محادثات وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. خارطة طريق للمستثمرين

محادثات وقف إطلاق النار في أوكرانيا.. خارطة طريق للمستثمرين
كريستيان جاتيكر clock

كريستيان جاتيكر

رئيس قسم الأبحاث في جوليوس باير

تتوفر أرضية مشتركة كافية لإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا، غير أن تعارض الأهداف يشكّل تحدياً أمام إمكانية نجاح مثل هذا الاتفاق على المدى الطويل.

وتتوفر فرصة كبيرة لاستعادة التبادل في مجال الطاقة واستئناف العلاقات المتوقفة نتيجة العقوبات. ومن ناحية أخرى، من المرجّح أن يتواصل ارتفاع الإنفاق الأوروبي على الدفاع حتى في حال التوصل إلى اتفاق، وذلك نظراً إلى الهشاشة الهيكلية للنظام العالمي متعدد الأقطاب.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ومن شأن اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل أن يدعم الإقبال العالمي على المخاطر في الأسواق المالية، غير أنه لن يكون وحده كافياً لإحداث تغيير ملموس في التوقعات الاقتصادية الأوروبية.

تعتمد توقعات الإنفاق على إعادة الإعمار في أوكرانيا على نوعية الاتفاق، إذ إن ضعف الضمانات الأمنية أو غيابها، والقيود المفروضة على تسليح أوكرانيا، والتنازل عن مساحة كبيرة من الأراضي، سيعرقل بشكلٍ كبير الإنفاق على إعادة الإعمار والهجرة العكسية إلى أوكرانيا، ولن يُحدِث في المقابل فرقاً كبيراً في زيادة الإنفاق الدفاعي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

العملات

سيظهر رد الفعل الفوري على أسواق العملات على الأرجح على شكل تراجع طفيف للدولار الأميركي وغيره من عملات الملاذ الآمن، مثل الفرنك السويسري، غير أن الآثار المستدامة لذلك ستعتمد على نوعية الاتفاق، وأمّا على المدى الطويل، قد يؤدي التوصل لاتفاقية السلام ورفع العقوبات المفروضة على روسيا في وقتٍ لاحق إلى زوال المشاعر السلبية الناجمة عن تسليح الدولار، ويُعيد الثقة في مزايا الدولار الأميركي كعُملة احتياط عالمية. وستعتمد الثقة بالدولار الأميركي في هذه الحالة بشكلٍ أكبر على آلية وضع السياسات التي تتبناها إدارة ترامب.

الدخل الثابت

وفي أسواق السندات، أدّى تحسن اتجاهات المستثمرين الناتج عن فرص التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار إلى دعم الجزء الأكثر مخاطرة من فئة الأصول. وأدّت بالفعل احتمالات التوصل إلى الاتفاق إلى ارتفاع العوائد الأوروبية الخالية من المخاطر وتضييق فروق عوائد السندات للشركات الأوروبية.

ولا نتوقع أن تستمر هذه الديناميكيات في المرحلة الراهنة، نظراً إلى أن التحديات الاقتصادية في أوروبا ليست ناجمة عن الحرب في أوكرانيا بشكلٍ أساسي. وبالتالي، لا زال اختيارنا يقع على المستوى الأعلى من الجودة الائتمانية في أسواق الائتمان للشركات باليورو.

وإلى جانب ذلك، لا نتوقع أن تواصل عوائد اليورو طويلة الأجل ارتفاعها في المستقبل. ورغم التوقعات بزيادة الإنفاق على الدفاع، لن يُحدث ذلك أي تحولات جذرية، وينبغي ألّا يؤدي مرة أخرى إلى زيادة تدقيق المستثمرين في معدلات العجز في الميزانية الوطنية. فإما أن نشهد زيادة في التمويل المشترك من الاتحاد الأوروبي، وإمّا أن يتم وضع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي بشكلٍ أكثر مرونة. وبالتالي، يجب ألّا يؤدي ذلك إلى زيادة مخاطر التجزئة بين أسواق السندات السيادية في منطقة اليورو، وهو ما سيسمح لنا بالحفاظ على تصنيف قوي للديون السيادية في الدول المحيطة مقابل السندات الحكومية الأساسية في منطقة اليورو.

الأسهم

قد يؤدي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار إلى تعزيز الارتفاع الحالي في الأسهم الأوروبية نتيجة لانخفاض حالة عدم اليقين وتراجع أسعار الطاقة، ما سينعكس إيجاباً على معنويات المستهلكين ويخفف الضغوط على هوامش التشغيل، كما من المتوقع أن يعود وقف إطلاق النار بالفائدة على الأسهم في القطاعات الدورية، مثل الكيماويات ومواد البناء والتصنيع، بشكلٍ غير متناسب.

وعلى صعيد الاقتصادات الناشئة، تشير التوقعات إلى أن بولندا ستكون من أكبر المستفيدين من جهود إعادة الإعمار وانخفاض أسعار الغاز.

وإضافة إلى ذلك، لا نزال نشعر بالحذر من الآثار السلبية المحتملة، مثل النتائج الناجمة عن احتمال عودة المهاجرين الأوكرانيين على الاستهلاك المحلي وتفاقم تضخم الأجور في ظل ظروف سوق العمل الصعبة بالفعل.

وتحولت اتجاهات المستثمرين إزاء الأسهم الأوروبية من حالة الإفراط في التشاؤم في بداية العام إلى التفاؤل الحذر، وهو ما ينعكس في خطط المستثمرين واستراتيجياتهم للمستقبل.

ولذلك، فإننا نلمس تزايد المخاطر الناجمة عن استراتيجية «البيع بمجرد الإعلان عن الخبر»، والتي يقوم فيها المستثمرون بجني الأرباح بمجرد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار.

السلع

يُرجّح أن تكون زيادة إمدادات الطاقة من نتائج اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل، ولم تتغير وجهة نظرنا في هذا الصدد، إذ من المتوقع أن تنخفض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بسبب ارتفاع الواردات الخارجية بالتزامن مع انحسار اتجاهات التفاؤل المفرط في السوق. ويبقى الإقبال على الذهب كأصل احتياطي لعملات البنوك المركزية مرتفعاً بسبب الهشاشة الهيكلية للنظام العالمي متعدد الأقطاب والتوجه الأميركي لاستخدام جميع الأدوات المتاحة للوساطة في إبرام الصفقات التي تصب في صالحها.

ويبدو هذا مفاجئاً إلى حد ما، لا سيما في ضوء اعتبار الذهب إلى حد كبير وسيلة تحوط جيوسياسية وأن الحرب في أوكرانيا كانت عاملاً مهماً في الارتفاع الحالي. وبعيداً عن أي تأثير قصير الأجل على اتجاهات السوق، والذي يمكن أن يحدث بمجرد إحراز تقدم في محادثات وقف إطلاق النار، خاصةً بسبب الوضع الأحادي الجانب للغاية في سوق العقود الآجلة، لا نعتقد أن التوجّه الأساسي تجاه الذهب سيتغير بشكلٍ كبير على المدى الطويل. لذا، نؤكد نظرتنا الإيجابية تجاه الذهب ونرى في أي تراجع قريب الأجل فرصة للشراء على المدى الطويل.