حذّرت الأمم المتحدة، يوم الأحد، من أن الزراعة غير المستدامة وإزالة الغابات تهددان قدرة الكوكب على توفير الحياة للمجتمعات البشرية.

يأتي هذا التحذير عشية انطلاق الدورة السادسة عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في عاصمة المملكة العربية السعودية- الرياض، في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر 2024 تحت شعار «أرضنا.. مستقبلنا» بحضور ممثلي ما يقرب من 200 دولة.

وأعلن عدد من العلماء، في تقرير مشترك مع الأمانة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أن فقدان المزيد من الغابات وتدهور التربة يقللان من القدرة على الصمود في مواجهة تغيّر المناخ كما يؤديان إلى فقدان التنوع البيولوجي، ما يخلق حلقات من ردود الفعل السلبية وتسارع حلقات التغذية العكسية من الطبيعة، ويدفع العالم إلى «هاوية» خطيرة.

على سبيل المثال تتسبب إزالة الغابات في زيادة انبعاثات الكربون وتفاقم أزمة المناخ، ومن ناحية أخرى تقلل أيضاً من قدرة النظام البيئي على إعادة تدوير المياه والتعامل مع الجفاف، ما يتسبب في موت المزيد من الأشجار.

ومن المتوقع أن تُمثل اجتماعات الرياض أكبر مؤتمر حول حماية الأراضي في التاريخ، وتأتي هذه الاجتماعات في أعقاب سلسلة من المفاوضات الصعبة التي نظمتها الأمم المتحدة بشأن مواجهة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي وخفض معدلات التلوث الناتجة عن استخدام البلاستيك.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو «إذا فشلنا في الاعتراف بالدور المحوري للأراضي وتراجعنا عن اتخاذ الإجراءات المناسبة، فإن العواقب ستمتد عبر كل جانب من جوانب الحياة بل وستمتد إلى المستقبل، مما يؤدي إلى زيادة الصعوبات التي ستواجهها الأجيال القادمة»، وأضاف في مقابلة مع وكالة فرانس برس، إن «الأمن العالمي على المحك حقاً، حيث يؤدي فقدان الغابات والتربة الفقيرة إلى مزيدٍ من الجوع والصراع والهجرة».

وتتسبب الزراعة في نحو 23 في المئة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، و80 في المئة من إزالة الغابات، و70 في المئة من استخدام المياه العذبة.

وقال الباحثان ثياو وجوهان روكستروم، من معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، في مقدمة التقرير «قد يؤدي التوسع في الأراضي الزراعية إلى إطعام المزيد من الناس في الأمد القريب، لكنه قد يسرع من تدهور التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، وبالتالي انعدام الأمن الغذائي في الأمد البعيد».

وبخلاف خسارة الغابات، تستخدم الزراعة كميات هائلة من المواد الكيميائية في الأسمدة والمبيدات الحشرية التي تخلق «مناطق ميتة» في المجاري المائية، وتضر بالتنوع البيولوجي وتزيد من انبعاثات الغازات المسببة لاحترار الكوكب، كما يؤدي سوء إدارة المياه إلى استنزاف موارد المياه العذبة.

وبالاستعانة بـ350 مصدراً للبحث، استطاع التقرير تحسين استخدام مفهوم الحدود الكوكبية، وهي النطاقات المسموح بها للحفاظ على العالم صالحاً للعيش لمعظم أنواع الكائنات، وهي حدود تشبه الهدف المناخي الشهير المُتمثل في عدم تجاوز رفع درجة حرارة الكوكب بأكثر من درجة ونصف.

وقال الأخوان روكستروم «الهدف من إطار الحدود الكوكبية هو توفير مقياس لتحقيق الرفاهة البشرية ضمن الحدود البيئية للأرض، فنحن نقف على حافة الهاوية ويجب أن نقرر ما إذا كان علينا التراجع واتخاذ إجراءات للتحول إلى طريق أخر، أو الاستمرار على مسار التدهور البيئي الذي لا رجعة فيه».

المخاطرة بالأمن العالمي

ستة من هذه الحدود التسعة (تغير المناخ، وإزالة الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي، واستخدام المواد الكيميائية الاصطناعية بما في ذلك البلاستيك، ونضوب المياه العذبة، واستخدام النيتروجين) أصبحت بالفعل في مرحلة الخطر (باللون الأحمر).

اثنان من الثلاثة المتبقية (تحول المحيطات إلى الحمضية، وتركز الجسيمات والغبار في الغلاف الجوي) تتطابق مع الحد الأقصى المسموح به لحماية الحياة على الأرض.

العنصر الوحيد الذي بقى ضمن الحدود الآمنة هو (استنزاف الأوزون).

وأوصى التقرير بإعادة تنظيم مئات المليارات من الدولارات من الإعانات الزراعية الضارة أو غير الفعّالة مع تطبيق ممارسات زراعية أكثر استدامة، وشملت الحلول معالجة الفساد وتحسين إدارة المياه وإصلاح طرق الزراعة.

وبحسب البيانات التي شاركتها الحكومات مع الأمانة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، فإن تدهور الأراضي يؤثر في مساحة 1.5 مليار هكتار، أي ما يقرب من حجم روسيا، وتزداد المساحة المتدهورة بنحو 100 مليون هكتار كل عام.