تواصل المملكة العربية السعودية تأكيد دورها الريادي على الساحة الدولية في التصدي لتحديات المياه العالمية، حيث انطلقت اليوم الثلاثاء في الرياض «قمة المياه الواحدة» برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توقايف، ورئيس البنك الدولي أجاي بانغا.
وتأتي هذه القمة كمنصة عالمية تجمع القادة والمنظمات والمؤسسات المالية والقطاع الخاص لمناقشة حلول مبتكرة لمواجهة أزمة المياه التي تتفاقم مع تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.
السعودية تقدم 6 مليارات دولار لدعم 60 دولة
وقال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته الافتتاحية إن العالم يواجه تحديات متزايدة في قطاع المياه التي تؤدي إلى أزمات متعددة تهدد حياة الإنسان.
وأضاف أن المملكة قدمت 6 مليارات دولار لدعم أكثر من 200 مشروع مائي في 60 دولة، وقمة المياه تعكس عزم السعودية على مواجهة ندرة المياه.
ودعا ولي العهد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للقطاع الخاص إلى الانضمام إلى المنظمة العالمية للمياه التي ستؤسسها المملكة لإيجاد حلول شاملة للتحديات المائية، والعمل على وضع خطط مشتركة لاستدامة مصادر المياه وتعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات المائية، مشيراً إلى أن المملكة تستعد لاستضافة المنتدى العالمي للمياه 2027 بالتعاون مع المجلس العالمي للمياه.
ماكرون: يجب إبقاء المياه ملكاً مشتركاً للجميع
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه يجب إبقاء المياه ملكاً مشتركاً للجميع، والعمل على تقليل هدرها من خلال الوسائل التكنولوجية، التي تعمل بدورها على إيجاد حلول مبتكرة لمعالجة تحديات الهدر المائي على المستوى العالمي.
وأضاف ماكرون أن المياه اعتُبِرَت منذ زمن طويل قضية ثانوية في تحديات تغير المناخ، إلا أنها تبقى عنصراً أساسياً في كل سياسة للتكيف مع هذه التغيرات، بما يضع في عين الاعتبار مواردها وكمياتها ونوعها وغيرها من العوامل المرتبطة بتوافر المياه.
وأشار إلى تأثيرات تحديات المياه بشكل عام، بما في ذلك تناقص مساحة الغابات، وتفاقم أزمة المناخ والتنوع البيئي، موضحاً أن 60% من المياه العذبة عابرة للحدود، وهو الأمر الذي يعني أنه لا يمكن مواجهة تحدياتها على الصعيد الوطني، خاصة أن العديد من النزاعات ترتبط بالمياه بشكل أساسي.
واستعرض الرئيس الفرنسي بعض الأرقام التي من شأنها أن تعكس حجم التحدي المتعلق بالمياه، إذ أوضح أن واحداً من كل أربعة أشخاص لا تصل له المياه العذبة، كما أن شخصاً من كل اثنين تتناقص موارده منها بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى قضاء النساء والأطفال 200 مليون ساعة سنوياً في البحث عن المياه.
وأكد ماكرون في سياق حديثه عن أهمية الاستثمار في مجالات المياه، أن كل دولار يتم استثماره في هذا الملف يوفر 4 دولارات في النفقات الصحية المرتبطة بالمياه، مشدداً على أهمية الاعتماد على العلم والتكنولوجيا ومراعاة النماذج المناخية من أجل توقع جميع السيناريوهات وتعزيز قدرة التعامل معها بشكل رئيسي، والعمل على الأصعدة كافة من أجل مجابهة هذه التحديات.
رئيس البنك الدولي: تحديات المياه تؤثر على الأمن الغذائي العالمي
وتناول رئيس البنك الدولي، أجاي بانغا، أزمات المياه العالمية بشكل رئيسي، إذ أكد أنها تُلقي بظلالها على العديد من المجالات البيئية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن أكثر من مليوني شخص حول العالم يفتقدون مياه الشرب الآمنة والنظيفة.
وحذر بانغا أيضاً من أن تحديات المياه تؤثر بشكل رئيسي على سلاسل الإمداد والأمن الغذائي العالمي، خاصة في ظل النمو السكاني المتزايد للشعوب حول العالم.
ورأى رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توقايف، أن التحديات المتعلقة بالمياه تشمل السيول والفيضانات، والتي تؤثر على 1.5 مليار شخص سنويّاً على مستوى العالم، مشدداً على أهمية أنظمة الإنذار المبكر في حماية المناطق الساحلية والجزر ومجتمعاتها، والتي شدد بشكل رئيسي على تضررها الكبير بفعل الفيضانات والسيول.
أهداف القمة
تهدف القمة إلى تقديم حلول عملية لمعالجة التحديات التي يواجهها قطاع المياه، مع التركيز على التمويل المستدام ومواجهة تأثيرات تغير المناخ.
تأتي هذه الجهود استعداداً لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2026، حيث تمثل القمة فرصة لطرح استراتيجيات شاملة لمعالجة الأزمات المائية المتصاعدة.
تشكل القمة أحد مخرجات «تحالف الكوكب الواحد»، الذي يهدف إلى دعم القضايا البيئية عالمياً، كما تنسجم مع مبادرات سعودية بارزة مثل «الشرق الأوسط الأخضر» و«السعودية الخضراء»، والتي تسعى إلى تقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الصفري بحلول 2060.
تُبرز قمة المياه الواحدة في الرياض التزام المملكة بقيادة العالم نحو إيجاد حلول مبتكرة لأزمة المياه العالمية.
ومن خلال شراكتها مع الدول والمؤسسات، تعزز السعودية مساعيها لضمان موارد مائية مستدامة، وتأمين مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتحقيق التوازن البيئي العالمي.