ستتعرض الدول الغنية لضغوط في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 29) الشهر المقبل لزيادة الأموال التي تقدمها للدول الأكثر فقراً بمئات المليارات من أجل عمليات «تمويل المناخ».

ولكن الخلافات عميقة حول المبالغ المطلوبة ومَن ينبغي أن يدفع وما الذي ينبغي تمويله، ما يعني أن هذه القضية ستتصدر جدول أعمال مؤتمر المناخ في باكو.

ما هو تمويل المناخ؟

إنه المصطلح الرئيسي الذي سيتردد في مفاوضات هذا العام التي تستمر من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني.

ولكن، بشكل عام، هو المال الذي يُنفق بطريقة متوافقة مع المسار نحو خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتنمية المقاوِمة لتغير المناخ، وفقاً للصياغة المستخدمة في اتفاق باريس 2015.

ويشمل ذلك الأموال الحكومية أو الخاصة التي تضخ في مشاريع الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتكنولوجيا مثل المركبات الكهربائية أو تدابير التكيُّف مثل السدود لمنع ارتفاع منسوب مياه البحار.

ولكن هل يمكن أن تتضمن مثلاً تقديم إعانات لفندق جديد يقتصد في استخدام المياه؟ هذه من المسائل التي لم تعالجها مؤتمرات المناخ السنوية التي ترعاها الأمم المتحدة بشكل مباشر.

وخلال مفاوضات الأمم المتحدة، يشير تمويل المناخ إلى الصعوبات التي يواجهها العالم النامي في الحصول على الأموال التي يحتاج إليها للاستعداد لمواجهة الاحتباس الحراري العالمي.

من سيدفع في كوب 29؟

بموجب اتفاق الأمم المتحدة لعام 1992، كانت بعض البلدان الغنية هي التي تتحمل المسؤولية الأكبر عن الاحتباس الحراري العالمي ملزمة بتوفير التمويل.

وفي عام 2009، وافقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا وكندا وسويسرا والنروج وأيسلندا ونيوزيلندا وأستراليا على دفع 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020.

ولكن هذه الدول لم تحقق هذا الهدف إلا في عام 2022، وأدى التأخير إلى تآكل الثقة وتغذية الاتهامات بأن البلدان الغنية تتهرب من مسؤولياتها.

وفي مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، من المتوقع أن تتفق نحو 200 دولة على هدف تمويلي جديد بعد عام 2025.

ودعت الهند إلى تخصيص تريليون دولار سنوياً، واقترحت دول أخرى مبلغاً أعلى، لكن الدول المعنية تريد من الاقتصادات الكبرى الأخرى المساهمة بحجة أن الأمور تغيرت وأن الدول الصناعية الكبرى في أوائل التسعينيات تمثل 30 في المئة فقط من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي التاريخية اليوم.

وعلى وجه الخصوص، يُطلب من الصين، وهي أكبر ملوث في العالم اليوم، ودول الخليج أن تدفع، لكنها تمانع.

ما المبلغ المتفاوض عليه؟

يقدر الخبراء المكلفون من الأمم المتحدة أن الدول النامية، باستثناء الصين، ستحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2030.

لكن الخط الفاصل بين تمويل المناخ والمساعدات الأجنبية ورأس المال الخاص يكون غير واضح في أغلب الأحيان، ويطالب النشطاء بوضع شروط أكثر وضوحاً تحدد من أين تأتي الأموال وبأي شكل.

وفي رسالة إلى الحكومات، كشفتها وكالة فرانس برس، دعا ائتلاف من عشرات المنظمات الناشطة والبيئية والعلمية في أكتوبر تشرين الأول، الدول الغنية إلى دفع تريليون دولار سنوياً للدول النامية ضمن ثلاث فئات واضحة.

دعت هذه المنظمات إلى تخصيص نحو 300 مليار دولار من الأموال الحكومية للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، و300 مليار دولار لتدابير التكيَّف و400 مليار دولار للإغاثة من الكوارث المعروفة باسم «الخسائر والأضرار».

ودعا الموقعون على الرسالة إلى أن تكون كل الأموال المقدمة على شكل منح، سعياً إلى تصحيح ما نشأ عن تقديم قروض كتمويل للمناخ تقول البلدان الأكثر فقراً إنها تفاقم مشكلات ديونها.

كل البلدان المتقدمة لا تريد إدراج أموال «الخسائر والأضرار» في أي اتفاقية تمويل مناخية جديدة يتم التوصل إليها في مؤتمر المناخ الدولي التاسع والعشرين.

أين سيجدون المال؟

تمر معظم مساعدات تمويل المناخ من خلال بنوك التنمية أو الصناديق التي تُدار بشكل مشترك مع البلدان المعنية، مثل صندوق المناخ الأخضر وصندوق البيئة العالمي.

وينتقد النشطاء بشدة التعهد المتعلق بتقديم 100 مليار دولار لأن ثلثي تلك الأموال تم تقديمها كقروض وليس كمنح.

وحتى بعد زيادة التمويل، من المرجح أن يكون أي تعهد جديد من الحكومات أقل بكثير مما هو مطلوب، ولكن هذا الالتزام يُنظر إليه على أنه رمزي للغاية وحاسم لتوفير مصادر تمويل أخرى، ولا سيما رأس المال الخاص.

كما تؤدي الدبلوماسية المالية دورها في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين حيث تريد البرازيل المضيفة لقمتها الشهر المقبل اعتماد ضريبة عالمية على أصحاب المليارات.

وتدعم فرنسا وكينيا وبربادوس أيضاً فكرة فرض ضرائب عالمية جديدة، على سبيل المثال على النقل الجوي أو البحري، بدعم من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

ومن بين الخيارات أيضاً إعادة توجيه إعانات الوقود الأحفوري نحو الطاقة النظيفة أو شطب ديون البلدان الفقيرة في مقابل الاستثمارات المناخية.

وفي الوقت نفسه، طلبت أذربيجان المضيفة لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين من منتجي الوقود الأحفوري المساهمة في صندوق جديد من شأنه أن يوجه الأموال إلى البلدان النامية.