يرتبط الاقتصاد الروسي بسلسلة من العناوين السلبية مع ارتفاع تكاليف الحرب مع أوكرانيا و العقوبات الغربية والتضخم العنيد مروراً بتكاليف الاقتراض الباهظة ومخاطر الإفلاس إلى تباطؤ النمو.

منذ اندلاع الحرب في فبراير شباط 2022، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً «فشل» العقوبات وأشاد بالنمو القوي في مواجهة حالة عدم اليقين غير المسبوقة، ولكن مع حلول عام 2025 تبدو هذه السلسلة التي استمرت ثلاث سنوات من التصريحات الاقتصادية المتفائلة موضعَ شك جدياً.

كانت النكسة الأخيرة للكرملين الأسبوع الماضي عندما تسارع التضخم إلى 8.9 في المئة في نوفمبر، وفقاً للإحصاءات الرسمية، على الرغم من رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة إلى أعلى مستوى في عقدين من الزمان عند 21 في المئة.

أصبح سعر الزبدة، الذي ارتفع بمقدار الثُلث منذ بداية العام، رمزاً للتضخم، مع سلسلة من التقارير عن ارتفاع السرقات من محلات البقالة.

ويرى معظم المحللين المستقلين أن الحرب هي المسؤولة.

وقال كبير الاقتصاديين في وكالة التصنيف الروسية إكسبرت آر إيه، أنطون تاباخ، «السببان الرئيسيان لمشكلات الاقتصاد هما نقص العمال والعقوبات، والأعراض هي ارتفاع الأسعار».

وقد تفاقم نقص العمالة بسبب انضمام مئات الآلاف من الرجال إلى الجيش، أو توظيفهم من قِبل مصنّعي الأسلحة أو فرارهم من البلاد، فضلاً عن تشديد قواعد الهجرة.

وقال الخبير الاقتصادي يفجيني نادورشين، المستشار السابق لوزارة التنمية الاقتصادية، «هذان السببان يعوقان نمو الناتج المحلي الإجمالي».

ويُقدر أن روسيا تفتقر إلى نحو مليون عامل، ما أسهم في ارتفاع الأجور وبالتالي دفع أسعار السلع إلى الارتفاع.

وكذلك فعلت الزيادة الهائلة التي أجراها الكرملين في الإنفاق العسكري، فمن المقرر أن يرتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 67.5 في المئة عام 2025 مقارنة بعام 2021، قبل اندلاع الحرب.

وفي مواجهة هذا الإنفاق الضخم لم يكن لارتفاع أسعار الفائدة حتى الآن سوى تأثير محدود.

وأشارت محافظة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، إلى أنها سترفع أسعار الفائدة مرة أخرى يوم الجمعة، مؤكدة الحاجة إلى علاج «مرض التضخم المزمن».

وقد أثارت أسعار الفائدة المرتفعة احتجاجات من جانب قادة شركات القطاعين العام والخاص، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض في السوق إلى معدلات فائدة تتراوح بين 25 و30 في المئة.

وقال جيرمان جريف، الرئيس التنفيذي لبنك سبيربنك المملوك للدولة، وهو أكبر مُقرض في روسيا، هذا الشهر «لا يمكن للاقتصاد أن يستمر على هذا النحو فترة طويلة».

وقالت السكك الحديدية الروسية إنها ستخفض استثماراتها بنسبة 40 في المئة العام المقبل.

وقد وصف رئيس مجموعة روستيك الصناعية العسكرية وصديق الرئيس المقرب، سيرغي تشيميزوف، أسعار الفائدة التي تزيد على 20 في المئة بأنها «جنون».

ويتوقع المحللون أن تنهار العديد من الشركات غير القادرة على إعادة التمويل.

وقال الخبير الاقتصادي يفجيني نادورشين، «إن عدد حالات الإفلاس على وشك الارتفاع بشكل حاد، خاصةً بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن سيكون هناك بعض حالات الإفلاس بين الشركات الكبيرة أيضاً».

تباطؤ النمو

يتوقع البنك المركزي تباطؤاً حاداً في النمو العام المقبل إلى أقل من 1.5 في المئة، مقارنة بأكثر من 3.5 في المئة هذا العام.

وقد استبعد البنك احتمالات الركود التضخمي، ولكن الكلمة تُستخدم بشكلٍ متزايد في موسكو.

وقد زادت التقلبات الجديدة للعملة الروسية التي انزلقت إلى أضعف مستوياتها مقابل الدولار منذ مارس آذار 2022، من هذه المخاوف.

وهبط الروبل بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المؤسسة المالية الرئيسية، غازبروم بنك، المعنية بجميع المدفوعات الخاصة بصادرات الغاز الروسية.

النقاط المضيئة

ملأت الشركات الصينية العديد من الفجوات التي خلفتها الشركات الغربية التي فرت من السوق، وحصلت موسكو على السلع الخاضعة للعقوبات باستخدام وسطاء، وما زال عجز الميزانية منخفضاً وفقاً للمعايير الدولية، كما أن عائدات الضرائب من مصادر أخرى غير صادرات الطاقة آخذة في الارتفاع، حتى إن الرئيس بوتين قال الشهر الماضي، وسط أزمة التراجع الشديد للروبل «بالتأكيد لا توجد أسباب للذعر».