تعمل الصين على تعزيز مكانتها في سوق الطيران المدني العالمي، عبر تطوير طائرات محلية الصنع قادرة على منافسة المنتجات الغربية، حيث تقود شركة COMAC (الشركة التجارية لصناعة الطائرات الصينية) هذه الجهود.

ومن أبرز إنجازاتها حتى الآن الطائرة C919، التي حلَّقت في أول رحلة تجارية لها في 28 مايو 2023، من مطار شنغهاي هونغتشياو إلى مطار العاصمة بكين الدولي، وتمثل نقلة نوعية للصين في مجال الطائرات كبيرة الحجم ذات الممر الواحد.

وتُعدّ الطائرة ذات الممر الواحد، التي تصنعها شركة الطائرات التجارية الصينية المملوكة للدولة (كوماك)، رمزاً بارزاً لاستراتيجية «صنع في الصين» الأوسع نطاقاً التي تنتهجها بكين، التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الشركات المصنعة الأجنبية.

الطائرة الصينية C919

تطلق الصين على الطائرة C919، التي يمكنها حمل ما يقرب من 200 راكب، أول طائرة ركاب كبيرة محلية الصنع، وقد انطلقت الطائرة في أول رحلة تجارية لها في مايو أيار 2023، وهي معتمدة لنقل الركاب داخل الصين فقط، وتطير مع شركة الخطوط الجوية الصينية الشرقية.

ورغم أن الطائرة تُعتبر محلية الصنع، فإنها تعتمد بشكل كبير على تقنيات من شركات غربية، حيث تشكل 60 في المئة من مكوناتها أجزاء من شركات أميركية مثل Honeywell وGE Aerospace.

وتحتوي الطائرة على ممر واحد وتتسع لما بين 158 و164 مقعداً، ويمكنها استيعاب ما يصل إلى 192 مقعداً كحد أقصى، ويمكنها الطيران بمدى يتراوح بين 4075 و5555 كيلومتراً، ما يجعلها ذات أداء اقتصادي جيد.

ويبلغ طول جسم الطائرة 38.9 متر، وطول جناحيها 35.8 متر، بينما يصل أقصى وزن للإقلاع إلى 79.5 طن.

ومنذ بدء تشغيلها، قامت الطائرة بأكثر من 2100 رحلة طيران، مع نسبة إشغال ركاب تصل إلى 80 في المئة، وهي نسبة تفوق الطائرات المنافسة على الخطوط نفسها.

وبلغ إجمالي الطلبات العالمية على C919 أكثر من ألف طلب، غالبيتها من شركات تأجير صينية مثل China Eastern Airlines، التي تخطط لزيادة أسطولها من هذا النوع إلى 10 طائرات بنهاية عام 2024.

أول ظهور على المستوى الدولي

وفي فبراير الماضي، قامت طائرة الركاب الصينية C919، التي تُعدّ منافساً محتملاً لطائرات بوينغ وإيرباص الغربية، بأول رحلة لها خارج الأراضي الصينية من خلال التحليق فوق معرض سنغافورة الجوي.

جاء الظهور الأول للطائرة C919 في الخارج في وقت تتصدر فيه بوينغ الأخبار لأسباب سلبية، مثل سقوط جزء من جسم طائرة بوينغ 737 ماكس 9 أثناء رحلة لشركة طيران ألاسكا في الولايات المتحدة.

يُذكر أن الطائرة C919 الصينية كلفت داعميها بما يقدر بنحو 49 مليار دولار في التطوير والتصنيع وتكاليف أخرى، وفقاً لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، على الرغم من أن المركز يقول إن تحديد المبلغ الدقيق مهمة صعبة، لأن تمويلات شركة كوماك غير شفافة.

سوق صناعة الطيران العالمي

تتربع شركتا بوينغ (Boeing) وإيرباص (Airbus) على قمة سوق الطيران التجاري العالمي، حيث تهيمنان معاً على أكثر من 80 في المئة من إجمالي حصة السوق.

وتعتبر هاتان الشركتان من الرواد في صناعة الطائرات، حيث تتنافس كل منهما على تقديم تقنيات مبتكرة وتصاميم متطورة تلبي احتياجات شركات الطيران حول العالم.

وتشير التوقعات إلى نمو كبير في الطلب على الطائرات متوسطة الحجم، حيث تحتاج الأسواق الناشئة مثل آسيا وإفريقيا إلى أساطيل حديثة لتلبية زيادة حركة النقل الجوي.

كيف ستؤثر طائرة C919 على سوق الطيران؟

تمثل طائرة C919 محاولة جادة من الصين لكسر احتكار Boeing وAirbus، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في التغلب على الاعتماد على المكونات الغربية وتسويق الطائرة على نطاق أوسع دولياً، بالإضافة إلى ذلك، تسعى الصين لتوسيع حصتها في السوق من خلال تطوير مشاريع أخرى مثل الطائرة CR929 المخصصة للرحلات الطويلة.

وبحسب تقرير صادر عن شركة كوماك، يُتوقع لسوق الطيران الصيني أن يشهد إضافة نحو 9284 طائرة جديدة خلال العقدين المقبلين.

وبحلول عام 2041، سيصل إجمالي عدد الطائرات في الأسطول الوطني الصيني إلى أكثر من 10 آلاف طائرة، ما سيجعله يشكل نحو 21.1 في المئة من إجمالي أسطول طائرات الركاب العالمي.

ويعكس هذا النمو الكبير في قطاع الطيران الصيني التطور الاقتصادي المستمر والزيادة المتوقعة في الطلب على السفر الجوي في الصين، التي تعتبر واحدة من أسرع الأسواق نمواً في العالم.

وأشار التقرير إلى أن سوق الطيران الصيني سيتفوق ليصبح أكبر سوق طيران منفرد في العالم، ما يعكس النمو المستمر في الطلب على السفر الجوي داخل الصين وخارجها، وسيوفر البحث والتطوير والإنتاج للطائرات الكبيرة فرصة كبيرة لتطوير صناعة الطيران في الصين.