90 في المئة من مباني هذا الحي مؤجرة بنظام القانون القديم، قال محمد جمال سائق تاكسي مشيراً بيده إلى حي شبرا حيث يسكن مع والديه منذ ميلاده قبل 40 عاماً، وهو حي عتيق شديد الكثافة السكانية وطالما استخدمه المصريون لمثال على الانفجار السكاني والاختناقات المرورية العنيدة.
وبعيداً عن فكاهات الممثلين والرئيس السادات عن حي شبرا فمشروع
قانون الإيجار القديم الذي من المتوقع أن يتبناه مجلس النواب المصري صباح الاثنين، يعد بمثابة منغص لحياة ملايين الأفراد في مصر يسكنون في هذا النوع من الوحدات.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
قدرت الحكومة عدد الشقق التي تخضع لهذا القانون بنحو مليوني وحدة، ويقدر عدد من قد يتضررون من إصداره بنحو 15 مليون مصري، وهو ما يعني أكثر من 10 في المئة من المصريين.
وينص مشروع القانون الذي قدمه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على المرور بمرحلة انتقالية تبلغ مدتها سبع سنوات قبل إنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، فضلاً عن توريث عقد الإيجار لجيل واحد بعد من أبرمه.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وهو ما يعني أن هناك من يقبعون تحت وضع أسوأ من وضع جمال صاحب السيارة الأجرة، في الحي نفسه تعيش ليلى مع ابنتها غير المتزوجة، «أنا لا أنام منذ بداية الحديث عن هذا القانون، وأنتظر ما ستؤول إليه الامور، أنا أعيش هنا منذ نحو نصف قرن، التفكير في أن نصبح بلا مأوى في غضون بضعة أيام أو سنوات يمنعني من النوم»، تخشى ليلى من «الطرد إذ إن من وقع العقد ليس والدها وإنما شقيقه بسبب سفر الأب وقت التوقيع في النصف الثاني من الأربعينيات، وهو ما يعني قانونياً أنها قد لا تنعم بمهلة السنوات السبع التي قد ينص عليها القانون».
مصطفى بكرى عضو مجلس النواب المصري قال في اتصال مع CNN الاقتصادية إن «حكم الدستورية ينص على رفع القيمة الايجارية وليس تحريرها، فالحكومة تغالي على حكم الدستورية، وهو أمر غير منطقي أن يجد أكثر من 15 مليون شخص أنفسهم بلا مأوى، وأن هذا يهدد السلام الاجتماعي».
يضيف بكرى أن «على الملاك تعويض المستأجرين، فلا يجب أن يرحلوا بلا تعويض، إذ إن كثيراً منهم قاموا بدفع خلو رجل وكانت الدولة تدعم مواد البناء بسبب أزمة في الإسكان ظهرت في أعقاب الحرب العالمية الثانية».
وتضيف ليلى أن والدها قام بدفع 300 جنيه مصري في هذا الوقت وأن هذا المبلغ كان كفيلا بشراء أكثر من 600 غرام من الذهب.
يطمح الكثير من الملاك في إنهاء العلاقة الايجارية مع السكان أو تحرير العقود التي يصفونها «بالبالية»، ويرون أن السكان قاموا بالحصول على ميراث الملاك بدلاً من الورثة الحقيقين، وأنهم أصحاب أصول مجمدة أو في منزلة ما هو تحت الحراسة، حيث إنهم لا يستطيعون التصرف فيها أو بيع الأراضي.
ولكن السكان يؤكدون أنهم لم يقوموا بالشراء في ذاك الوقت بسبب رفض الملاك البيع والاكتفاء بالايجار نظير خلو الرجل، وهو أمر لا نستطيع إغفاله، فأغلب أصحاب العقارات في مصر حتى بداية ثمانينيات القرن العشرين كانوا من أصحاب الأراضي الزراعية أو الأعيان كما كانوا يسمون أنفسهم، وبالتالي كانوا حريصين على التمسك بأصولهم العقارية والزراعة.
في نهاية المطاف ينتظر ملايين المصريين قرار البرلمان المصري غداً الاثنين لمعرفة مصيرهم، فليس من الممكن اختزال القضية في حالتي جمال أو ليلى وابنتها أو في حي شبرا الذي يسكن أغلب سكانه المقدرين بستة ملايين نسمة بنظام الإيجار القديم، ولكنه ملف معقد ألقته الحكومات المتتالية منذ الأربعينيات على كاهل الملاك والمستأجرين للتغلب على الأزمات السياسية والاقتصادية والانفجار السكاني الكبير.