو السندات بأعلى علاوة مخاطر -مقارنة بما يعادلها من السندات الألمانية- منذ 12 عاماً، بعد أن دعا ماكرون إلى انتخابات مبكرة الشهر الماضي.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرديان فرانس المتخصصة في إدارة الأسهم ماثياس بورغهاردت «إذا كان علينا اتخاذ قرار استثماري كبير حقاً، فمن الأفضل أن ننتظر للحصول على رؤية أفضل».

ولا تقتصر المخاوف على الاستثمارات المالية، إذ يشعر المستثمرون في الاقتصاد الحقيقي بالقلق أيضاً من نتائج الانتخابات، ويرى مسؤولون تنفيذيون أنه مع عدم وجود مؤشر على أن التقلبات السياسية ستهدأ في أي وقت قريب، فإن تكاليف التمويل المرتفعة يمكن أن تصل قريباً إلى الشركات الفرنسية، هذا في الوقت الذي تستعد فيه هذه الشركات إلى تجديد القروض منخفضة التكلفة التي حصلت عليها في فترة انتشار جائحة كورونا.

من جانبها قالت رئيسة الأبحاث الاقتصادية لدى (أليانز تريد) آنا بواتا «هذا يخلق سيناريو نتوقع فيه أن يرتفع معدل عجز الشركات الفرنسية عن سداد ديونها».

وفي السياق نفسه أوضح رئيس شركة سافران للطيران روس ماكينيس «نحن قلقون للغاية بشأن ما سيحدث، ومهما كان التشكيل السياسي الذي سينتج عن انتخابات اليوم، فمن المحتمل أننا في نهاية دورة الإصلاح التي بدأت قبل عشر سنوات».

وأكد ماكينيس على قلقه من تأثير سياسات حزب التجمع الوطني المناهض للمهاجرين على القوى العاملة المستقبلية في فرنسا، «تبين لنا التركيبة السكانية أننا بحاجة إلى جذب المواهب، لقد تم دعم هذا البلد بالهجرة لمدة 300 عام».

(رويترز)