تسعى بريطانيا إلى إقناع الرئيس الأميركي المُنتخب، دونالد ترامب، بأن تجارتها التي تهيمن عليها الخدمات مع الولايات المتحدة ينبغي أن تفلت من حرب التعريفات الجمركية، حتى في الوقت الذي تعمل فيه بريطانيا بحذر على إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتغذية الروابط التجارية مع الصين.

ويخطط ترامب لفرض تعريفات جمركية شاملة على كل الواردات تقريباً من السلع والخدمات بمعدلات تتراوح بين 10 في المئة و20 في المئة، بدايةً من عودته إلى البيت الأبيض في يناير كانون الثاني، وتعهد هذا الأسبوع بفرض تعريفات جمركية كبيرة على كندا والمكسيك والصين أيضاً.

بالنسبة للاقتصاد البريطاني شديد الحساسية لحرية التجارة، فإن مثل هذه التهديدات للتجارة العالمية قد تعوق نموه.

بعد أن أدى « بريكست» إلى تعقيد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها على الإطلاق، تعتقد بريطانيا أن لديها فرصة قوية للحفاظ على الشراكة مع الولايات المتحدة والبناء عليها، وهي الشراكة التي تمثل بالفعل نحو خُمس إجمالي التجارة البريطانية.

وفي حين ينصب غضب ترامب على البلدان التي تعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري معها، فإن هذه المُشكلة لا تشمل بريطانيا، وعلاوة على ذلك تُركز تعريفات ترامب على السلع المُصنعة المستوردة، خاصةً السيارات، بينما أكثر من ثلثي صادرات المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة تأتي من قطاع الخدمات وليس السلع.

قال وزير الأعمال والتجارة، جوناثان رينولدز، للمشرعين هذا الأسبوع «لا أعتقد أن الانتقادات التي رأيتها لبعض الدول الأوروبية في حملة ترامب الرئاسية تنطبق علينا»، مضيفاً أن بريطانيا لن تخجل من تقديم طلب لإدارة ترامب بتحرير أكثر للتجارة، «يجب أن نكون دائماً دعاة لعلاقات تجارية مفتوحة وشفافة وحرة في جميع أنحاء العالم، الهدف هو العمل مع ترامب على إصلاح بعض الحواجز أمام التجارة مع الاتحاد الأوروبي»، هذا على الرغم من أن أحد مستشاري ترامب اقترح أن بريطانيا قد تضطر إلى الاختيار بين الاثنين، الولايات المتحدة او الاتحاد الأوروبي.

في حين استبعدت بريطانيا إعادة الانضمام إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي أو حتى الاتحاد الجمركي، الذي تركته بعد «بريكست»، لكنها تريد «إعادة ضبط» العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وتأمل التوقيع قريباً على اتفاقية «بيطرية» جديدة للحد من عمليات الفحص والتدقيق الخاصة باللحوم والحيوانات والأسماك على الحدود.

وقال ليام بيرن، عضو في البرلمان عن حزب العمال، ورئيس لجنة الأعمال والتجارة بالبرلمان التي تحدث أمامها رينولدز، إن الحكومة كانت محقة في محاولة موازنة العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا والصين، من أجل تجنب التعريفات الجمركية التي «لا تخدم مصلحة أحد».

وقال بيرن لرويترز «أعتقد أن العلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي تمنحنا المزيد من المزايا ولا أعتقد أنها تنهي تماماً التعاون اللائق في التجارة مع الولايات المتحدة».

وتذهب أكثر من 40 في المئة من الصادرات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي، مقارنة بنحو 22 في المئة تذهب إلى الولايات المتحدة، وفقاً لأحدث الأرقام الحكومية.

صعوبة استثنائية

قال جورج ريدل، مدير استراتيجية التجارة في شركة الاستشارات إي. واي. يو. كيه. إن أي قيود غير جمركية على الخدمات من قبل الولايات المتحدة من شأنها أن تسبب القلق، بينما تواجه الشركات المُصدرة للسلع خطر تغير التعريفات الجمركية «خلال رحلتها، بعد إقلاعها وقبل وصولها، يتعين على الشركات التخطيط لكل السيناريوهات المُحتملة دون فهم حقيقي لما سيحدث».

بالإضافة إلى العلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، تشير بريطانيا إلى انفتاح متزايد على العمل مع الصين، حتى مع تهديد ترامب بفرض التعريفات الجمركية العنيفة.

التقى رئيس الوزراء، كير ستارمر، بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، في اجتماعات مجموعة العشرين لإجراء أول محادثات على مستوى القادة منذ عام 2018، في حين من المقرر أن تزور وزيرة المالية، راشيل ريفز، بكين العام المقبل.

وقال سيمون ساتكليف، الشريك في شركة الاستشارات الضريبية والتجارية بليك روثنبرج، إن بريطانيا ستجد «صعوبة استثنائية في اللعب على جميع الحبال لأن الخلافات متنوعة للغاية»، مضيفاً أن لندن قد تختار التركيز على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والصين وتحمل الرسوم الجمركية المُحتملة التي سيفرضها ترامب.

لكن سام لو، الشريك في شركة الاستشارات فلينت جلوبال، قال إن العلاقات التجارية لبريطانيا مع الصين قد تزعج ترامب أكثر من تلك التي تربطها بالاتحاد الأوروبي.

وقال «أعتقد أنه من المعقول تماماً أن يطلب دونالد ترامب من المملكة المتحدة فرض تعريفات جمركية جديدة أو قيود تجارية على الصين في مقابل تنازلات من الولايات المتحدة فيما يخص حركة التجارة عبر الأطلنطي، وهذا من شأنه أن يضع المملكة المتحدة في مأزق، بلا شك».