دقّ تقرير «التقنيات المناخية لعام 2024 الشرق الأوسط»، الصادر عن شركة الاستشارات بي دبليو سي العالمية، ناقوس الخطر من تراجع الاستثمار في تقنيات المناخ، والذي تراجع بنسبة 29 في المئة من 79 مليار دولار إلى 56 مليار دولار.
وبلغت قيمة الاستثمارات من قبل دول الشرق الأوسط في تقنيات المناخ عالمياً نحو 3.6 مليار دولار، ولكن حصة شركات تكنولوجيا المناخ في المنطقة لم تتجاوز 43.6 مليون دولار.
قطاعات متعطشة للتمويل
على الرغم من التحديات التي تواجه الاستثمارات العالمية في تكنولوجيا المناخ فإن بعض المناطق والقطاعات أظهرت مرونة ونمواً، فشهدت بريطانيا زيادة بنسبة 24 في المئة ووصلت قيمة الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ إلى 4.5 مليار دولار كما بقيت الاستثمارات في تكنولوجيا المناخ مستقرة في السوق الأميركية مسجلة 24 مليار دولار.
أما في منطقة الشرق الأوسط فأشار التقرير إلى بلوغ قيمة الاستثمارات منذ عام 2013 نحو 6 مليارات دولار مع استفادة نحو 98 شركة من التمويلات المخصصة للمنطقة، لافتاً إلى تركز ثلثي الاستثمارات الإقليمية على المجالات الأكثر تأثيراً في تقليل الانبعاثات.
كما سلّط التقرير الضوء على انخفاض مستويات التمويل داخل منطقة الشرق الأوسط بنسبة 52 في المئة مقارنة بعام 2023، وهو ما يشكل 1.2 في المئة فقط من إجمالي استثمارات دول المنطقة في تكنولوجيا المناخ؛ الأمر الذي يعكس الحاجة إلى تعزيز الدعم للمشاريع المحلية لدفع الابتكار والنمو داخل المنطقة.
وأشار تحليل بي دبليو سي بشأن بيانات بيتشبوك لعام 2024 إلى المشاركة الفعالة لصناديق الاستثمار السيادية في الشرق الأوسط في المشهد العالمي للتقنيات المناخية.
وشملت مشاركة هذه الصناديق صفقات مع مبتكرين متمركزين في الولايات المتحدة (21 صفقة)، تليها شركات للتقنيات المناخية تقع في الإمارات (15 صفقة)، ما يشير إلى الدور المحوري الذي تضطلع به صناديق الاستثمار السيادية في الشرق الأوسط في دفع عجلة الابتكار على مستوى التقنيات المناخية.
التنقل والذكاء الاصطناعي
لا تزال بعض القطاعات التي تشهد انبعاثات عالية للكربون تعاني فجوات في التمويل مثل الطاقة، والتصنيع، والزراعة، على الرغم من إمكاناتها الكبيرة في مجال إزالة الكربون.
وأفاد التقرير بأن التمويل الإقليمي في التقنيات المناخية المرتبطة بالطاقة انخفض ليبلغ 13 مليون دولار أميركي مقارنة بعام 2023 (22 مليون دولار) موصياً بضرورة معالجة هذه الفجوات.
وتشير استثمارات تكنولوجيا المناخ في الشرق الأوسط إلى فجوات تمويلية كبيرة على مستوى العالم وداخل المنطقة، لا سيما في القطاعات الحيوية لإزالة الكربون، مثل التصنيع الصناعي والغذاء والزراعة واستخدام الأراضي FALU والطاقة.
وتؤكد هذه الفجوات الحاجة إلى نهج أكثر توازناً لمواءمة الاستثمارات مع القطاعات ذات الانبعاثات العالية التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير مؤثر.
واستهدفت غالبية التمويل الإقليمي بين عامي 2023 و2024 قطاع التنقل الكهربائي، ويسهم قطاع النقل في نحو 16 في المئة من انبعاثات المنطقة، ومع ذلك انخفض تمويل مستثمري الشرق الأوسط في القطاع بشكل حاد، من 47 مليون دولار أميركي إلى مليوني دولار أمريكي فقط خلال الفترة نفسها.
قوة تحولية
وأشار التقرير إلى الإمكانات التحولية في المنطقة التي تخوّلها لتحقيق التقدّم على صعيد الابتكار المناخي.
وأظهرت بعض القطاعات الرئيسية كالتنقل والمركبات الكهربائية وتقنيات التنقل الذاتي القيادة القائمة على الذكاء الاصطناعي نمواً واعداً.
وتسهم الاستثمارات الاستراتيجية في تقنيات المركبات الكهربائية في تسريع وتيرة نقل الملكية الفكرية، والخبرات التقنية، والوظائف ذات المهارات العالية إلى المنطقة، وخطوة أساسية تمكنها من تحقيق مستقبل مستدام.
وترصد السعودية نحو 39 مليار دولار حتى عام 2030 لإنشاء قطاع محلي لتصنيع المركبات الكهربائية فيما تتخذ الإمارات خطوات استباقية لتحقيق مستهدف السياسة الوطنية للمركبات الكهربائية، ومن المتوقع أن يصل الطلب على البنية التحتية للشحن العام إلى 45,000 نقطة شحن بحلول عام 2035 في السعودية والإمارات.
واستقطبت شركات التقنيات المناخية القائمة على الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط نحو 47.3 مليون دولار في استثماراتها بزيادة ملحوظة على العام الماضي عندما بلغت 5.4 مليون.
وبلغت قيمة استثمارات مستثمري منطقة الشرق الأوسط في التقنيات المناخية القائمة على الذكاء الاصطناعي حول العالم نحو 2.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وهو رقم أكثر بمرتين ونصف المرة من قيمة الاستثمارات في عام 2023.
الإمارات تقود الاستثمار
وكشف التقرير بشأن اتجاهات الاستثمار بين دول المنطقة أن الإمارات زادت استثماراتها في مجال التكنولوجيا المناخية على مستوى العالم بنسبة 138 في المئة بين عامي 2023 و2024.
وعزا التقرير ذلك إلى الاستثمار الاستراتيجي في أسهم شركة تصنيع السيارات الكهربائية الصينية «نيو» من قبل مجموعة سايفن في أبوظبي، ما جعل الإمارات أكبر مستثمر إقليمي على مدى الأشهر الـ12 الماضية.
وبالإضافة إلى شركة نيو، قادت الإمارات أيضاً صفقة ضخمة بقيمة 129 مليون دولار أميركي في شركة زاب إنرجي من خلال حكومة أبوظبي خلال الفترة نفسها.
لا تزال المملكة العربية السعودية وقطر تصنفان بين أكبر المستثمرين في مجال تكنولوجيا المناخ في المنطقة، مع استثمارات في قطاعات الطاقة والتنقل، خاصة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبلجيكا.
ووصلت قيمة استثمارات كل من الإمارات والسعودية قطر مجتمعة في تكنولوجيا المناخ خارج المنطقة إلى نحو 3.49 مليار دولار.