أفادت تقارير بأن البنوك الصينية تسعى جاهدة لإنقاذ شركة تشاينا فانكي إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في البلاد بعد أن خفّضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني إلى حالة (غير مرغوب فيها) يوم الاثنين.

وتكافح بكين من أجل استعادة الثقة في قطاع العقارات المتعثر في البلاد، ويبدو أنها تعمل جاهدة لحماية شركة تشاينا فانكي (China Vanke) من الوصول إلى نهاية مشابهة لكلٍّ من شركتي إيفرغراند و كونتري غاردن، اللتين عجزتا عن سداد ديونهما وتواجهان اليوم خطر التصفية.

ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية يوم الثلاثاء أن 12 بنكاً رئيسياً، بما في ذلك أكبر ستة بنوك مملوكة للدولة، تجري محادثات لتقديم قرض مشترك لشركة فانكي بقيمة تصل إلى 80 مليار يوان (11.2 مليار دولار) لتمكين الشركة من الوفاء بمواعيد السداد القادمة.

وذكرت وسيلة الإعلام الحكومية كايليانشي نقلاً عن مصدر لم يذكر اسمه مطلع على الصفقة المحتملة، أن توفير القرض لا يزال غير مؤكد، وأفادت وسيلة إعلام حكومية أخرى، وهي (المراقب الاقتصادي)، بأن العديد من شركات التأمين أرسلت فرقاً إلى مقر فانكي لإجراء جولة جديدة من مفاوضات الديون في محاولة لتجنب التخلف عن السداد.

تأسست شركة فانكي قبل 40 عاماً، وكانت ثاني أكبر شركة تطوير في البلاد من حيث المبيعات العام الماضي، لكنها تضررت بسبب انهيار الطلب على الشقق وتراجع أسعار المنازل.

وارتفعت أسهم الشركة في هونغ كونغ وشنتشن بعد التقارير عن تمويل جديد محتمل. وفي يوم الثلاثاء، أنهت أسهمها المدرجة في هونغ كونغ ارتفاعاً بنسبة 10.3 في المئة، في حين أغلقت الأسهم المتداولة في شنتشن مرتفعة بنسبة 5.7 في المئة، لكنهم ما زالوا في المنطقة السلبية حتى الآن هذا العام.

وفي يوم الاثنين، خفّضت وكالة موديز تصنيف فانكي إلى (Ba1)، والذي يشار إليه غالباً بالتصنيف غير المرغوب فيه، وهذا يعني أن الشركة بحاجة إلى تقديم عائد أعلى على سنداتها للتعويض عن المخاطر الأكبر للتخلف عن السداد التي يتحملها مستثمرو السندات.

وقال كافين تسانغ، نائب الرئيس الأول في وكالة موديز، في بيان صحفي «تعكس إجراءات التصنيف توقعات وكالة موديز بأن مقاييس الائتمان الخاصة بشركة تشاينا فانكي والمرونة المالية واحتياط السيولة ستضعف على مدى الـ12 إلى 18 شهراً القادمة بسبب انخفاض مبيعاتها المتعاقد عليها وتزايد عدم اليقين بشأن قدرتها على الحصول على التمويل وسط الانكماش المطول في سوق العقارات في الصين».

أمّا وكالات التصنيف الدولية الأخرى مثل ستاندرد آند بورز وفيتش فقد أبقت على تصنيفات فانكي عند درجة الاستثمار.

تاريخ فانكي

تأسست شركة فانكي عام 1984 في شنتشن، وهي شركة رائدة في قطاع العقارات في الصين، يعتبر مؤسسها وانغ شي (الأب الروحي) للقطاع وقد شبّهته مجلة تايم بدونالد ترامب، وكانت أول شركة عقارية مدرجة في الصين، وقامت بطرح عام أولي رفيع المستوى في عام 1991 في بورصة شنتشن التي لا تزال ناشئة.

في عام 2017، ومن أجل درء محاولة استحواذ عدائية من قِبل مستثمر ناشط صيني، سمحت الشركة لحكومة شنتشن بالتدخل كأكبر مساهم فيها، حالياً 33.4 في المئة من فانكي مملوكة لشركة شنتشن ميترو (Shenzhen Metro)، التي تسيطر عليها الحكومة، وفقاً لريفينيتيف آيكون (Refinitiv Eikon).

وقبل أن تصبح أزمتها النقدية علنية في أواخر العام الماضي، كانت الشركة واحدة من المطورين القليلين الذين اعتبرتهم وكالات التصنيف الدولية سليمين من الناحية المالية.

بداية التدهور

وتعكس خطوة موديز المخاوف المتزايدة من أن ظروف السوق السامة، بما في ذلك ضعف الطلب وبيئة التمويل الصعبة، في قطاع العقارات الصينية، تؤدي إلى تراجع حتى الشركات التي تتمتع بصحة جيدة نسبياً والتي تتمتع بدعم قوي من الدولة.

انخفضت مبيعات فانكي المتعاقد عليها بنسبة 10 في المئة عام 2023 إلى 376.12 مليار يوان (52.4 مليار دولار)، وفي يناير كانون الثاني 2024، انخفضت مبيعاتها بنسبة 32 في المئة.

كما تخلص المستثمرون من أسهم الشركة في الأشهر القليلة الماضية، وخسرت أسهمها المدرجة في هونغ كونغ ما يقرب من 30 في المئة منذ نوفمبر تشرين الثاني، وحتى الآن هذا العام، انخفض بنسبة 9 في المئة.

تسعى بكين جاهدة لإصلاح أزمتها العقارية منذ عام 2021، عندما تخلفت شركة إيفرغراند، المطور الأكثر مديونية في العالم، عن سداد ديونها الدولية. وانتشرت الأزمة بعد ذلك، حيث فشل العشرات من كبار المطورين أيضاً في سداد مستحقات الدائنين. وقد هددت التداعيات -التي قوضت ثقة مشتري المنازل والشركات والمستثمرين- الاقتصاد الأوسع.

وفشلت إجراءات التحفيز التي نفذتها السلطات الصينية حتى الآن في إنعاش القطاع، وفي عام 2023، انخفضت مبيعات العقارات بنسبة 6.5 في المئة مقارنة بعام 2022. وانخفض الاستثمار العقاري بنسبة 9.6 في المئة، وهو العام الثاني على التوالي من الانخفاض.

في الأسبوع الماضي، قال ني هونغ، وزير الإسكان الصيني، للصحفيين خلال المؤتمر الشعبي الوطني إن الجهات التنظيمية ستدعم احتياجات التمويل «المعقولة» لشركات تطوير العقارات.

وكرر آلية «القائمة البيضاء» التي تم إنشاؤها مؤخراً لضخ السيولة في القطاع المتضرر من الأزمة، وتمت مطابقة أكثر من 6 آلاف مشروع عقاري في مختلف أنحاء البلاد مع قروض التنمية من قبل البنوك.

لكنه قال أيضاً إن بكين لن تنقذ المطورين الذين يواجهون مشكلات «خطيرة»، وأضاف: «بالنسبة للشركات العقارية التي تعاني الإعسار الشديد وفقدت قدراتها التشغيلية، [علينا] السماح لها بالإفلاس أو إعادة هيكلتها».

وكتب محللو بنك نومورا يوم الاثنين: «نعتبر اللهجة سلبية»، وقالوا إن ني كان قد أوضح أن أولوية الحكومة هي ضمان تسليم مشاريع العقارات، لا حماية أعمال المطورين.

(لورا هي – CNN)