يضرب الاحتباس الحراري معظم -إن لم يكن كل- القطاعات في حياتنا اليومية مكلفاً العالم عشرات المليارات من الدولارات، ويزداد الخطر كل يوم بينما تكافح الدول والمؤسسات لاحتواء الأزمة وإيجاد حلول فاعلة للحد من هذا التأثير.
ومن بين القطاعات المتضررة الرياضة التي لم تعد فقط إحدى أشهر وسائل الترفيه في العالم، بل هي اقتصاد ضخم يقدر بمليارات الدولارات، وتوفر آلاف الوظائف. فازدياد فترات موجات الحر عن المعدلات السابقة يعطل الفعاليات الرياضية ويهدد باختفاء العديد من الرياضات خاصة الشتوية.
منذ عامين، أشعلت أولمبياد بكين الشتوية الأخيرة والتي أقيمت عام 2022، الجدل بشأن عدد المدن الجاهزة لاستضافة الأولمبياد الشتوية في السنوات المقبلة.
وفقاً لدراسة من جامعة واترلو، وإذا استمر الوضع بالتطور الحالي، ستمتلك مدينة واحدة فقط من بين 21 مدينة استضافت الألعاب الأولمبية الشتوية خلال الـ100 عام الماضية جواً مناسباً للرياضات الشتوية بنهاية هذا القرن.
مساهمة الرياضة في زيادة الانبعاثات الكربونية
نتيجة لانخفاض وتيرة العواصف الثلجية، استعانت بكين وقتها بالشركة الإيطالية «تكنو ألبن» لتصنيع كميات كافية من الثلج الصناعي لتغطية 4 منشآت أولمبية مكشوفة في العاصمة الصينية، لكن هذه العملية لها تأثير ضار للغاية على البيئة. ففي هذه المحاولة وحدها استخدم 49 مليون غالون من الماء لتصنيع الثلج. بالإضافة إلى الاستثمار في معدات تبلغ قيمتها 60 مليون دولار للحفاظ على برودة الثلج ومنعه من الذوبان في جو بكين غير البارد بما يكفي للاحتفاظ بالثلج بشكل طبيعي.
ولكن هذه ليست المرة الأولى لاستخدام الثلج الصناعي. إذ استخدم من قبل في أولمبياد 2018 في بيونغ تشانغ بكوريا الجنوبية، التي صنّعت نحو 90 في المئة من الثلج مقدماً بتكلفة إجمالية 6 ملايين دولار. ومن قبلها روسيا التي كان نحو 80 في المئة من الثلج الموجود في المباريات الأولمبية عام 2014 في سوتشي صناعياً.
خسائر في أوروبا وأميركا
تسهم سياحة الرياضات الجليدية في الاقتصاد الأميركي بنحو 20 مليار دولار سنوياً، وفقاً لباحثين في جامعة نيو هامبشر وجامعة ولاية كولورادو.
خسارة مناطق التزلج على الجليد في الولايات المتحدة نتيجة للتغير المناخي كلفتها 5 مليارات دولار في الفترة من 2000 إلى 2019، وقد تخسر نحو مليار دولار سنوياً بحلول 2050، وذلك وفقاً لدراسة حديثة.
أما في أوروبا، فقد توقع تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2017 انخفاض عدد منتجعات التزلج الصالحة للاستخدام في منطقة الألب بنسبة 70-90 في المئة بحلول 2050 بسبب تغير المناخ. وتشير تحليلات مضافة حديثاً للتقرير إلى احتمالية تسارع هذا الانخفاض بنسبة من 50-70 في المئة بحلول 2032 وفقاً لتوقعات الانبعاثات الحالية.
وذلك قد يؤدي لخسائر مالية سنوية لسياحة الألب تقدر بـ1.5 مليار يورو إلى 3 مليارات يورو -نحو 1.6 مليار دولار إلى 3.3 مليار دولار- بحلول 2032.
مستقبل الرياضات الشتوية
الجو الدافئ أصبح شائعاً في الألعاب الشتوية، ما يهدد بانحسار شعبية بعض الرياضات وفي النهاية زوالها. عدّل منتجع أوتاكام للتزلج، في بيرنيه الفرنسية، من وصف المنتجع على منصات التواصل الاجتماعي قائلاً «شاطئ أوتاكام» وتحولت الـ20 حلبة الخاصة بالمنتجع إلى وجهات للتنزه وركوب الدراجات بدلاً من الرياضات الشتوية.
وقالت مالكة متجر لإيجار معدات التزلج في أوتاكام، جوزيان سيمبي «إذا استمرت مواسم الشتاء بهذا الشكل، سنُضطر للإغلاق،».
من جانبها قالت مديرة الاستدامة في اتحاد التزلج الدولي، سوزانا سيف يشكل الجو غير المستقر أيضاً تحديات أكثر من ارتفاع درجات الحرارة بالنسبة للرياضات الشتوية»، معقبة «نحن نرى الآن عواصف نادرة كل 4 أو 5 سنوات».