تُعتبر أسواق الأسهم العمود الفقري للنظام المالي العالمي، حيث تتيح للشركات جمع رأس المال اللازم للنمو والتوسع، وتوفر للمستثمرين فرصاً لتحقيق الأرباح وتنويع استثماراتهم.. ومنذ نشأتها، شهدت أسواق الأسهم تطورات هائلة تعكس التحولات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.

وتغير تاريخ أسواق الأسهم العالمية بشكل كبير طوال قرن وربع القرن من الزمان، من سيطرة المملكة المتحدة في مطلع القرن العشرين إلى هيمنة الولايات المتحدة في العصر الحديث.

وذلك ما يجعل تاريخ أسواق الأسهم العالمية قصة مثيرة عن التغيير والتكيف مع المتغيرات العالمية.

الهيمنة البريطانية على أسواق الأسهم

في عام 1900، كانت المملكة المتحدة تسيطر على نحو ربع رأس المال السوقي العالمي، ما يعكس قوتها الاقتصادية خلال تلك الفترة، وكانت معظم الشركات الكبرى المدرجة في بورصة لندن للأوراق المالية (LSE)، التي تأسست في عام 1801، تعمل في مجالات السكك الحديدية، والتمويل، والموارد الطبيعية، وذلك وفقاً لمعلومات من قاعدة بيانات DMS، التي يمكن الوصول إليها عبر الكتاب السنوي لعائدات الاستثمار العالمي في UBS لعام 2024.

وتصدرت المملكة المتحدة ترتيب الدول في هذا الوقت بحسب حصة رأس المال السوقي في عام 1900، بنسبة 24.2%، تليها الولايات المتحدة بنحو 14.5%، ثم ألمانيا بنسبة 12.6%، تليها فرنسا في المركز الرابع بنسبة 11.2%، وجاءت روسيا في المركز الخامس بنسبة 5.9%.

وفي المركز السادس جاءت دولة النمسا بنسبة 5.0%، وبعدها بلجيكا بنحو 3.4%، ثم أستراليا بنسبة 3.4%، وجنوب إفريقيا 3.2%، ثم هولندا في المركز العاشر بنسبة 2.5%، وبعدها إيطاليا بنحو 2.0%، وبقية العالم بنسبة توازي 12.2%.

أحداث عالمية كبرى غيرت خريطة الأسهم العالمية

شهد القرن العشرين تأثيرات كبيرة على أسواق الأسهم نتيجة الأحداث العالمية الكبرى مثل الحربين العالميتين والكساد الكبير والأزمات المالية… تسببت هذه الأحداث في تقلبات هائلة وأثّرت على القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصات العالمية.

التحول نحو التكنولوجيا

مع تقدم الزمن، تغيرت طبيعة الشركات المسيطرة في أسواق الأسهم من الصناعات التقليدية إلى شركات التكنولوجيا والابتكار.

وأصبحت شركات مثل أبل ومايكروسوفت وأمازون تهيمن على السوق بفضل الابتكارات التكنولوجية والنمو السريع في قطاع التكنولوجيا.

هيمنة أميركية على أسواق الأسهم الحديثة

بحلول عام 2023، أصبحت الولايات المتحدة تتصدر القائمة بحصة تزيد على 60% من رأس المال السوقي العالمي، وذلك لأرقام عام 2023 من المراجعة الشهرية لسلسلة مؤشرات FTSE Russell All-World (ديسمبر 2023).

ويعود هذا النمو الكبير إلى قوة الشركات الأميركية، وخاصة في مجالات التكنولوجيا والخدمات المالية.

وتصدرت الولايات المتحدة ترتيب الدول بحسب حصة رأس المال السوقي في عام 2023، بنسبة 60.5%، تليها اليابان بنحو 6.2%، وتراجعت المملكة المتحدة إلى المركز الثالث بنسبة 3.7%، تليها الصين في المركز الرابع بنسبة 2.8%، وفرنسا في المركز الخامس بنحو 2.8%.

واحتلت كندا المركز السادس بنسبة 2.5%، ثم سويسرا 2.4%، وألمانيا 2.1%، وأستراليا 2.0%، والهند 2.0% في المركز العاشر.

ودخلت تايوان القائمة الحديثة في المركز الـ11 بنسبة 1.7%، تليها كوريا الجنوبية 1.4%، ويأتي بعد ذلك بقية العالم بنسبة 10.0%.

نمو الأسواق الناشئة غيّر خريطة أسواق الأسهم

شهدت الدول الآسيوية مثل اليابان والصين والهند نمواً ملحوظاً في أسواق الأسهم الخاصة بها، ومن المتوقع أن تستمر في النمو خلال العقود القادمة.

ويُعد هذا النمو مؤشراً على التحولات الاقتصادية العالمية وتوجهها نحو الشرق.

الأدوات المالية الحديثة

تطورت الأدوات المالية بشكل كبير مع ظهور الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) والمشتقات المالية، ما أتاح للمستثمرين مزيداً من الخيارات لتحسين استثماراتهم وإدارة المخاطر بشكل أكثر فعالية.

ويعكس تاريخ أسواق الأسهم العالمية التحولات الاقتصادية والجيوسياسية الكبرى على مدى أكثر من قرن، وذلك مع استمرار النمو في الاقتصادات الناشئة والتطور التكنولوجي، ومن المرجح أن تستمر هذه الديناميات في التغير في المستقبل، ما يفتح آفاقاً جديدة للمستثمرين وللاقتصاد العالمي ككل.