شنّت حركة حماس هجوماً مباغتاً لم يسبق له مثيل على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول لُقب ب طوفان الأقصى وأثار صدمة مسؤولي المخابرات، ومنذ ذلك الحين تشن إسرائيل غارات جوية مكثّفة على غزة وحشدت قواتها على الحدود معها، ما أدى إلى تزايد التكهنات باجتياح بري وشيك للقطاع المحاصر.
ويخضع قطاع غزة لحصار إسرائيلي منذ عام 2007 بعدما أسر مقاتلو الحركة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وحتى الآن لقي نحو 1300 من المدنيين والعسكريين حتفهم في إسرائيل فيما أظهرت أحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 2300 شخص على الأقل في العمليات الإسرائيلية بالقطاع، ولا تظهر أي علامة على تراجع شدة القتال وتتصاعد المخاوف من اتساع نطاقه إلى جبهات جديدة.
ولن يكون الاجتياح البري لغزة الذي قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه تأجل بسبب الطقس، الأول من نوعه، حيث دخلت إسرائيل القطاع براً عدة مرات على مدى عقود منذ صوتت الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين إحداهما يهودية والأخرى عربية، وجعل مدينة القدس المتنازع عليها تحت السيطرة الدولية في ظل تزايد التوترات بين الفلسطينيين والميليشيات الصهيونية عام 1947.
ففي أكتوبر تشرين الأول 1956، وبعد بضعة أشهر من تأميم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر قناة السويس، ما أدى إلى قطع طريق الملاحة البحرية عن إسرائيل، شاركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر وغزت قطاع غزة.
وكان هذا أول اجتياح بري إسرائيلي لغزة.
وفي نوفمبر من ذلك العام، دعت الأمم المتحدة بريطانيا وفرنسا وإسرائيل إلى وقف العدوان على مصر، ما أدى إلى الاتفاق على الترتيبات الفنية لانسحاب القوات الإسرائيلية ودخول قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة.
وبعد عقد من الزمن أي عام 1967، وجّهت إسرائيل ضربة استباقية ضد مصر وسوريا، وبدأت حرب الأيام الستة، واحتلت إسرائيل الضفة الغربية واستولت على القدس الشرقية من الأردن واحتلت هضبة الجولان السورية، كما سيطرت إسرائيل على قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
إلّا أن مفاوضات اتفاقات أوسلو للسلام في عامي 1993 و1995 بين القادة الفلسطينيين والإسرائيليين أدت إلى انسحاب إسرائيل من غزة ومناطق رئيسية أخرى، وهو ما حدث عام 2005 في عهد رئيس الوزراء أرييل شارون بعد 38 عاماً من الاستيلاء على القطاع، وتخلت إسرائيل عن مستوطناتها.
وفي 27 ديسمبر كانون الأول 2008، بدأت إسرائيل حرباً على قطاع غزة رداً على إطلاق الصواريخ عليها ضمن عملية أطلق عليها اسم عملية الرصاص المصبوب ورد الفلسطينيون عليها بعملية معركة الفرقان، وكان الهدف الذي وضعته إسرائيل لهذه الحرب هو «إنهاء حكم حركة حماس في القطاع» ومنعها من قصف إسرائيل بالصواريخ.
وبعد فترة وجيزة وبالتحديد في الثالث من يناير 2009، بدأ اجتياح بري وتقدمت القوات الإسرائيلية وحاصرت منطقة وسط غزة ليكون هذا الاجتياح البري الثالث على قطاع غزة.
وبعد بضعة أسابيع من الاجتياح البري، أعلنت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد، يوم 17 يناير وعزمها الانسحاب حال توقف الفلسطينيين عن قصف المستوطنات، ثم انسحبت إسرائيل من غزة.
أسفرت هذه الحرب عن أكثر من 1430 قتيلاً فلسطينياً، منهم أكثر من 400 طفل و240 امرأة بالإضافة إلى أكثر من 5400 جريح، ودمرت أكثر من 10 آلاف منزل دماراً كلياً أو جزئياً. وبدورها اعترفت إسرائيل بمقتل 13 إسرائيلياً، بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين.
وفي عام 2014، شنت إسرائيل حرباً على غزة بسبب ادعاءات بخطف وقتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين من قبل حماس واستمرت الحرب سبعة أسابيع قُتل خلالها أكثر من 2100 فلسطيني في غزة وقُتل 73 إسرائيلياً بينهم 67 عسكرياً، وبدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحاً برياً للقطاع في الحرب التي استمرت قرابة شهرين.
فهل نكون على أعتاب اجتياح بري إسرائيلي خامس للقطاع المحاصر؟