أبقى بنك روسيا المركزي سعر الفائدة الرئيسي عند 21% خلال اجتماعه في ديسمبر، مخالفاً توقعات السوق التي كانت تشير إلى زيادة بمقدار 200 نقطة أساس لتصل إلى 23%؛ يأتي هذا القرار وسط تحديات اقتصادية متعددة، أبرزها ارتفاع التضخم المستمر وضعف الروبل وأزمة القوى العاملة.
أسباب القرار
أوضح البنك المركزي أن تراجع نشاط الائتمان كان أحد الأسباب الرئيسية وراء تثبيت سعر الفائدة، كما أشار إلى أن التضخم الأساسي لا يزال في اتجاه تصاعدي، حيث ارتفعت توقعات التضخم للأسر والشركات، ما دفع البنك إلى رفع توقعاته للتضخم لعامي 2025 و2026.
وجاء القرار بعد مشاورات جمعت محافظ البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة الأعمال، عبّر هؤلاء القادة عن مخاوفهم بشأن تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على النشاط الاقتصادي، ما أسهم في دعم قرار البنك بالإبقاء على المعدل الحالي.
تاريخ أسعار الفائدة في روسيا
شهدت أسعار الفائدة في روسيا تقلبات حادة خلال السنوات الأخيرة، تعكس التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية التي أثرت على الاقتصاد الروسي.
أزمة الروبل 2014-2015:
رفع البنك المركزي سعر الفائدة بشكل كبير إلى 17% في ديسمبر 2014 بعد انهيار أسعار النفط والعقوبات الغربية التي تسببت في تدهور الروبل.
استقرار تدريجي 2016-2019:
بدأ البنك المركزي في تخفيض تدريجي لسعر الفائدة مع استقرار الاقتصاد، حيث وصلت المعدلات إلى نحو 7.25% بحلول منتصف 2019.
جائحة كورونا 2020:
خفض البنك المركزي سعر الفائدة إلى مستويات منخفضة بلغت 4.25% لدعم الاقتصاد المتأثر بالإغلاق وانخفاض الطلب العالمي على النفط.
أزمة أوكرانيا 2022:
رفع البنك المركزي سعر الفائدة بشكل حاد إلى 20% في فبراير 2022 لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
عادت المعدلات إلى الانخفاض التدريجي لاحقاً لتصل إلى 7.5% بحلول أواخر 2022 مع استقرار الروبل.
عودة الارتفاع 2023:
بدأ البنك في رفع أسعار الفائدة مجدداً بسبب تصاعد التضخم وضعف الروبل، حيث وصلت المعدلات إلى 21% في أكتوبر 2023.
التضخم وتأثيره على السياسة النقدية
أظهرت بيانات التضخم الأخيرة أن المعدل السنوي بلغ 8.9% في نوفمبر 2024، مع توقعات بوصوله إلى 9.5% في ديسمبر، وهو الأعلى منذ فبراير 2023، يعكس ذلك استمرار الضغط على الأسر والشركات، ويضع البنك المركزي أمام تحدٍ مزدوج لتحقيق استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي.
التوقعات المستقبلية
يتوقع المحللون أن يظل البنك المركزي حذراً في اتخاذ قراراته القادمة، مع مراقبة دقيقة لمؤشرات التضخم وسوق العمل وسعر صرف الروبل.
ومن المحتمل أن يرفع البنك أسعار الفائدة في المستقبل إذا استمر التضخم في التصاعد، خاصةً مع استمرار الضغوط على الاقتصاد الروسي.