تبدأ أسعار منازل الموتى في برج شان سوم من 53 ألف دولار لمساحة ليست أكبر بكثير من صندوق أحذية، وهو مكان باهظ للإقامة حتى في مدينة هونغ كونغ التي تشتهر بأغلى سوق للعقارات في العالم.

ويستهدف برج شان سوم المكون من 12 طابقاً نوعاً خاصاً من المشترين، فهو يحتوي على منازل مخصصة للأشخاص الذين يبحثون عن مكان مريح وهادئ للحياة الآخرة، والذي يعتبر أمراً مهماً في الثقافة الصينية.

هذا البرج الشاهق الذي يديره القطاع الخاص هو من بنات أفكار مارغريت زي، سيدة الأعمال السبعينية التي جمعت ثروتها في مجال المجوهرات والعقارات، ويهدف إلى تخزين بقايا جثث محترقة تسع لنحو 23 ألف جرة رماد.

وقالت زي لشبكة «CNN»، إن احترام الموتى أمر مهم في الثقافة الصينية، وكثير من الناس على استعداد لبذل قصارى جهدهم لتكريم هذا التقليد.

منازل خاصة لتخزين رفات جقق الموتى بهونغ كونغ
منازل خاصة لتخزين رفات جثث الموتى بهونغ كونغ من الداخل

وتصل تكلفة المنافذ التي يمكنها تخزين جرارتين إلى 76 ألف دولار (598 ألف دولار هونغ كونغ)، في حين أن الوحدات العائلية التي يمكنها استيعاب رماد ما يصل إلى ثمانية أشخاص تصل إلى 430 ألف دولار (3.38 مليون دولار هونغ كونغ).

ومع وجود أماكن تبلغ مساحتها نحو قدم مربعة واحدة، يمكن القول إن القدم المربعة الواحدة في هذا البرج أغلى نسبياً من مثيلتها بأغلى عقار في المدينة للمعيشة، (قصر في منطقة ذي بيك) والذي اجتذب عرضاً في مارس آذار بقيمة 32 ألف دولار للقدم المربعة.

قد لا يبدو مثل هذا الاستثمار سيئاً للغاية، بالنظر إلى الأفق طويل المدى للحياة الآخرة في ثقافة الصينيين، لكن الأضرحة الخاصة مثل شان سوم لا تقدّم مكاناً للراحة للأبد، إذ يمكن تخزين الرماد هناك فقط لمدة الترخيص الخاص بالمنشأة، والذي أصدرته حكومة هونغ كونغ بحد أقصى عشر سنوات، ما يجعل هذه الأضرحة متاحة حتى عام 2033 فقط.

أزمة العقارات تضغط على منازل الموتى والأحياء

في مدينة يسكنها أكثر من سبعة ملايين شخص وبعض الأحياء الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، تزداد المنافسة على العقارات والمنازل لكل من الأحياء والأموات.

منازل خاصة لتخزين رفات جقق الموتى بهونغ كونغ
مبنى متعدد الطوابق لمنازل خاصة لتخزين رفات جثث الموتى بهونغ كونغ

وتتأثر أسعار الأضرحة أيضاً بسبب عدم التوازن بين العرض والطلب في هونغ كونغ الذي أدّى إلى ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات قياسية.

وفي حين أن هونغ كونغ ليست مكاناً صغيراً، إذ تبلغ مساحتها 1110 كيلومترات مربعاً، أي نحو 1.4 ضعف مساحة مدينة نيويورك، إلّا أن تضاريسها الجبلية تجعل الكثير من أراضيها غير مناسبة للتنمية.

ويستمر هذا الضغط على مساحات تخزين بقايا جثث الموتى، ويتفاقم بسبب تسارع شيخوخة سكان هونغ كونغ، إذ إنه على الأقل واحد من كل خمسة أشخاص بهونغ كونغ يزيد عمره على 65 عاماً، وفقاً للبيانات الحكومية، ومن المتوقع أن يقفز هذا الرقم ليصل إلى واحد من كل ثلاثة بحلول عام 2069.

دفن الموتى في الثقافة الصينية

على رغم من أن أكثر من 90 في المئة من سكان هونغ كونغ يختارون حرق جثث الموتى، فإن مساحة تخزين رفاتهم آخذة في النفاد، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه بدلاً من نثر الرماد، يفضّل الصينيون ذوو التفكير التقليدي مكاناً مادياً حيث يمكنهم تقديم الاحترام والقرابين للموتى.

منازل خاصة لتخزين رفات جقق الموتى بهونغ كونغ
بعض المنازل الخاصة لتخزين رفات جثث الموتى بهونغ كونغ أغلى من سكن الأحياء

ويوجد حالياً ما يقل قليلاً عن 135 ألفاً من المنافذ العامة المتاحة في المرافق التي تديرها الحكومة لتخزين رفات الموتى، مع عقد إيجار يبلغ نحو 300 دولار لمدة 20 عاماً، لكن المنافسة شرسة، وفي السنوات الأخيرة انتظرت بعض العائلات سنوات للحصول على مكان.

مع ذلك، كما هو الحال مع العديد من الأشياء في هذه المدينة ذات العقلية التجارية، (حيث يبلغ متوسط ​​الأجر الشهري فقط 2400 دولار مقابل الكثير من المليارديرات)، فهناك خيارات لأولئك الذين يتوقون إلى الحصول على شيء أكثر تميزاً.

وهذا هو هدف أماكن مثل شان سوم التي تُدار من قِبل القطاع الخاص، وتزيّن بالديكورات الداخلية المزخرفة بالرخام الأبيض، وتتميز بمزيلات الرطوبة وأنظمة تكييف الهواء، مع توافر تطبيق تحجز العائلات من خلاله مسبقاً فترة زمنية لتقديم العروض للأسلاف المتوفين.

وقال المهندس المعماري لبرج شان سوم أولريش كيرشوف لشبكة «CNN»، إن المبنى يضم شرفات متعرجة تصطف على جانبيها حدائق للعائلات التي تزور أسلافها، في حين أن حوالي خُمس مساحة المبنى عبارة عن مساحة مفتوحة.

(كاثلين ماغرامو – CNN).