السيارات ذاتية القيادة.. من الخيال العلمي إلى واقع يعيد تشكيل الاقتصاد

المركبة الذاتية، أو السيارة ذاتية القيادة، هي نوع من السيارات التي يمكنها العمل بمستوى قليل أو معدوم من التدخل البشري. (أ ف ب)
السيارات ذاتية القيادة.. من الخيال العلمي إلى واقع يعيد تشكيل الاقتصاد
المركبة الذاتية، أو السيارة ذاتية القيادة، هي نوع من السيارات التي يمكنها العمل بمستوى قليل أو معدوم من التدخل البشري. (أ ف ب)

المركبة الذاتية، أو السيارة ذاتية القيادة، هي نوع من السيارات التي يمكنها العمل بمستوى قليل أو معدوم من التدخل البشري.

تُعد السيارات الذاتية، أو المركبات ذاتية القيادة، من أبرز الابتكارات التكنولوجية التي انتقلت من كونها مجرد فكرة في أفلام الخيال العلمي إلى واقع ملموس يؤثر على الاقتصاد العالمي، تعتمد هذه المركبات على تقنيات متقدمة من الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار وخوارزميات الرؤية الحاسوبية لتعمل بشكل مستقل، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر، ويُصنف هذا النوع من السيارات إلى ستة مستويات أتمتة، تتراوح من عدم وجود أي أتمتة (المستوى 0) إلى التشغيل الكامل دون تدخل بشري (المستوى 5).

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

المستوى (صفر): لا توجد أية أتمتة، ويقوم السائق بكل المهام.

المستوى (1): توفر بعض المساعدات مثل التحكم في السرعة التلقائي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

المستوى (2): تتيح المساعدة في الكبح والتسارع والتوجيه، مع بقاء السائق متيقظاً.

المستوى (3): يمكنها العمل بشكل مستقل في ظروف محددة، لكن يمكنها طلب تدخل السائق عند الحاجة.

المستوى (4): تتميز بأتمتة عالية، حيث يمكن للسيارات العمل بدون سائق في بيئات معينة.

المستوى (5): أتمتة كاملة دون الحاجة لتدخل بشري في أي ظروف.

انتشار السيارات ذاتية القيادة حول العالم

بدأت المركبات الذاتية في الانتشار بشكل ملحوظ في الأسواق العالمية، ففي الولايات المتحدة يمكن لعملاء خدمات مشاركة الركوب طلب سيارات أجرة آلية في مدن كبرى مثل سان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، وفينيكس.

وفي الصين أصبحت سيارات الأجرة والناقلات الذاتية شائعة في مدن مثل بكين، وشنغهاي، وشنتشن، وووهان، حيث تدير وحدة «أبولو جو» التابعة لشركة بايدو أكثر من 400 سيارة أجرة آلية، كما تجري اختبارات عامة في عدة مدن أوروبية، منها هامبورغ وميونخ وأوسلو، وفي الإمارات وسنغافورة.

وفقاً لاستطلاع أجرته شركة ماكنزي آند كومباني في عام 2023، يتوقع قادة صناعة السيارات الذاتية أن تستحوذ ثلاث شركات أو أقل على الحصة المهيمنة في السوق العالمية لهذه التكنولوجيا، وفي أميركا الشمالية يرى 15 في المئة من المشاركين أن السوق ستهيمن عليه شركة أو شركتان، مقارنة بنسبة 38 في المئة في أوروبا.

التحديات والفرص الاقتصادية

تشكل المركبات الذاتية فرصة لتوفير خيارات نقل أكثر اقتصاداً وكفاءة، سواء للركاب أو للشحن، تُقدِّر ماكنزي أن التكلفة الإجمالية لرحلة السيارة الذاتية في مدينة أميركية نموذجية بها ألف مركبة تبلغ نحو 8.20 دولار لكل ميل، وقد تنخفض هذه التكلفة إلى 1.30 دولار لكل ميل بحلول عام 2035 مع توسع العمليات.

ومع ذلك، تواجه هذه التكنولوجيا تحديات تتعلق بالأمان والتنظيم والجدوى الاقتصادية.

ويُعزى جزء من هذه التحديات إلى الحاجة لمزيد من الاستثمارات في تطوير البرمجيات، بما في ذلك خوارزميات التنبؤ وأنظمة الرؤية، إذ تُقدِّر ماكنزي أن تحقيق التشغيل الكامل لشاحنات النقل الآلي يتطلب استثمارات تزيد على 4 مليارات دولار، وأكثر من ملياري دولار لتطبيقات المستوى 3 على الطرق السريعة، وأكثر من 5 مليارات دولار لخدمات سيارات الأجرة الآلية في المستويات 4 و5.

إضافة إلى ذلك، تُعتبر الشراكات الاستراتيجية بين الشركات من العوامل الحيوية لدفع الابتكار في هذا القطاع، إذ أكد 96 في المئة من المشاركين في استطلاع ماكنزي أن التعاون بين الأطراف هو المفتاح لتطوير المركبات الذاتية على نطاق واسع.

القيادة عن بعد وتعزيز التنقل

تظهر تقنيات القيادة عن بعد كحل تكميلي للمركبات الذاتية، إذ يتحكم سائق خارج الموقع في وظائف الفرامل والتوجيه عبر نظم اتصالات متطورة، وتُسهم هذه التقنية في تمديد نطاق تشغيل السيارات الذاتية إلى مناطق قد تكون فيها الأتمتة محظورة أو غير مجدية.

وأفاد استطلاع لماكنزي بأن نحو 70 في المئة من مالكي السيارات الفاخرة و55 في المئة من مالكي السيارات المتوسطة قد يكونون على استعداد لدفع نحو 53 دولاراً في الساعة مقابل خدمات القيادة عن بُعد.

كما توفر الخدمات المشتركة، مثل سيارات الأجرة الآلية والناقلات بدون سائق، فرصة لتجربة التنقل الذاتي بأسعار أقل وتكاليف تشغيلية محسنة، ما يسهم في توسع سوق النقل الحضري وخفض الاعتماد على الملكية الفردية للسيارات.

تأثير المركبات الذاتية على مستقبل الشحن

من المتوقع أن تُحدث المركبات الذاتية تحولاً جذرياً في قطاع الشحن، إذ تعمل على تحسين كفاءة الطرق وتقليل استهلاك الوقود من خلال الصيانة التنبؤية وتحسين إدارة المسارات، ويُعد استخدام الشاحنات الذاتية نموذجاً هجيناً حيث تترك المهام الأكثر تعقيداً في المدن للسائقين البشريين، ما يساعد في تقليل الاعتماد على العمالة البشرية وتخفيف ضغوط التوظيف.

تشير هذه التطورات إلى أن اعتماد التكنولوجيا الذاتية سيُسهم في تحسين الربحية وخفض التكاليف التشغيلية، ما يفتح آفاقاً جديدة لنماذج العمل واللوجستيات في ظل بيئة اقتصادية متغيرة.