تُباع في الدقيقة الواحدة مليون زجاجة بلاستيكية في أرجاء العالم، أي ما يعادل 525.6 مليار زجاجة سنوياً، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وعلى الرغم من أن البلاستيك مادة يمكن إعادة تدويرها فإن أقل من عشرة بالمئة من البلاستيك يعاد تدويره.
وتستهلك الإمارات أكثر من أربعة ملايين زجاجة بلاستيكية وتعتبر من أكبر المستهلكين للمياه المعبأة ما منحها المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط والسابعة على مستوى العالم من حيث استهلاك عام 2019، وفقاً للمجلة العلمية «MDPI».
وللمساهمة في حل هذا التحدي البيئي، كشفت شركة الأغذية والمشروبات الإماراتية «أغذية» عن أول زجاجة مياه مصنوعة محلياً من البلاستيك المعاد تدويره «rPET» -خلال فعاليات معرض إقليمي عُقد في دبي في فبراير شباط 2023- بعدما أصدرت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتية في يناير كانون الثاني 2023 قراراً وزارياً بشأن تنظيم تجارة زجاجات المياه البلاستيكية المعاد تدويرها بشكل يتماشى مع معايير الصحة العامة وسلامة الأغذية.
دور مادة الـ«rPET» في الاقتصاد الدائري
تعتبر مادة الـ«rPET» بلاستيك من البولي إيثيلين تيرفثالات أو الـ«PET» معاد تدويره، وتستخدم هذه المادة في صناعة عبوات المشروبات وتغليف الطعام وغيره.
وقال المدير التنفيذي لشركة «أغذية» ألن سميث في حوار مع «CNN الاقتصادية» على هامش فعاليات معرض الأغذية في دبي، إن دمج هذه المادة في صناعة التعبئة والتغليف يمهد الطريق للاقتصاد الدائري.
وأضاف «يجب أن نخلق بيئة حيث نجمع ونستخدم الـ«PET» المعاد تدويره، ونحافظ عليه في الاقتصاد. أعتقد أن إدارة الموارد مثل الـ«rPET» هي بالفعل إحدى الوسائل الرئيسية لإصلاح (مسار الاستدامة) في المستقبل وتمكننا من خلق هذا الاقتصاد الدائري».
ويتضمن الاقتصاد الدائري -وهو عبارة عن نموذج للإنتاج والاستهلاك- مشاركة المواد والمنتجات الحالية وتأجيرها وإعادة استخدامها وإصلاحها وتجديدها وإعادة تدويرها لأطول فترة ممكنة.
وأشار سميث إلى أن الـ«PET» مصنوع من البترول، لافتاً إلى أن «تجميع هذه المادة وتنظيفها ومعالجتها وإعادة استخدامها يؤدي إلى إنتاج حبيبات يمكن إعادة استخدامها مرة أخرى في الاقتصاد».
ويتطلب إنتاج زجاجة ماء واحدة ربع لتر من النفط، بحسب تقرير الاتحاد الأوروبي، ولكن إعادة تدوير مادة الـ«PET» تستهلك نصف كمية الطاقة التي تستخدم لصنع المادة الخام.
وعلى الرغم من أن مادة الـ«PET» مصنوعة من النفط الخام والغاز الطبيعي، فإن 40 في المئة من هذه الطاقة محصورة داخل بوليمرات، بحسب الجمعية الأميركية «PET Resin».
ويتم إنتاج ثلث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أثناء صناعة البلاستيك، أي خلال تحويل الوقود الأحفوري إلى مادة البلاستيك.
ولذلك يؤدي إعادة تدوير مادة الـ«PET» إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى أكثر من 60 في المئة، وفقاً لتقارير جامعة «Imperial College London».
وأضاف سميث أن «جزءاً رئيسياً من الاقتصاد الدائري هو القدرة على استخدام مادة البولي إيثيلين تيريفثالات المُعاد تدويرها ضمن التموضع الأفضل لعملية الإنتاج والتصنيع نسبة للأسواق المستهدفة في الإمارات».
تحديات قطاع الصناعة
وعلى رغم من أنها قابلة لإعادة التدوير بشكل كبير وتوفر فرصة لإعادة استخدام الطاقة والموارد من موادها الخام، فإن معالجتها تتطلب كمية مهولة من الطاقة ويجعلها باهظة الثمن وغير قابلة للتطبيق.
كما أن الطلب على الـ«PET» المعاد تدويره أعلى من العرض ما يجعله أغلى من المادة الخام، بحسب سميث، ما يستثني الإقبال في قطاع صناعة وتعبئة الأطعمة والمشروبات المريحة.
وقال سميث «نحتاج إلى توعية المستهلكين بفوائد إعادة تدوير الـ«PET»، لأنه يجب تطوير هذه الثقافة هنا في الإمارات، لذلك من وجهة نظر الشركات المصنعة، سترتفع تكاليف التصنيع، ما يعني أننا نحتاج إلى توعية المستهلكين لماذا يحتاجون إلى دفع المزيد مقابل هذا المنتج وفوائده البيئية، ولكن بعد التوعية، سوف ينخفض سعر البولي إيثيلين تيرفثالات المعاد تدويره بمرور الوقت».
وكان أكبر قلق لصنع زجاجات مياه مصنوعة من الـ«rPET» هي سلامة المنتج، خاصةً في الدول ذات الحرارة العالية ولذلك «أجرينا اختبارات كثيرة، وقمنا بدراسات العمر الافتراضي، وقدمنا تحليلات للسلطات الحكومية لإظهار أنها مادة آمنة بالفعل، حتى في هذا الجزء من المنطقة وفي الظروف المناخية في هذا الجزء من العالم».
وختم سميث «سيكون هذا أول منتج معاد تدويره من البولي إيثيلين تيرفثالات مصنوع في الإمارات العربية المتحدة، وأعتقد أنك سترى المزيد من الشركات المصنعة تفعل الشيء نفسه في المستقبل القريب جداً».