حذَّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) اليوم الثلاثاء من أن خدمة الدين الخارجي للدول النامية سجلت رقماً قياسياً بلغ 1.4 تريليون دولار في عام 2023، ما يضع عبئاً هائلاً على اقتصادات هذه الدول ويؤثر سلباً على الإنفاق التنموي. ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، ارتفعت تكاليف الفوائد على الديون بشكل كبير، إذ أصبحت تمثل في المتوسط 9.5 في المئة من إيرادات الحكومات النامية، مقارنة بـ6.4 في المئة في 2021، أي أكثر من ضعف ما كانت عليه قبل عشر سنوات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن عدد الدول النامية التي تدفع فوائد على ديونها بما يفوق 10 في المئة من إيراداتها ارتفع إلى 56 دولة، أي ما يعادل 45 في المئة من إجمالي الدول النامية، وهو ضعف العدد المسجل قبل عقد، وفي 17 دولة تشكل مدفوعات الفوائد أكثر من 20 في المئة من الإيرادات، وهي نسبة تتجاوز الخط الأحمر المرتبط بمخاطر التخلف عن السداد.
إفريقيا الأكثر تأثراً
إحدى أكثر المناطق تضرراً هي إفريقيا جنوب الصحراء، إذ تضاعفت مدفوعات الفوائد ثلاث مرات خلال العقد الماضي، لتصل إلى معدل 11 في المئة من الإيرادات في 2024، كما تشير البيانات إلى أن 37 في المئة من دول المنطقة تدفع أكثر من 20 في المئة من إيراداتها لخدمة الديون، وهو أعلى معدل خلال أكثر من عقدين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
الدين الخارجي يُكبِّل الاقتصادات النامية
ارتفعت خدمة الدين العام الخارجي للدول النامية، لتصل في 2023 إلى 12.5 في المئة من عائدات التصدير، بينما تجاوزت النسبة 20 في المئة في 24 دولة، أما بالنسبة للديون العامة فقط، فقد أنفقت الحكومات ما يعادل 6.5 في المئة من إيرادات الصادرات على سداد الديون، مقارنة بـ5 في المئة قبل عقد.
الأمر اللافت هو أن التدفقات المالية الصافية إلى الدول النامية أصبحت سالبة للعام الثاني على التوالي، إذ دفع المقترضون 535 مليار دولار أكثر مما تلقوه كقروض جديدة خلال عامي 2022 و2023. ومع انسحاب الدائنين من القطاع الخاص وانتهاء مبادرة تعليق خدمة الدين (DSSI)، لم تستطع الدول الفقيرة تجنب العجز إلا بفضل القروض المتزايدة من المؤسسات المتعددة الأطراف.
تصنيف الديون.. نظرة قاتمة
تعكس تصنيفات الديون سيادة حالة عدم الاستقرار المالي في الاقتصادات النامية، من بين 67 دولة من أفقر الدول التي تم تقييمها وفقاً لتحليل استدامة الديون (DSA)، صنفت 11 دولة على أنها في حالة تخلف عن السداد، بينما تواجه 24 دولة مخاطر عالية للتعثر المالي، في إفريقيا جنوب الصحراء لم تحصل أي دولة مؤخراً على تصنيف مخاطر منخفضة.
أما على مستوى التصنيفات الائتمانية، فإن 88 دولة نامية لديها تصنيف ائتماني سيادي، ولكن 60 في المئة منها تُصنَّف على أنها مضاربة أو أسوأ (B+ أو أدنى وفقاً لوكالات التصنيف العالمية)، منذ عام 2020، شهد العالم 15 حالة تخلف عن السداد السيادي بالعملة الأجنبية، وهو ما يمثل ثلث جميع حالات التعثر السيادي منذ عام 2000.
ويُعقد مؤتمر الأمم المتحدة للتمويل من أجل التنمية هذا العام وسط دعوات متزايدة لتبني إصلاحات هيكلية عاجلة لمعالجة أزمة الديون، من بين الحلول المطروحة، إصلاح آليات إعادة هيكلة الديون بحيث تصبح أكثر سهولة وشفافية، وإطلاق مبادرة شاملة لإعفاء الدول الأشد فقراً من الديون، مع التركيز على الدول المصنفة في حالة تخلف أو مخاطر عالية، بالإضافة إلى خفض تكاليف الاقتراض من الأسواق المالية، حيث تشير بيانات التصنيفات الائتمانية إلى أن هوامش الفائدة المفروضة على الدول النامية تتجاوز معدلات المخاطر الفعلية، ما يزيد من عبء الديون.
ووفقاً للتقرير، فإن إعفاء 31 دولة من أفقر الدول التي تواجه خطر التعثر عن سداد ديونها من ديونها الخارجية العامة البالغة 205 مليارات دولار سيكلف أقل من ثلث المخصصات الأخيرة من حقوق السحب الخاصة (SDRs) التي قدمها صندوق النقد الدولي.