مركز مشاريع البنية التحتية : دور محوري في التنمية الحضرية للرياض

مركز مشاريع البنية التحتية : دور  محوري في التنمية الحضرية للرياض
كريستوفر إدواردز أليس جونز clock

كريستوفر إدواردز أليس جونز

مستشار وشريكة في ريد سميث

كريستوفر إدواردز و أليس جونز

تشهد العاصمة السعودية الرياض نقلة نوعية في هذه المرحلة، تبرز فيها مشاريع البنية التحتية الطموحة وآفاق النمو الواعدة. ويتناول هذا المقال إنشاء مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض، الذي يلعب دوراً محورياً في تطوير البنية التحتية للعاصمة، كما يتعمق في مختلف جوانب مشهد البنية التحتية الأوسع في المملكة العربية السعودية، ليسلط الضوء على الاتجاهات الرئيسية السائدة والمتعلقة بمرونة سلسلة التوريد، والاستدامة البيئية، والنقل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يعود تاريخ إنشاء مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض إلى شهر يوليو 2023، وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 902 لعام 1444 هجري. وهو هيئة عامة تُعنى بالإشراف على التنمية الحضرية من قِبل القطاعين العام والخاص في مدينة الرياض. ويهدف المركز إلى تحسين كفاءة تخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية في العاصمة السعودية من خلال التخطيط المتكامل، وإدارة شؤون الجهات المعنية بشكل فعال، والتنسيق لدعم تطلعات نمو العاصمة.

وقد حقق المركز منذ إنشائه تقدماً لافتاً نحو تحقيق أهدافه، حيث أعلن في العام الماضي عن إصدار أول رخصة للحفريات المتعلقة بتوصيلات المرافق، الأمر الذي شكل بدايةً لمرحلة إصدار التراخيص بشكل تدريجي. كما عمل المركز على تفعيل عملياته في 19 محافظة و47 بلدية في أنحاء الرياض، مما أسهم في دعم عمليات مراقبة المشاريع وتقديم الخدمات.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

وكشف المركز في 10 فبراير من هذا العام عن "المخطط الشامل التفصيلي لأعمال مشاريع البنية التحتية بالرياض" ("المخطط الشامل التفصيلي")، الذي يمثل نقلة نوعية في أساليب تطوير البنية التحتية التي يتم تنفيذها في المدينة. ويسهم المخطط في إنهاء العشوائية والفردية التي كانت سائدة عند إنجاز المشاريع، والتي سببت مشاكل جمة لسكان وزائري المنطقة، كما يعيد التركيز على التخطيط الاستراتيجي وجهود التنسيق الجماعي بهدف تحقيق أفضل النتائج.

ويأتي افتتاح مركز مشاريع البنية التحتية بمنطقة الرياض وإطلاق المخطط الشامل التفصيلي في الوقت المناسب، نظراً لتزايد الاستثمارات الأجنبية في العاصمة وفي جميع أنحاء المملكة. وقد أصبح الاستثمار الأجنبي أكثر سهولة بعد صدور قانون الاستثمار الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا العام، ما يؤكد التزام المملكة الراسخ بتحقيق رؤية السعودية 2030. وفي ضوء هذه التطورات، تظهر العديد من الاتجاهات الجديدة لتطوير البنية التحتية في جميع أنحاء المملكة.

ويتمثل الاتجاه الأول في التزام المملكة العربية السعودية بالاستدامة البيئية، لا سيما في مكانتها الرائدة في مجال الطاقة الهيدروجينية. وتبرز في هذا المجال المساعي المتعلقة بتنويع مصادر الطاقة في المملكة، والتي صيغت في إطار مبادرة السعودية الخضراء، حيث أسهمت هذه المساعي في المساعدة على الوفاء بالالتزام الأوسع نطاقاً للمملكة في مجال الاستدامة، مع اغتنام فرص الأعمال المتاحة في مجال الطاقة النظيفة كجزء من جهود المملكة لتنويع مصادر الطاقة والحد من الاعتماد على النفط الخام.

ويبرز الهيدروجين على الصعيد العالمي كمصدر شائع للطاقة البديلة، ومن المتوقع أن يزداد تداوله في الفترة المقبلة بالنظر إلى المخاوف بشأن الاحتباس الحراري. وتمتلك السعودية فرصة فريدة للهيمنة على اقتصاد الهيدروجين بفضل موقعها الجغرافي والمناخي المميز. وقد كشفت دراسة مشتركة تم إجراؤها ضمن الحوار السعودي الألماني القائم حول الطاقة، أنّ السعودية لديها القدرة على إنتاج هيدروجين قائم على الطاقة الشمسية يفوق ما تنتجه الدول الأوروبية المنتجة للهيدروجين بحوالي 17 ضعفاً وبتكلفة أقل، بفضل المستويات العالية من أشعة الشمس فيها.

وتمضي المملكة قدماً نحو تحقيق هذا الإنجاز من خلال مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر، أكبر منشأة لإنتاج الطاقة الخضراء في العالم، وهو مصمم لإنتاج 600 طن من الهيدروجين الخالي من الكربون يومياً من مزارع الرياح والطاقة الشمسية البرية.

أما الاتجاه الثاني: فإنه يتضمن عدداً من المبادرات الرامية إلى تحسين مرونة سلسلة التوريد. وكشف تقرير شركة جيه إل إل للربع الأول من عام 2024 أن لدى المملكة مشاريع بناء مخطط لها وغير ممنوحة بقيمة 1.5 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يُمثل نسبة كبيرة تبلغ 39% من إجمالي مشاريع البناء قيد التنفيذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والبالغة قيمتها 3.9 تريليون دولار أمريكي. وفي ضوء ذلك، تبرز المكانة الرائدة للمملكة العربية السعودية في أنشطة البناء على الصعيدين الإقليمي والدولي. كما تشهد المملكة تنفيذ العديد من مشاريعها في وقت واحد، مما يُشكل ضغطاً كبيراً على سلاسل التوريد لتلبية الطلب المتزايد على المواد والمعدات والقوى العاملة.

وتم إطلاق مبادرات مدعومة من الحكومة لتعزيز قدرات التصنيع المحلية في المملكة، مما يتيح لها تلبية متطلبات قطاع البناء والتشييد بموادٍ محلية الصنع، كالصلب والإسمنت والزجاج. ولا يمكن للإنتاج المحلي حالياً أن يلبي احتياجات مشاريع البناء واسعة النطاق في المملكة؛ نظراً للكميات الهائلة من المواد المطلوبة وتداخل الجداول الزمنية للمشاريع. ونتيجةً لذلك، لا يجد المقاولون أمامهم من خيار سوى الاستمرار في الاعتماد على المواد والمعدات المستوردة، التي تخضع لعوامل متغيرة لا يمكن التحكم بها كالأسواق العالمية والسياسات التجارية والتوترات الجيوسياسية.

أما الاتجاه الثالث، فيتجلى في الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها المملكة لتحديث البنية التحتية الحالية للنقل العام. ويهدف ذلك في المقام الأول إلى التعامل مع الزيادة المتوقعة في حركة الركاب خلال الفعاليات الدولية القادمة، مثل دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029، ومعرض إكسبو 2030، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 2034، بالإضافة على دعم مستهدفات السياحة الأوسع في المملكة.

وتستعد المملكة العربية السعودية لتوسيع نظام المترو الخاص بها بإضافة خط سابع إلى شبكتها الحالية، يمتد بطول 65 كيلومتراً ويتضمن 19 محطة إضافية. وتبلغ تكلفة هذا المشروع حوالي 20 مليار دولار أمريكي. كما يجري العمل على تطوير الطرق والمطارات الدولية في المملكة، وقد أعلنت الهيئة العامة للطرق في نوفمبر 2024 عن مشروع إصلاح شامل للبنية التحتية للطرق في الرياض، بتكلفة 798 مليون دولار أمريكي. يضاف إلى ذلك وجود خطط لإعادة تصميم وتوسيع محطات الركاب الحالية في مطاري الملك خالد الدولي بالرياض والملك عبد العزيز الدولي بجدة.

وتعمل المملكة أيضاً على تعزيز الخدمات اللوجستية وعمليات الموانئ من خلال تعزيز قدرات بعض موانئها الحالية، مثل ميناء الملك عبد العزيز الدولي في الدمام. وأطلقت في العام الماضي مشروعاً يتضمن تشييد محطة جديدة للخدمات اللوجستية في ميناء جدة الإسلامي بتكلفة 250 مليون دولار أمريكي، لتوفير مرافق تخزين وتوزيع أكبر حجماً. ومن المتوقع أن تلعب هذه المشاريع دوراً رئيسياً في تسهيل عملية تدفق الصادرات والواردات، والحد من بعض التحديات التي تواجهها سلاسل التوريد السعودية.

ولا تقتصر أهمية تطوير البنية التحتية على التنمية المادية، فهو يعكس مقدار الالتزام بإرساء مستقبل مستدام ومزدهر في المملكة، مما يعزز مكانتها الرائدة في قطاع البناء والتشييد.

تم إعداد هذه المقالة لصالح CNN الاقتصادية، والآراء الواردة فيها تمثّل آراء الكاتب فقط ولا تعكس أو تمثّل بأي شكل من الأشكال آراء أو وجهات نظر أو مواقف شبكة CNN الاقتصادية.

كريس إدواردز - مستشار قانوني في ريد سميث، يتمتع بخبرة تزيد عن عقد في تقديم الاستشارات للعملاء في مشاريع البناء المعقدة والنزاعات.

أليس جونز - شريكة في ريد سميث، محامية متخصصة في النزاعات، تركز ممارستها على مشاريع البناء والبنية التحتية الكبرى، بالإضافة إلى النزاعات التجارية العامة، في جميع أنحاء الشرق الأوسط.