أصدرت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ تقريرها التجميعي للمساهمات المحددة وطنياً لعام 2024، محذّرة من أن الخطط المناخية الحالية ليست كافية لمواجهة التحديات البيئية المتصاعدة.

يُعتبر هذا التقرير بمثابة نداء مُلح للدول لتحمل المسؤولية واتخاذ إجراءات جذرية بحلول العام المقبل، في سبيل إنقاذ كوكب الأرض وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة.

أكد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، سيمون ستيل، أن التقرير التجميعي الذي صدر اليوم يمثل نقطة تحول يجب أن تُنهي حقبة عدم الكفاية وتدشن عصراً جديداً من التحرك السريع، ووفقاً للتقرير فإن الخطط المناخية الوطنية الحالية بعيدة كل البعد عن تلبية المتطلبات الضرورية للحفاظ على المناخ العالمي، الأمر الذي يهدد حياة وسبل عيش مليارات الأشخاص حول العالم.

وأشار التقرير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة وأكثر جرأة على مستوى الخطط الوطنية للمساهمة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتجنب الفوضى المناخية، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال التزام الحكومات بزيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، مع الحد من التلوث وتحسين جودة الحياة.

بحسب التقرير، فإن الخطط الحالية للدول، حتى إذا تم تنفيذها بالكامل، ستصل بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات تهدد بكارثة بشرية واقتصادية شاملة بحلول عام 2030، ويلفت التقرير إلى أن الأهداف الجديدة يجب أن تتضمن تخفيض الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030، وبنسبة 60% بحلول عام 2035، من أجل الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الأقصى لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ.

وأوضح التقرير ضرورة أن تتسم المساهمات المحددة وطنياً بالشمولية والمصداقية، وأن تتجاوز جميع الخطط اختبار الطموح عبر وضع أهداف شاملة تتعلق بالاقتصاد كاملاً.

تعليق سيمون ستيل على التقرير

من جهته علق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ سيمون ستيل قائلاً «إن نتائج التقرير صارخة، لكنها ليست مفاجئة، فالخطط المناخية الوطنية الحالية بعيدة تماماً عما هو مطلوب لمنع الاحترار العالمي من تدمير جميع الاقتصادات، وتعريض حياة وسبل عيش مليارات الأشخاص في جميع الدول للخطر».

أضاف «بل إنه على النقيض من ذلك، يمكن أن تسهم الخطط المناخية الوطنية الجديدة الأكثر جرأة في تجنب الفوضى المناخية، ويمكنها، إذا نُفذت بشكل جيد، أن تكون محورية في تحسين حياة الناس وتحقيق الازدهار في كل دولة في العالم».

الخطط المناخية الأكثر جرأة ضرورية لدفع استثمارات أقوى وتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل، والحد من التلوث، وتحسين الصحة، وخفض التكاليف، وتوفير طاقة نظيفة وآمنة وبأسعار معقولة، إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى.

وأكد كما كان متوقعاً، مع عمل الدول حالياً على إعداد المساهمات المحددة وطنياً الجديدة لتقديمها في عام 2025، يُظهر هذا التقرير تقدماً طفيفاً فقط مقارنة بما هو متوقع، وما هو مطلوب بشكل عاجل، للعام المقبل.

وبموجب الخطط الحالية مجتمعة، إذا نُفذت بالكامل، ستصل انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون إلى 51.5 جيجا طن في عام 2030، وهو مستوى يقل بنسبة 2.6% فقط مما كان عليه في عام 2019، إن التلوث الناتج عن غازات الاحتباس الحراري بهذه المستويات يضمن كارثة بشرية واقتصادية لكل دولة، دون استثناء.

أضاف أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تشير إلى أن الانبعاثات يجب أن تنخفض بنسبة 43% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2019، وبحلول عام 2035 يجب خفض الانبعاثات الصافية العالمية لغازات الاحتباس الحراري بنسبة 60% مقارنة بمستويات عام 2019، ويعد هذا أمراً ضرورياً للحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية هذا القرن لتجنب أسوأ تأثيرات التغير المناخي، فكل جزء بسيط من الدرجة المئوية يمكن خفضه هو أمر مهم، مع ازدياد حدة الكوارث المناخية على نحو سريع.

وشدد على أنه يجب أن توفر الجولة المقبلة من الخطط المناخية الوطنية زيادة ملحوظة في العمل المناخي والطموح.

ففي حين أن هذه الخطط ليست بمثابة «حل واحد يناسب الجميع»، كما أنه يتم تحديدها على المستوى الوطني، فإنه يجب أن تتجاوز جميعها اختبار الطموح والشمولية والمصداقية.

ولا بد أن يكون بها أهداف طموحة جديدة للانبعاثات تشمل الاقتصاد بالكامل، وتغطي كل الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، وتحافظ على هدف الإبقاء على درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.

ويجب تقسيم تلك الخطط إلى قطاعات وغازات.

ويجب أن تتمتع بالمصداقية، وأن تدعمها لوائح وقوانين موضوعية وتمويل لضمان تحقيق الأهداف وتنفيذ الخطط.

كما يجب أن تتضمن المساهمات المحددة وطنياً الجديدة أيضاً أولويات واستثمارات التكيف لحماية القطاعات الحيوية والبنية التحتية والأشخاص من تأثير تغير المناخ، ودعم عمليات خطة التكيف الوطنية ومواءمتها معها.

كما يجب أن تحتوي على أفق زمني حتى عام 2035، مع أهداف أقوى بكثير لعام 2030 لدفع التخفيضات العميقة في الانبعاثات اللازمة عالمياً خلال هذا العقد.

وتعمل اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ، بالتعاون الوثيق مع منظومة الأمم المتحدة الأوسع نطاقاً، على توفير مجموعة من الدعم العملي، خصوصاً للدول النامية وتلك الأكثر عرضة للخطر، مع الاعتراف بالقيود الشديدة على القدرات وغيرها من العوائق التي تواجهها العديد من الدول.

وبما أن هذه الخطط المناخية الوطنية الجديدة ستكون من أهم الوثائق السياسية حتى الآن في هذا القرن، فإن اتفاقية الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ ستنظم سلسلة من الفعاليات العام المقبل لدعم تنفيذ الدول لمساهماتها المحددة وطنياً وإشراك الجمهور العالمي في النقاش حول تنفيذها، وسيتم الإعلان عن مزيد من التفاصيل في مؤتمر الأطراف المقبل COP29.

وأشار الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، سيمون ستيل، إلى أن يمثل مؤتمر الأطراف COP29 لحظة حاسمة في المعركة العالمية ضد تغير المناخ، والبيانات الصادرة اليوم هي بمثابة تذكير قوي بأهمية أن يكون مؤتمر COP29 مؤتمراً للنهوض وتنفيذ الوعود.

لذلك ينبغي على الحكومات أن تأتي إلى باكو مستعدة لتحويل التعهدات في «اتفاق الإمارات» بمؤتمر الأطراف COP28 مثل زيادة الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف، وتحديد الهدف العالمي للتكيف، والانتقال بعيداً عن جميع أنواع الوقود الأحفوري، إلى نتائج اقتصادية فعلية وحقيقية، لحماية الناس وسبل عيشهم في كل مكان.

ويجب أن يكون مؤتمر الأطراف COP29 مؤتمراً داعماً، بحيث يقدم نتائج ملموسة وطموحة بشأن التمويل المناخي الذي يضع في عين الاعتبار احتياجات الدول النامية، مع الاعتراف بأن هذا الدعم أمر ضروري لحماية الدول كافة والاقتصاد العالمي من تأثيرات تغير المناخ المتفاقمة.

لقد وضعت الجولة السابقة من المساهمات المحددة وطنياً أسساً للتغيير الحتمي الذي لا يمكن إيقافه، ويجب أن تحدد المساهمات المحددة وطنياً الجديدة خلال العام المقبل مساراً واضحاً لتحقيق ذلك، عن طريق زيادة الطاقة المتجددة، وتعزيز التكيف، وتسريع الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون في كل مكان.