فرنسا والجزائر.. عودة حذرة للعلاقات وسط ضغوط المصالح

فرنسا والجزائر: عودة حذرة للعلاقات وسط ضغوط المصالح (شترستوك)
فرنسا والجزائر: عودة حذرة للعلاقات وسط ضغوط المصالح
فرنسا والجزائر: عودة حذرة للعلاقات وسط ضغوط المصالح (شترستوك)

بعد شهور من الجمود والتوتر السياسي بين باريس والجزائر، عادت فرنسا لتؤكد أن العلاقات بين البلدين عادت إلى طبيعتها، وذلك عقب محادثات استغرقت ساعتين ونصف جمعت وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في العاصمة الجزائر.

يأتي هذا التحوّل بعد أزمة دبلوماسية اندلعت منذ يوليو تموز الماضي، عندما أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غضب الجزائر بشأن خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

بعيداً عن السياسة، هذا الفتور حمل أثماناً اقتصادية وأمنية ثقيلة، فالعلاقات الاقتصادية بين البلدين كبيرة، إذ ترتبط فرنسا بتجارة نشطة مع الجزائر، ويمتد التأثير إلى المجتمع الفرنسي نفسه، إذ إن نحو 10 في المئة من سكان فرنسا البالغ عددهم 68 مليون نسمة تربطهم جذور أو علاقات مباشرة بالجزائر.

وكانت الشركات الفرنسية قد واجهت صعوبات متزايدة في الجزائر خلال الأشهر الماضية، منها عراقيل إدارية وتأخير في التمويلات الجديدة، إضافة إلى استبعاد غير معلن للقمح الفرنسي من مناقصات الاستيراد التي تجريها الوكالة الجزائرية للحبوب منذ أكتوبر تشرين الأول، رغم نفي الجزائر وجود تمييز في المعايير.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

أشار الوزير بارو بوضوح إلى هذه النقاط، وأكد أنه تلقى «تطمينات شخصية» من تبون بإعادة الزخم إلى قطاعات مثل الزراعة والصناعة الغذائية وصناعة السيارات والنقل البحري، كما شدّد على أن «الستار قد أُسدل» على الأزمة، نقلاً عن كلمات الرئيس تبون نفسه.

وازداد التوتر مع توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال البالغ من العمر 80 عاماً في نوفمبر تشرين الثاني، والذي صدر بحقه لاحقاً حكم بالسجن خمس سنوات، وأعرب الوزير الفرنسي عن أمله في «بادرة إنسانية» من الجزائر نظراً لعمره ووضعه الصحي.

وفي خلفية كل ذلك، تبرز قضية الهجرة التي باتت تشكل ضغطاً داخلياً على ماكرون في ظل تصاعد خطاب اليمين. باريس تلوّح بإعادة النظر في اتفاق 1968 الذي يسهل دخول الجزائريين إلى فرنسا، في وقت ترفض فيه الجزائر استقبال بعض مواطنيها الصادرة بحقهم أوامر ترحيل بموجب نظام أمر بمغادرة الأراضي الفرنسية «OQTF».

أعلن بارو أن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو سيزور الجزائر قريباً لاستئناف الحوار بشأن التعاون القضائي والهجرة.

خلف هذه التطورات السياسية والاقتصادية، لا تزال العلاقة بين البلدين مرهونة بذاكرة دامية تعود إلى حرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962)، حين كانت الجزائر تُعامل كمقاطعة فرنسية وموطناً لمجتمع أوروبي كبير، قبل أن تنتزع استقلالها بعد حرب خلفت جروحاً عميقة لم تلتئم بعد.