رفع ميزانيات تسليح دول الناتو.. كم يكلف؟

اتفق قادة دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" على مضاعفة هدف الإنفاق الدفاعي لأعضائه إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. شاتر ستوك
رفع ميزانيات تسليح دول الناتو.. كم يكلف؟
اتفق قادة دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" على مضاعفة هدف الإنفاق الدفاعي لأعضائه إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي. شاتر ستوك

اتفق قادة دول حلف شمال الأطلسي «ناتو»، الشهر الماضي، على مضاعفة هدف الإنفاق الدفاعي لأعضائه إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، بدلاً من الهدف السابق، 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، وذلك لمواجهة التحديات العسكرية المتزايدة عالمياً، وسط ضغوط متكررة من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لدفع الحلفاء نحو زيادة مساهماتهم الدفاعية.

ووفقاً لتقديرات منظمة حلف شمال الأطلسي، بلغ إجمالي إنفاق دول الحلف الـ32 على التسليح في عام 2024 نحو 1.474 تريليون دولار بالأسعار الجارية مقارنةً بنحو 943 مليار دولار في عام 2014، بزيادة 56 في المئة خلال العِقد الأخير.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

لكن لو تجاوزنا أثر التضخم العالمي الاستثنائي في السنوات الماضية، فسيكون إجمالي الإنفاق 1.185 فقط (بالأسعار الثابتة) في عام 2024 بارتفاع 26 في المئة فقط على عام 2014.

أما بخصوص معدلات الإنفاق، فإن الدول الأعضاء خصصت 2.7 في المئة من ناتجها في عام 2024 لميزانية التسليح والدفاع، وهذا أعلى من المعدل المطلوب في العام السابق، ولكن هذه النسبة تتباين من دولة لأخرى، حيث كان أعلى معدل تخصيص من نصيب بولندا (4.12 في المئة)، وإستونيا (3.43 في المئة) المجاورتين للحرب الروسية الأوكرانية، والولايات المتحدة الأميركية، التي خصصت 3.38 من ميزانيتها للإنفاق العسكري، مقارنةً بـ2.02 متوسط إنفاق كل دول الحلف باستثناء أميركا.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

الأسوأ أن سبع دول فشلت في تحقيق هدف تخصيص 2 في المئة من ناتجها للإنفاق الدفاعي، وهي سلوفينيا وإسبانيا والبرتغال ولوكسمبورغ وإيطاليا وكندا وبلجيكا.

ووفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) فإن ناتج دول الناتو سيرتفع من 49.8 تريليون دولار حالياً إلى 59.6 تريليون دولار في 2035، (بعد خصم أثر التضخم)، ما يعني أن الـ5 في المئة المُستهدفة ستبلغ نحو 3 تريليونات من الدولارات، بزيادة 1.8 تريليون دولار تقريباً على الوضع الحالي (بالأسعار الثابتة، أي بافتراض بقاء تكلفة خدمات ومنتجات التسليح والدفاع كما هي).

تباين الحلول والقدرات

الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم يفصح بعد عن كيفية زيادة الإنفاق على التسليح، ولكن الموازنة الجديدة توضح الكثير عن المستقبل.

ميزانية الدفاع والأمن التي قدمها ترامب للكونغرس تتضمن تخصيص 892.6 مليار دولار لعام 2026، وهو تقريباً نفس مستوى العام الماضي، لكن الرئيس يستهدف إعادة توجيه الموارد نحو تقنيات حديثة واستراتيجيات حرب منخفضة الكلفة، مع تقليص الإنفاق على القطاعات التقليدية كالأسطول البحري والطائرات الحربية باهظة الثمن، مع تعزيز الإنفاق على الصواريخ والطائرات المسيّرة عالية التقنية.

أما كندا، فمن الواضح أن زيادة الإنفاق لن تتجه نحو جارتها الجنوبية، في ظل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وتطلعها إلى تنويع إنفاقها، حيث كشف رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، عن مراجعة عقد لشراء 88 طائرة إف-35 أميركية.

وقال كارني خلال قمة حلف شمال الأطلسي، الشهر الماضي في هولندا، إنه أجرى مناقشات مع شركاء أوروبيين لشراء طائرات مقاتلة وغواصات.

أما ألمانيا فتخطط لرفع ميزانيتها الدفاعية إلى 3.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029، مقارنةً بنحو 2.4 في المئة في 2025، بحسب ما أفادت به مصادر حكومية، بما يتماشى مع الهدف الجديد لحلف الناتو، وسلاح ألمانيا هو حزم التحفيز الاقتصادية التي تعتمد عليها الحكومة الجديدة، مع اقتصاد قوي قادر على تحمل النفقات الاستثنائية.

أما بريطانيا، فخطتها ترتبط بالتوسع في التصنيع، حيث أعلنت الحكومة البريطانية في مطلع يونيو أنها ستبني ستة مصانع جديدة على الأقل لإنتاج الأسلحة والمتفجرات، بتكلفة 1.5 مليار جنيه إسترليني (2 مليار دولار)، كما تخطط لشراء ما يصل إلى 7 آلاف سلاح بعيد المدى مُصنع في بريطانيا، ما يوفر نحو 1800 وظيفة.

وتحتاج إيطاليا إلى زيادة في الإنفاق تتجاوز 71 مليار دولار لتلبية متطلبات الناتو، وهي مهمة شاقة بالنسبة لدولة تعاني من ثاني أعلى معدل للديون في منطقة اليورو، بنسبة 135 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولذلك ستقوم حكومة جورجيا ميلوني بتضمين مشاريع بنية تحتية ذات استخدام مزدوج (مدني وعسكري)، مثل الموانئ وأحواض بناء السفن والسكك الحديدية، ضمن بند الدفاع والأمن.

وأعلنت حكومة إسبانيا مراراً وتكراراً صعوبة تحقيق أهداف الناتو القديمة أو الجديدة، ولذلك كانت إسبانيا هي السبب الرئيسي في تمديد الموعد النهائي لتحقيق مستهدف الناتو الجديد (5 في المئة من الناتج) من عام 2032 كما كان يطالب الرئيس ترامب، إلى عام 2035، وهي من الدول الأقرب للتعثر في تحقيق الهدف الجديد.

التكلفة البيئية

يُقدر مرصد الصراعات والبيئة، غير الهادف للربح، أن النشاط العسكري مسؤول عن نحو 5.5 في المئة من الانبعاثات الكربونية العالمية، ما يعني أنه لو كانت جيوش العالم دولةً واحدة، لكانت رابع أكبر مصدر للانبعاثات في العالم.

ووفق دراسة لجامعة بوكوني الإيطالية، بعنوان «آثار العسكرة على الانبعاثات والتحول الأخضر» فإن زيادة الإنفاق العسكري بمقدار نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة من دول الناتو (الـ31 باستثناء الولايات المتحدة) يزيد من إجمالي الانبعاثات الوطنية بنسبة تتراوح بين 0.9 في المئة و2 في المئة، ونظراً لأن إجمالي الانبعاثات لهذه الدول الـ31 بلغ 4.9 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في عام 2023، فإن الزيادة السنوية في الانبعاثات ستتراوح بين 87 و194 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون حال زيادة الإنفاق العسكري بمقدار نقطة مئوية واحدة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول.