هل تنجح جورجيا ميلوني في زيادة ميزانية الدفاع دون خفض الإنفاق على تنمية الداخل؟

تلتزم إيطاليا برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من ناتجها الإجمالي بحلول عام 2035. شاتر ستوك
هل تنجح جورجيا ميلوني في زيادة ميزانية الدفاع دون خفض الإنفاق على تنمية الداخل؟
تلتزم إيطاليا برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5% من ناتجها الإجمالي بحلول عام 2035. شاتر ستوك

وافقت إيطاليا إلى جانب دول أخرى في حلف الناتو على زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل حاد خلال العقد المقبل، لكن حكومة جورجيا ميلوني تعمل بالفعل على إيجاد طرق مبتكرة لتقليل أي تأثير في ماليتها العامة المثقلة بالفعل.

على عكس إسبانيا التي صرّحت بوضوح بأنها لا تستطيع تجاوز هدف الناتو القديم البالغ 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، التزمت إيطاليا في قمة الأسبوع الماضي بالخط الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، متعهدة بتحقيق 5 في المئة بحلول عام 2035.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

ميلوني، التي تُدرك أن استطلاعات الرأي تُظهر أن زيادة الإنفاق الدفاعي لا تحظى بشعبية كبيرة بين الإيطاليين، سعت إلى طمأنتهم بعد قمة الناتو، وقالت للصحفيين «هذه نفقات ضرورية، لكننا ملتزمون بعدم خفض يورو واحد من النفقات الحكومية ذات الأولوية».

بلغ الإنفاق الدفاعي الإيطالي 1.5 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، وهو أقل من الحد الأدنى لأعضاء الناتو البالغ عددهم 32 عضواً، ولكن في 2025 تسعى الحكومة لبلوغ الحد الأدنى الحالي 2 في المئة من خلال مجموعة من التغييرات المحاسبية، حيث سيتم الأخذ في الاعتبار بنود كانت مستبعدة سابقاً من الإنفاق الدفاعي مثل معاشات الجنود وخفر السواحل.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

لكن تحقيق الهدف الجديد 5 في المئة سيكون أصعب بكثير.

نظرياً سيتطلب ذلك زيادة في الإنفاق تتجاوز 60 مليار يورو (71 مليار دولار)، وهي مهمة شاقة بالنسبة لدولة تعاني ثاني أعلى معدل للديون في منطقة اليورو بنسبة 135 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقد اعتمدت المفوضية الأوروبية التي تحث دول الاتحاد الأوروبي أيضاً على زيادة الإنفاق الدفاعي ما يسمى بـ«بند التهرب» من قواعدها المالية للسماح بزيادات في الإنفاق قدرها 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً حتى عام 2028.

لكن إيطاليا تمتلك مساحة ضيقة لاستخدام هذا البند لأن عجزها المالي يُعتبر بالفعل مرتفعاً للغاية.

البنية التحتية

صرّح مسؤولون إيطاليون بأن ميلوني ستقوم بتضمين بنود مدرجة في الميزانية بالفعل، ولا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدفاع، بميزانية الدفاع، وتأمل أن يقبل حلف شمال الأطلسي والمفوضية الأوروبية هذا التكتيك.

تدرس روما التوسع في مشاريع بنية تحتية مدنية مثل الموانئ وأحواض بناء السفن وجسر طموح مخطط له منذ فترة طويلة يربط صقلية برياً بإيطاليا.

ووفقاً للبيانات الحكومية، تُخطط إيطاليا لاستثمار 206 مليارات يورو لتطوير سككها الحديدية، و162 مليار يورو أخرى لطرقها السريعة.

وقد تُصنّف العديد من هذه المشاريع الآن ضمن بند الدفاع والأمن.

وقال نائب وزير النقل، إدواردو ريكسي، لرويترز: «يندرج جزء كبير من استثمارات البنية التحتية المخطط لها، وفق معايير حلف شمال الأطلسي، تحت بند الاستثمارات ذات الاستخدام المزدوج، المدني والدفاعي».

ورداً على طلب رويترز للتعليق، قالت مفوضية الاتحاد الأوروبي إن تحديد ما إذا كان الغرض الرئيسي من البنية التحتية عسكرياً أم مدنياً يعود إلى إيطاليا نفسها.

وقال مسؤول في حلف الناتو، لرويترز، إنه يجب على الدول أن تمتلك «مساراً موثوقاً به» للوفاء بتعهداتها المتعلقة بالإنفاق الدفاعي، «وستقدّم خططاً حول كيفية زيادة استثماراتها الدفاعية سنوياً»، وفي تصريحات تتطابق مع خطط إيطاليا، أضاف «نحن بحاجة إلى شبكات نقل مدنية تدعم التنقل العسكري، فإلى جانب الدبابات والمقاتلات والسفن الحربية، نحتاج إلى طرق وسكك حديدية وموانئ».

وقد حددت إيطاليا بالفعل مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية الضرورية بقيمة هائلة تبلغ 483 مليار يورو، والتي سيتم إنجازها خلال السنوات المقبلة، ما يعني وفرة المشاريع المحتملة التي يمكن إدراجها كجزء من الإنفاق الدفاعي.

ويتضمن هدف الناتو الجديد مكونين: الإنفاق الدفاعي، الذي يجب أن يصل إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، وعنصراً إضافياً للاستثمارات الأوسع المتعلقة بالأمن، بقيمة 1.5 في المئة.

وأكد ريكسي أن تطوير الموانئ وإنشاء مركز لتشييد وصيانة السفن هي مشروعات مؤهلة لتلبية معايير الناتو، «سيتم استخدامها لتشييد وصيانة السفن العسكرية، ونقل القوات والمعدات العسكرية».

كسب الوقت

مع انتقادات المعارضة من يسار الوسط لاستنزاف الإنفاق الدفاعي موارد الدولة، تُريد ميلوني تأجيل أيّ زيادات في الإنفاق إلى ما بعد الانتخابات المقبلة المُقررة عام 2027.

قال فرانشيسكو غالييتي، مؤسس مركز أبحاث المخاطر السياسية «بوليسي سونار» ومقره روما «التحدي الحقيقي لميلوني ليس المبلغ، بل التوقيت».

وفي عام 2027، ستتمكن إيطاليا أيضاً من الاستفادة الكاملة من «بند التهرب» المالي للاتحاد الأوروبي، شريطة أن تُخفّض عجزها إلى أقل من 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026 كما هو مخطط له، ولهذا السبب نجحت روما في الضغط على حلفاء الناتو لتجنب فرض زيادة سنوية في الإنفاق الدفاعي، وفقاً لمسؤول مطلع على المفاوضات، مضيفاً أن روما لعبت دوراً محورياً في تأجيل تطبيق الـ5 في المئة المستهدفة إلى عام 2035 بدلاً من عام 2032.

(رويترز)