هل تبني الذكاء الاصطناعي ضرورة للشركات أم مجرد تشتيت رقمي؟

في ظل اندفاع الشركات نحو تبني الذكاء الاصطناعي، يرى بعض الخبراء أن وجود استراتيجية منفصلة لهذا المجال قد يكون تشتيتاً أكثر من كونه ضرورة حقيقية. (شترستوك)
الذكاء الاصطناعي
في ظل اندفاع الشركات نحو تبني الذكاء الاصطناعي، يرى بعض الخبراء أن وجود استراتيجية منفصلة لهذا المجال قد يكون تشتيتاً أكثر من كونه ضرورة حقيقية. (شترستوك)

منذ إطلاق تشات جي بي تي قبل عامين، أصبحت الشركات من جميع الأحجام تعتقد أنها بحاجة إلى استراتيجية خاصة بالذكاء الاصطناعي حتى لا تتخلف عن المنافسة، لكن هل هذا ضروري فعلاً، أم أنه مجرد فخ رقمي جديد؟

يعتقد بعض الخبراء أن معظم الشركات لا تحتاج إلى استراتيجية مستقلة للذكاء الاصطناعي، بل إن التركيز عليها قد يكون مضيعة للوقت والموارد.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

الشركات ليست جاهزة بعد

حتى لو حصل المديرون التنفيذيون على استراتيجية مثالية للذكاء الاصطناعي، فإن معظم الشركات لن تكون قادرة على تنفيذها، إذ يكمن السبب الرئيسي في جودة البيانات، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.

يعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على البيانات التي يتم استخدامها لتدريبه، وإذا كانت هذه البيانات غير مكتملة أو غير منظمة، فإن أداء الذكاء الاصطناعي سيتأثر سلباً، على سبيل المثال، إذا أرادت شركة تصنيع استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الصيانة التنبؤية لتقليل الأعطال في خطوط الإنتاج، فستحتاج إلى بيانات تاريخية دقيقة تحدد أنماط الأعطال.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

ولكن غالباً ما تفتقر الشركات إلى البيانات الكافية، ما يجعل تطبيق الذكاء الاصطناعي غير دقيق وغير فعال، وقد يستغرق جمع البيانات اللازمة سنوات قبل أن يصبح النموذج موثوقاً به.

الذكاء الاصطناعي ليس جزيرة معزولة

الذكاء الاصطناعي ليس تقنية مستقلة، بل هو جزء من منظومة تقنية أوسع تشمل مجالات أخرى مثل إنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والرؤية الحاسوبية وتحليل البيانات.

على سبيل المثال، عندما تستخدم شركة الذكاء الاصطناعي في الصيانة التنبؤية، فإن هذا الاستخدام لا يقتصر فقط على الذكاء الاصطناعي، بل يتطلب أيضاً أجهزة استشعار لجمع البيانات في الوقت الفعلي، واتصال بلوتوث لنقل البيانات، وحوسبة سحابية لتخزينها وتحليلها، إذا ركزت الشركات على الذكاء الاصطناعي بمعزل عن هذه العناصر الأخرى، فإنها ستفقد التكامل المطلوب لتحقيق أقصى قيمة من التكنولوجيا.

لذلك، بدلاً من إنشاء استراتيجية منفصلة للذكاء الاصطناعي، تحتاج الشركات إلى استراتيجية تقنية شاملة تشمل جميع الابتكارات الضرورية.

نقص الكفاءات في الذكاء الاصطناعي

تشير الدراسات إلى أن معظم الشركات لا تمتلك المهارات اللازمة لتطبيق الذكاء الاصطناعي، إذ يفتقر العديد من المديرين التنفيذيين والموظفين إلى فهم عميق لهذه التقنية.

إذا لم يكن الفريق القيادي ملماً بالذكاء الاصطناعي، فمن الصعب بناء استراتيجية فعالة، الحل الأفضل هو تمكين الموظفين من تجربة الذكاء الاصطناعي بشكل عملي، بدلاً من فرض استراتيجية غير واقعية من الأعلى إلى الأسفل.

ينبغي على الشركات تشجيع الابتكار من القاعدة إلى القمة، حيث يمكن للموظفين الذين يتعاملون مباشرة مع العمليات اليومية اكتشاف أفضل الطرق لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية وحل المشكلات بفاعلية.

التأثير السلبي على اتخاذ القرار

عندما تتبنى الشركات استراتيجية ذكاء اصطناعي صارمة، فإنها تخاطر بالنظر إلى كل مشكلة من منظور الذكاء الاصطناعي فقط.

هذا قد يؤدي إلى إغفال حلول أخرى أكثر ملاءمة، إذ يبدو أن الشركات اليوم تنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه الحل السحري لكل التحديات، لكن هذا ليس بالضرورة صحيحاً، يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي جزءاً من نقاش أوسع حول كيفية الاستفادة من التقنيات الرقمية، وليس الأداة الوحيدة المستخدمة لحل المشكلات التجارية.

العقبات التاريخية التي تعيق التقدم

القرارات التي اتخذتها الشركات في الماضي قد تحد من إمكانياتها الحالية في تبني الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، إذا لم تستثمر شركة ما في تحديث بنيتها التحتية التقنية أو تحسين إدارة بياناتها، فقد تجد نفسها غير قادرة على الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي.

يتطلب بناء بيئة مناسبة لتطبيق الذكاء الاصطناعي استثمارات طويلة الأجل في تحسين البيانات، تحديث الأنظمة، وتعزيز الحوكمة الرقمية ورفع مستوى الثقافة الرقمية بين الموظفين. الشركات التي قامت بهذه الخطوات ستكون قادرة على تحقيق قيمة فعلية من الذكاء الاصطناعي، أما الشركات التي لم تستعد لذلك، فلن يفيدها وجود استراتيجية ذكاء اصطناعي على الورق.

التدرج في التحول الرقمي

إذا كانت الشركة متأخرة في تبني التقنيات الرقمية، فإن مجرد وضع استراتيجية ذكاء اصطناعي لن يجعلها متقدمة، ينبغي أن تبدأ بخطوات صغيرة بدلاً من القفز مباشرة إلى تطبيقات معقدة لا تستطيع دعمها حالياً، لا يمكن لأي استراتيجية أن تتجاوز العقبات الحقيقية التي تعاني منها الشركات في بنيتها التحتية أو ثقافتها المؤسسية.

في النهاية، تعتمد قدرة الشركات على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي على مدى استعدادها التكنولوجي والبياني، وليس على مجرد وجود استراتيجية رسمية.