مع الأزمات التي يشهدها العالم جراء التغير المناخي، تبنت الدول العربية رؤى من أجل تعزيز قدرتها على إنتاج الطاقة المتجددة، علماً أن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، يسهم في التعامل مع المشكلات الصحية الناجمة عن التلوث، فضلاً عن معالجة تغير المناخ.

وبالفعل، شهدت الدول العربية ارتفاعاً في معدل إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 57 في المئة، لتصل إلى 19 غيغاواط منذ عام 2022، وفقاً لما أورده تقرير منظمة مراقب الطاقة العالمية.

وتوقع التقرير أن تزيد القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في المنطقة العربية بمقدار النصف مرة أخرى بحلول عام 2024.

وأفاد التقرير بأن الدول العربية عززت من استثماراتها في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح واسعة النطاق، بنحو 6.9 غيغاواط في مشاريع الطاقة؛ ما أدى إلى زيادة قدرتها التشغيلية للطاقة المتجددة بنسبة 57 في المئة خلال عام 2021، علماً أن حجم النمو السنوي لهذه المشاريع يبلغ 400 في المئة.

بدورها، تتسابق العديد من الدول العربية لتبني الطاقة المتجددة، فمنذ مايو أيار 2023 تمكنت الإمارات، على سبيل المثال، من تشغيل 3 غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق، بينما أضافت سلطنة عُمان أكثر من غيغاواط واحد من الطاقة التشغيلية خلال 2021.

أما موريتانيا والمغرب، فقد وسعتا أسطولهما التشغيلي من طاقة الرياح، من خلال توفير 226 ميغاواط.

وتتماشى هذه الجهود مع الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة الرامي إلى ضمان الحصول على طاقة جديدة بأسعار معقولة وموثوقة ومستدامة، علماً أن 17.5 في المئة من مجموع استهلاك الطاقة يأتي من مصادر الطاقة المتجددة.

أبرز مشاريع الطاقة المتجددة في الخليج

بدورها، وعلى الرغم من امتلاك دول الخليج نحو 30 في المئة من إجمالي الاحتياطي العالمي المثْبت من النفط، وفقاً لمركز الإمارات للسياسات، فإنها تعزز من جهودها من أجل إطلاق المزيد من المشاريع في قطاع الطاقة المتجددة، بهدف الوصول إلى الهدف المتعلق بالحياد الصفري وخفض الانبعاثات الكربونية.

الإمارات

أطلقت الإمارات استراتيجية الطاقة 2050، لتحدد عدداً من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، والتي تتمثل في إنشاء مزيج من الطاقة يتمثل في 44 في المئة للطاقة النظيفة، و38 في المئة للغاز، و12 في المئة للفحم الأخضر، و6 في المئة للطاقة النووية، فضلاً عن رفع نسبة مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الإمارات إلى 50 في المئة.

لهذا جاءت العديد من مشاريع الطاقة المتجددة في الإمارات لتعكس هذه التوجهات، إضافة إلى توفير نحو 700 مليار درهم حتى عام 2050، مع خفض الانبعاثات الكربونية، واستثمار 600 مليار درهم؛ لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية

بدأت المرحلة الأولى لتشغيل مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في أكتوبر تشرين الأول عام 2013، بقدرة تبلغ نحو 13 ميغاواط، على أن تنتج نحو 28 مليون كيلوواط في الساعة من الكهرباء سنوياً.

استهدفت المرحلة الأولى المساهمة في تخفيض أكثر من 15 ألف طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، أما المرحلة الثانية التي أُطلقت في مارس آذار 2017، فقد دُشنت بقدرة 200 ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ لتسهم في تخفيض 214 ألف طن من الانبعاثات سنوياً.

وبقدرة 800 ميغاواط، اشتغلت المرحلة الثالثة في عام 2020 بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية، بهدف توفير الطاقة النظيفة لأكثر من 240 ألف مسكن في دبي، إضافة إلى تخفيض 1.055 مليون طن من الانبعاثات سنوياً.

وفي ديسمبر كانون الأول 2023، وبالتزامن مع فعاليات مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ (كوب 28) في الإمارات، جاءت المرحلة الرابعة بقدرة إنتاجية تبلغ 950 ميغاواط، ليجمع بين تقنيتَي الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الشمسية الكهروضوئية، ليصبح أكبر مشروع استثماري يصل إلى 15.78 مليار درهم.

وبالتالي فإن مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية يعتبر أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد عالمياً، وبحلول 2030 يُنتظر أن تبلغ قدرته الإنتاجية نحو خمسة آلاف ميغاواط، على أن يسهم عند اكتماله بالكامل في خفض أكثر من 6.5 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام.

المحطة الكهرومائية

تتبع مدينة حتا إمارة دبي، وتمتاز بطبيعتها الأخّاذة، إضافة إلى أول محطة كهرومائية من نوعها بين الدول الخليجية، وتعمل بتقنية الضخ والتخزين بقدرة 250 ميغاواط.

ووفقاً لما أوردته هيئة كهرباء ومياه دبي، فإن السعة التخزينية للمحطة تصل إلى 1500 ميغاواط في الساعة، على أن تصل كفاءة دورة عملية إنتاج الكهرباء وتخزينها إلى نحو 78.9 في المئة.

السعودية

تسعى السعودية إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة في ثلاثة قطاعات رئيسية، هي الصناعة والنقل والمباني، بينما تواصل جهودها بهدف تنويع مزيج الطاقة الوطني لإنتاج الكهرباء، إضافة إلى تحقيق المزيج الأمثل للطاقة ليكون أكثر كفاءة وأقل تكلفة في الوقت ذاته.

وتمتلك السعودية 19 في المئة من احتياطي النفط العالمي، وفقاً لما أوردته المنصة الوطنية الموحدة، بينما تتجاوز مبيعاتها للنفط نحو 20 في المئة من إجمالي مبيعات النفط في السوق العالمية، لكنها في الوقت ذاته تبنت الطاقة المتجددة ضمن رؤية 2030 التي تستهدف تنويع روافد الاقتصاد السعودي في القطاعات غير النفطية.

كما دعمت مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، رؤية السعودية لزيادة حصتها في إنتاج الطاقة المتجددة إلى الحد الأقصى.

مشروع سكاكا

في عام 2021، انطلقت محطة سكاكا للطاقة الشمسية بالجوف في عام 2021، ضمن مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، لتستخدم أحدث التقنيات الكهروضوئية، إذ تولد المحطة الكهرباء من أشعة الشمس عبر أكثر من 1.2 مليون لوحة شمسية.

وتستهدف المحطة خفض 530 ألف طن سنوياً من الانبعاثات الكربونية، ويتوقع أن تولد أكثر من 930 غيغاواط في الساعة من الطاقة.

كما حرصت المملكة من خلال مشروع سكاكا أن تسلط الضوء على تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة الاقتصادية، إذ تبلغ تكلفة إنتاج الطاقة في المشروع نحو 8.775 هللة لكل كيلوواط في الساعة، وفقاً لما أورده موقع رؤية 2030.

مشروع دومة الجندل

كان المشروع الأول من نوعه في السعودية، إذ انطلق مشروع دومة الجندل لطاقة الرياح بتكلفة بلغت نحو 1.8 مليار ريال في عام 2019.

ووفقاً لموقع رؤية 2030، فقد بدأ تشغيل مشروع دومة الجندل في عام 2022، ليتضمن نحو 99 توربيناً بسعة إجمالية تبلغ 400 ميغاواط، يمكنها تشغيل 70 ألف منزل.

ومجدداً، كانت الطاقة المتجددة خياراً اقتصادياً فعالاً، إذ فاز مشروع دومة الجندل بجائزة صفقة العام لقطاع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لعام 2019، بعدما سجّل أقل تكلفة لإنتاج الكهرباء بلغت 0.0199 دولار للكيلوواط في الساعة.

سلطنة عُمان

تقدر الطاقة التي تستطيع سلطنة عُمان إنتاجها من الرياح بنحو 721 واط لكل متر مربع، بمتوسط سرعة رياح تصل إلى 8.4 متر في الثانية، وذلك في المناطق الأشد رياحاً، وفقاً لما كشفته وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العُمانية.

كما تمتاز عُمان بوفرة من الأراضي التي تعزز من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، علماً أن سلطنة عُمان تستهدف توفير 30 في المئة من حاجتها من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وفقاً لما أكدته وكالة الأنباء العُمانية.

محطة ظفار لطاقة الرياح

في الربع الأول من عام 2018، بدأت أعمال إنشاء محطة ظفار لطاقة الرياح، بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية بما يصل إلى 110 آلاف طن سنوياً، وتوفر الكهرباء لأكثر من 16 ألف منزل، إلى جانب نحو 7 في المئة من حاجة محافظة ظفار من الطاقة.

وتبلغ القدرة الإنتاجية للمحطة نحو 50 ميغاواط، يمكنها الحد من الاعتماد على الوقود في توليد الكهرباء.

وتواصل الدول العربية جهودها بهدف إنتاج أكثر من 73 غيغاواط من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة، بما يشكل نسبة تزيد على خمسة أضعاف في قدرتها خلال عام 2022.