حذّر كبير علماء المناخ في الاتحاد الأوروبي من أن الاتحاد سوف يفشل في تحقيق أهدافه المناخية، إذا لم يجبر القطاع الزراعي على دفع ثمن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

جاءت هذه التصريحات في الوقت الذي عانت فيه أسرع قارة في العالم من الفيضانات الشديدة في جميع أنحاء وسط أوروبا في مثالٍ على الأحداث الجوية المتطرفة التي يقول العلماء إنها تفاقمت بسبب تغير المناخ.

وقال أوتمار إيدنهوفر، رئيس المجلس الاستشاري العلمي الأوروبي بشأن تغير المناخ، لصحيفة فايننشال تايمز إنه سيكون «من المستحيل تقريباً» تحقيق الهدف الذي اقترحته المفوضية الأوروبية بخفض الانبعاثات بنسبة 90 في المئة بحلول عام 2040 دون فرض ضريبة على الانبعاثات الزراعية.

وقال إيدنهوفر «على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ظلت الانبعاثات في قطاع الزراعة مستقرة تماماً»، في حين نجحت قطاعات أخرى في خفض تأثيرها المناخي.

وأضاف: «أن إشارة السعر مهمة لأنه بدون إشارة السعر، من غير المرجّح أن نتمكن من تقليل الانبعاثات».

تشكّل الزراعة 12 في المئة من انبعاثات الاتحاد الأوروبي، ويأتي نحو ثلثيها من إنتاج اللحوم والألبان، ولكنها واحدة من القطاعات القليلة في الاتحاد الأوروبي التي تجنبت حتى الآن التشريعات المناخية الصارمة، بما في ذلك أهداف خفض الانبعاثات القطاعية، ويرجع ذلك جزئياً إلى قدرة المزارعين على تنظيم احتجاجات واسعة النطاق ومزعجة.

وفي وقتٍ سابق من هذا العام، أدت حصار الجرارات والمظاهرات التي نظمها المزارعون في العديد من العواصم الأوروبية إلى إعادة التفكير في الاتحاد الأوروبي حول كيفية تعامله مع الجهود المبذولة لإزالة الكربون من المزارع.

ودفع ذلك المفوضية إلى سحب مشروع قانون بشأن المبيدات الحشرية وحذف الأهداف الموصى بها من وثيقة تحدد كيفية وصول الكتلة إلى هدفها لعام 2040.

ولكن قضية جعل المزارعين أو الأطراف الأخرى في سلسلة الغذاء يدفعون ثمن الانبعاثات ارتفعت إلى قمة جدول الأعمال مع بدء بروكسل في تحديد أولوياتها لولاية السنوات الخمس المقبلة التي تبدأ في وقت لاحق من هذا العام.

كما تمارس الدنمارك ضغوطاً على بروكسل لإدخال نظام على مستوى الاتحاد الأوروبي بعد أن أعلنت أول ضريبة كربون في العالم على الانبعاثات الزراعية في يونيو حزيران.

ويدرس المسؤولون في الاتحاد الأوروبي خيارات من بينها فرض ضريبة على مصنعي الأغذية تتضمن أيضاً حوافز للمزارعين لاستخدام أراضيهم مصدراً للكربون.

ولكن تقريراً عن مستقبل الزراعة في الاتحاد الأوروبي، والذي نشأ عن مشاورات بين مجموعات صناعة الأغذية والزراعة وكذلك المنظمات غير الحكومية البيئية، ونشر هذا الشهر، قال إنه «من السابق لأوانه» التوصل إلى استنتاج بشأن تسعير الانبعاثات الزراعية.

ولم تتدخل اللجنة الاستشارية العلمية، التي تتولى تقييم سياسات المناخ في الاتحاد رسمياً بعد في المناقشة ولكنها ستنشر تقريراً عن نماذج لنظام تداول الانبعاثات الزراعية العام المقبل.

وقال إيدنهوفر إن المجلس وجد أنه من أجل الوصول إلى هدف التسعين في المئة، يتعين على الاتحاد الأوروبي خفض الانبعاثات بنحو 171 ميغاطن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يعادل تقريباً الانبعاثات السنوية لهولندا والدنمرك مجتمعتين.

وقال إيدنهوفر إنه بالإضافة إلى معالجة الانبعاثات الزراعية، يتعين على الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يبذل جهداً أكبر لتطوير تكنولوجيات إزالة الكربون، مثل احتجاز الكربون وتخزينه.

«نحن ندرك تماماً أن هذه التقنيات ليست كلها جاهزة للتحديث الجذري، لكننا نشعر أن هذا أمر يحتاج إلى المزيد من البحث والتطوير والمزيد من النشر».

وحذّر أيضاً من أن تعديل الإشعاع الشمسي، وهي تقنية مثيرة للجدل تتضمن عكس أشعة الشمس إلى الفضاء، كان «بديلا ضعيفا للتخفيف»، لأنه لن يعالج مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

ولكنه أضاف: «أنا أدرك أن العديد من البلدان تناقش هذا الأمر.. وسوف يصبح هذا نقاشاً مهماً على المستوى الدولي».