أذربيجان، الواقعة بين أوروبا وآسيا في منطقة القوقاز، تعتبر واحدة من البلدان ذات الأهمية الجيوسياسية في العالم، وتستعد لاستضافة مؤتمر المناخ COP29 في عام 2024. ويعرف هذا البلد بموقعه المميز على بحر قزوين وثرواته الطبيعية من النفط والغاز، ما ساهم في تطوير اقتصاد أذربيجان بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة.
وتأتي استضافة أذربيجان لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 في عاصمتها باكو الشهر المقبل؛ ليمنحها منصة بارزة لتسليط الضوء على جهودها في مجال التنمية المستدامة وحلول الطاقة المتجددة في منطقة القوقاز. وذلك في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بجهود مكافحة التغير المناخي، ويعكس رغبة أذربيجان في أن تكون لاعباً رئيسياً في الحوار البيئي العالمي.
ويجمع «مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ» الـ29 (كوب 29) الدول الأطراف في «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، إضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين ونشطاء المناخ وممثلي الشركات والمنظمات غير الحكومية، وسيُعقد المؤتمر من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني 2024 في باكو.
وبهذه المناسبة، نستعرض بعض المعلومات عن الدولة المستضيفة لمؤتمر المناخ موب 29، تشمل أهم مدن أذربيجان وأهميتها الجغرافية وأشهر المواقع السياحية والاقتصاد الأذربيجاني.
أهم المدن
باكو: العاصمة وأكبر مدن أذربيجان، وهي مركز اقتصادي وثقافي رئيسي. تتميز باكو بمعالمها المعمارية المتنوعة التي تمزج بين التراث العريق والهندسة الحديثة، مثل برج الشعلة والمدينة القديمة المدرجة في قائمة اليونسكو.
كنجة: ثاني أكبر مدينة وتاريخيًا مهمة، إذ تُعتبر مهد الأدب والشعر الأذربيجاني ومركزاً ثقافياً.
شكي: معروفة بتاريخها الطويل وبيئتها الجبلية الجميلة، وتضم مواقع ثقافية وتاريخية هامة، مثل قصر خان شكي.
قوبا: تُشتهر بجبالها وطبيعتها الخلابة وتعتبر وجهة سياحية رئيسية لعشاق الطبيعة والمغامرات.
اقتصاد أذربيجان
يعتمد الاقتصاد الأذربيجاني بشكل كبير على قطاعي النفط والغاز، حيث يعد ممر النفط الجنوبي أحد مشاريع النقل الرئيسية التي توصل نفط بحر قزوين إلى أوروبا عبر خط أنابيب يمتد عبر تركيا. وقد أسهمت الاستثمارات النفطية في تمويل مشاريع البنية التحتية وتحسين المرافق العامة. ومع توجهات الدولة الحديثة نحو التنويع، تسعى أذربيجان إلى تعزيز قطاعات السياحة والزراعة والصناعات الخفيفة للحد من الاعتماد على الموارد الطبيعية.
أشهر المواقع السياحية
المدينة القديمة في باكو، وهي موقع تاريخي من العصور الوسطى يحتوي على برج العذراء وقصر الشروانشاه، وهما من أبرز معالم التراث الثقافي في أذربيجان.
جبل النار (يانارداغ)، ويعد من الظواهر الطبيعية الفريدة، إذ تتوهج النيران على منحدراته باستمرار بسبب تسرب الغاز الطبيعي.
منتزه قوبوستان الوطني، ويضم مجموعة ضخمة من الرسومات والنقوش الصخرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وتوثق الحياة البشرية في المنطقة منذ آلاف السنين.
برج الشعلة في باكو، ويعد من المعالم الحديثة التي تمثل التقدم الاقتصادي للبلاد، ويتميز بتصميمه العصري الذي يُضيء بألوان علم أذربيجان ليلاً.
الأهمية الجغرافية والبيئية
تعتبر أذربيجان بوابة بين آسيا وأوروبا، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي على ساحل بحر قزوين، ما جعلها مركزاً لعبور الطاقة والتجارة في المنطقة.
وتنعكس هذه الأهمية الجغرافية في التحديات البيئية التي تواجهها، بما في ذلك إدارة موارد الطاقة غير المتجددة التي يعتمد عليها اقتصادها بشكل كبير، مثل النفط والغاز الطبيعي، والتكيف مع التغيرات المناخية التي تؤثر على مواردها الطبيعية وتنوعها البيئي.
التحول إلى الطاقة النظيفة
تشهد أذربيجان تحولاً ملحوظاً نحو اعتماد الطاقة المتجددة، حيث تتبنى الدولة مشروعات طموحة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بهدف تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.
ويأتي هذا التوجه بدعم من الحكومة والشراكات الدولية التي تشاركها في تطوير بنى تحتية للطاقة النظيفة، ففي هذا السياق، يسعى وزير البيئة والموارد الطبيعية الأذربيجاني مختار باباييف الذي عُيّن رئيساً لمؤتمر COP29، إلى تعزيز المشروعات التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بخلق بيئة تنظيمية تستقطب الاستثمارات في الطاقة المتجددة، وفقاً لوكالة أنباء أذربيجان الحكومية.
تعاون دولي متنوع
استضافت أذربيجان العديد من اللقاءات الدولية؛ استعداداً للمؤتمر، حيث بحثت قضايا بيئية متعددة مع عدة دول مثل كوبا، إذ أعربت الأخيرة عن استعدادها لتقديم الدعم لأذربيجان في تنظيم المؤتمر.
كذلك نظمت الدولة جلسات حوارية مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي لتوحيد الجهود نحو مكافحة التغير المناخي، ما يعكس التزام أذربيجان بتنسيق رؤى وتطلعات مختلف الأطراف الدولية لتحقيق توافق شامل حول القضايا البيئية.
رؤية طموحة للتنمية المستدامة
في الوقت الذي تستعد فيه لاستضافة المؤتمر، تتطلع أذربيجان لتكون نموذجاً للبلدان النامية التي تسعى لتحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي وحماية البيئة.
وفي هذا السياق، أعرب رئيس أذربيجان إلهام علييف عن أمله في أن يشكّل المؤتمر فرصة لتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود لمواجهة تحديات المناخ من خلال تبني حلول عملية وقابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
التطلعات المرتقبة لمؤتمر COP29
بفضل الاستراتيجيات الطموحة التي تتبناها أذربيجان، يمثل COP29 حدثاً مهماً من شأنه أن يجذب أنظار العالم نحو إمكاناتها في قيادة الحوار المناخي العالمي، إذ يأمل المشاركون في المؤتمر في أن تتضمن الجلسات استعراضاً لحلول مبتكرة في مجال الطاقة النظيفة، وتبني سياسات تدعم استثمارات طويلة الأمد لحماية التنوع البيئي وضمان استدامة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
وتسعى أذربيجان للاستفادة من استضافة COP29 كوسيلة لتعزيز مكانتها العالمية، ولتقديم نموذج يحتذى به في مجال التنمية المستدامة، حيث تجمع بين التراث الغني والحداثة في سعيها لتحقيق مستقبل أكثر خضرة واستدامة.