قانون الضرائب «الكبير» لترامب.. حرب تكسير عظام بين صقور وحمائم مجلس النواب الأميركي

قانون ضرائب ترامب الجديد يثير جدلاً داخل الحزب الجمهوري. (شترستوك)
قانون ترامب
قانون ضرائب ترامب الجديد يثير جدلاً داخل الحزب الجمهوري. (شترستوك)

في توقيت حساس من الدورة الاقتصادية الأميركية، يواصل الرئيس دونالد ترامب الضغط بكل ثقله السياسي لتمرير أكبر قانون ضرائب في ولايته الثانية، الذي يحمل اسماً غير رسمي بين حلفائه: «مشروع ترامب الكبير والجميل».

لكن خلف العنوان اللافت، تكمن أرقام ضخمة، ومعركة حزبية متفجرة، وتداعيات اقتصادية مرشحة لهز الاقتصاد الأميركي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

يُقدّر مكتب الميزانية في الكونغرس أن مشروع القانون المقترح سيؤدي إلى زيادة العجز الفيدرالي بنحو 3 تريليونات دولار حتى 2034، ويشمل المشروع تخفيضاً كبيراً في برنامج الرعاية الصحية للفقراء (ميديكيد) بقيمة 625 مليار دولار، مع فرض شروط عمل إلزامية على المستفيدين وخفض التمويل الفيدرالي للولايات التي تؤمّن تغطية صحية للمهاجرين غير النظاميين.

كما يتوقع أن يُقلص المشروع التحاق نحو 10.3 مليون أميركي ببرنامج ميديكيد بحلول 2034، ما يُثير مخاوف اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

توزيع المكاسب والخسائر.. قفزة للأثرياء وتراجع للفقراء

تكشف بيانات أولية صادرة عن مكتب الميزانية في الكونغرس أن مشروع القانون سيؤدي إلى تقليص الموارد لدى أدنى 10 في المئة من الأسر الأميركية بنسبة 2 في المئة، في حين ترتفع موارد أعلى 10 في المئة بنسبة 4 في المئة، ما يعكس ميلاً واضحاً نحو توسيع الفجوة الاقتصادية بين الطبقات، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.

ويتضمن المشروع مجموعة من الإعفاءات الضريبية تشمل الإكراميات، والأجور الإضافية، ومعاشات الضمان الاجتماعي، كما يعزّز الائتمان الضريبي للأطفال، وهي خطوة سعى ترامب من خلالها إلى كسب دعم شعبي، لا سيما في ظل استمرار الضغوط التضخمية.

تكلفة اجتماعية في مواجهة عوائد انتخابية

من الناحية السياسية، يرى ترامب أن المشروع هو فرصة استثنائية لإعادة ترسيخ مكانته الاقتصادية قبيل انتخابات 2026، خاصة بعد تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي على خلفية تزايد الأسعار، وسلسلة الرسوم الجمركية التي فرضها على عشرات الدول.

وتُظهر بيانات من جامعة ميتشيغان أن ثقة المستهلك الأميركي تراجعت إلى 50.8 نقطة في مايو أيار، وهي ثاني أدنى قراءة مسجلة على الإطلاق، ما يعكس مزاجاً شعبياً مضطرباً تجاه الوضع الاقتصادي.

الخلاف الجمهوري.. بين «صقور» التقشف والمعتدلين

في مجلس النواب، حيث يمتلك الجمهوريون أغلبية هشة، لا يستطيع رئيس المجلس مايك جونسون أن يخسر أكثر من 3 أصوات فقط لتمرير القانون دون دعم ديمقراطي. ويواجه المشروع انقساماً داخلياً؛ إذ يطالب جناح المحافظين الماليين بتخفيضات أعمق في الإنفاق، أمّا نواب المناطق الضريبية العالية فيطالبون بتوسيع خصم الضرائب المحلية.

وقد اقترب الجمهوريون من التوصل إلى حل وسط بخصوص خصم ضرائب الولايات والمناطق المحلية، في محاولة لاحتواء التمرد الداخلي.

الديمقراطيون: «مشروع هدية للأثرياء»

من جهتهم، يصف الديمقراطيون القانون بأنه إعادة تدوير لسياسات 2017 الضريبية التي اعتبروها هدية للأثرياء، ويخطط الحزب لإطلاق حملة إعلامية متعددة القنوات بملايين الدولارات لتصوير المشروع كتهديد مباشر للطبقة المتوسطة والفقراء.

وقالت النائبة الديمقراطية سوزان دلبيني «الجمهوريون المعرضون للخطر يقامرون بمستقبل دوائرهم لأجل إرضاء ترامب».

الاقتصاد الأميركي في لحظة مفصلية

رغم أن معدل البطالة لا يزال منخفضاً والتضخم تراجع بشكل كبير عن أعلى مستوى له منذ 40 عاماً والذي سُجل عام 2022، فإن الانكماش المفاجئ في الربع الأول من 2025، وتراجع الاستثمار في المصانع والخدمات، يدق ناقوس الخطر.

وتُظهر مسوح بنك الاحتياطي الفيدرالي أن الشركات الأميركية تستعد لخفض الإنفاق الرأسمالي جزئياً بسبب مخاوف الرسوم الجمركية.

سباق تشريعي قبل دخول واشنطن موسم الانتخابات

يحاول الجمهوريون تمرير القانون قبل عطلة يوم الذكرى، وإرساله إلى مجلس الشيوخ قبل الرابع من يوليو تموز، الموعد الرمزي الذي حدده ترامب، ويستخدمون آلية المصالحة التي تسمح بإقرار التشريعات بأغلبية بسيطة في مجلسي النواب والشيوخ مرة واحدة كل عام مالي.

إذا نجح ترامب في تمرير القانون، فسيُسجل لنفسه نقطة انتصار نادرة في ولايته الثانية، وقد يعزّز فرص الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي. أما إذا فشل، فقد يجد نفسه يواجه عواقب اقتصادية واجتماعية عميقة، مع تفكك الدعم الداخلي وازدياد الضغوط الشعبية.