تشهد سوق ألعاب الفيديو تحولاً لافتاً قد يغير نظرة المستهلكين إليها، بعدما أعلنت شركتا «سوني» و«مايكروسوفت» عن زيادات غير مسبوقة في أسعار أجهزتهما، ما يعكس توجهاً عاماً في القطاع يتوقع خبراء أن يستمر في السنوات المقبلة.
ففي أوروبا، ارتفع سعر جهاز «بلاي ستيشن 5» من 399-499 يورو عند إطلاقه عام 2020 إلى ما بين 499 و549 يورو اليوم، وبالمثل قفز سعر جهاز «إكس بوكس سيريز» من 299 إلى ما يصل إلى 599 يورو، وسط ضغوط متزايدة بفعل الرسوم الجمركية الأميركية وارتفاع تكاليف الإنتاج.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ورغم أن أسعار الأجهزة الإلكترونية عادة ما تنخفض مع مرور الوقت، يرى محللون أن السياسات الحمائية التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب –وعلى رأسها الرسوم الجمركية التي وصلت إلى 145% على المنتجات الصينية– كانت عاملاً حاسماً في هذه الزيادة، وتشير بيانات شركة «نيكو بارتنرز» إلى أن 75% من أجهزة الألعاب التي دخلت السوق الأميركية في 2024 صُنعت في الصين.
وفي ظل هذه الظروف، بررت «مايكروسوفت» الزيادة بأنها وسيلة «للتكيّف مع الارتفاعات الفعلية في الأسعار»، خاصة في الأسواق الخارجية التي تُعد أساسية للشركة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
أما شركة «نينتندو»، فنجحت حتى الآن في تفادي موجة الغلاء، بفضل نقل جزء من إنتاجها إلى فيتنام منذ عام 2019، وهو ما منحها فترة سماح مؤقتة من تطبيق رسوم جمركية جديدة، لكن هذه الحماية قد تكون قصيرة الأجل، إذ إن الرسوم المجمدة (46%) قد تعود للظهور، ما قد يرفع أسعار أجهزتها بمئات الدولارات، وفقًا للخبير كريستوفر درينغ.
أسعار الألعاب أيضاً ترتفع
لم يقتصر الغلاء على الأجهزة، إذ طالت الزيادة أسعار الألعاب أيضاً، فقد أثارت «نينتندو» موجة استياء بعد تسعير لعبتها الجديدة «ماريو كارت وورلد» بين 80 و90 يورو، فيما أعلنت «مايكروسوفت» عن زيادة عامة بقيمة 10 دولارات في ألعابها المستقبلية، لتصبح أسعارها نحو 80 دولاراً.
وتوقعت شركة «نيكو بارتنرز» أن هذه الأسعار المرتفعة ستصبح القاعدة في السوق خلال العامين المقبلين، في ظل سعي الشركات للحفاظ على ربحيتها وسط تباطؤ النمو.
المستهلكون يبحثون عن البدائل
هذا التغير دفع العديد من المستهلكين إلى إعادة التفكير في قرارات الشراء. يقول نسيم أميغريسي، طالب ثانوي في باريس (18 عاماً)، إنه تراجع عن شراء «سويتش 2» بسبب سعره الباهظ (469.99 يورو)، مضيفاً: «أصبحت أكثر انتقائية».
أما مايو رودولفي، وهو عنصر في الدرك يبلغ من العمر 31 عاماً، فأكد أن «السعر سيكون العامل الحاسم في اختياري لأي لعبة جديدة».
وكرد فعل على ارتفاع الأسعار، لجأ العديد من اللاعبين إلى ألعاب من إنتاج استوديوهات أصغر، تُباع بأسعار أقل بنحو 20 إلى 30 يورو، مثل «سبليت فيكشن» و«كلير أوبسكور: إكسبيديشن 33»، التي لاقت رواجاً واسعاً، كما زادت الاشتراكات في الخدمات الشهرية التي توفرها الشركات الكبرى، والتي تمنح الوصول إلى مكتبة من الألعاب مقابل نحو 15 يورو شهرياً.
أسعار أرخص رغم كل شيء
ورغم موجة الغلاء، يشير محللون إلى أن ألعاب الفيديو قد تكون أرخص اليوم مما كانت عليه في الماضي، إذا ما أُخذ التضخم بعين الاعتبار، فعلى سبيل المثال، جهاز «بلاي ستيشن 3» طُرح في 2007 مقابل 600 يورو، أي ما يعادل أكثر من 700 يورو بقيمة اليوم.
ويقول ماثيو بول، المحلل في شركة «إبيليون»، إن «أسعار الألعاب الحالية، مقارنةً بالتضخم، لم تكن يوماً بهذا المستوى المنخفض».
لكن التكاليف المرتفعة لتطوير الألعاب –التي تضاعفت ثلاث مرات خلال خمس سنوات– قد تُغيّر هذا الواقع قريباً، فمثلاً لعبة «جي تي إيه 6» المرتقبة عام 2026، قد تُباع بأكثر من 100 دولار، رغم أنها ستكون «الأرخص» في تاريخ السلسلة إذا ما قورنت بسعرها المعدّل حسب التضخم، وفقاً لتحليلات بول.
وهكذا، يبدو أن ألعاب الفيديو –رغم شعبيتها الواسعة– تقترب تدريجياً من التحوّل إلى منتجات فاخرة لا تكون في متناول الجميع.