سباق الروبوتات يشتعل.. والصين تتعثر تحت ضغط التكنولوجيا

بين الطموح والعقوبات، الصين تخوض معركة الروبوتات الكبرى. (شترستوك)
الصين
بين الطموح والعقوبات، الصين تخوض معركة الروبوتات الكبرى. (شترستوك)

في لقاء رفيع المستوى عُقِد في يناير كانون الثاني، جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ كبار قادة الشركات، من بينهم مؤسس هواوي رن تشنغفاي ورجل أعمال علي بابا جاك ما، إلى جانب وانغ شينغشينغ، الرئيس التنفيذي لشركة يونيتري روبوتيكس الناشئة في مجال الروبوتات.

وتأتي هذه الزيارة لتؤكد أهمية قطاع الروبوتات المتصاعد في الاقتصاد الصيني الذي يُقدر بنحو 19 تريليون دولار أميركي.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });

تحديات ديموغرافية تدفع نحو الأتمتة

يواجه الاقتصاد الصيني أزمة عمالة ناجمة عن التغيرات الديموغرافية؛ إذ يُتوقع نقص يقارب 30 مليون عامل تصنيع بحلول عام 2025، في ظل شيخوخة السكان وتراجع رغبة الشباب في شغل الوظائف في المصانع.

وتتوقع التقديرات أن ينخفض عدد القوى العاملة في الصين إلى نحو 645 مليون شخص بحلول عام 2045، مقارنة بارتفاع بلغ 794 مليون في عام 2013، وهو ما يشكل خطراً على أهداف الرئيس شي في مضاعفة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، بحسب رويترز.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });

تكنولوجيا الروبوتات والتحول الصناعي

على الرغم من أن الصين تمتلك أكبر حصة في تركيبات الروبوتات الصناعية على مستوى العالم، فإن أغلب هذه الآلات ما زالت منخفضة التقنية، إذ تُستخدم في أعمال اللحام والطلاء والتجميع.

ويهيمن على السوق مصنعون من اليابان وألمانيا وسويسرا، إلا أن التطورات الحديثة في الذكاء الاصطناعي والرقائق الصلبة والأجهزة الإلكترونية أدت إلى سباق محتدم بين الولايات المتحدة والصين لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر، والتي يمكن استخدامها في المصانع والمطاعم والمستشفيات وحتى المنازل.

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، مؤخراً أن الروبوتات الشبيهة بالبشر قد تصبح منتشرة في مجال التصنيع خلال أقل من خمس سنوات؛ فيما وصف إيلون ماسك، رئيس شركة تسلا، هذه الروبوتات بأنها «أكبر منتج على الإطلاق»، متنبئاً بتجاوزها عدد البشر، رغم أن ماسك لديه سجل ضعيف في التنبؤ بالتبني الشامل للتقنيات.

توقعات السوق وإمكانات النمو العالمي

يتوقع محللو بنك أوف أميركا أن يصل حجم الشحنات العالمية للروبوتات إلى مليون وحدة سنوياً بحلول عام 2030، مع سعر بيع متوسط يبلغ نحو 20 ألف دولار أميركي للوحدة الواحدة، ما يشير إلى حجم سوق يقدر بـ20 مليار دولار.. وعلى المدى الطويل، يُتوقع أن يتجاوز عدد الروبوتات الشبيهة بالبشر 3 مليارات وحدة خلال 30 عاماً، ما قد يحل محل نصف القوى العاملة في قطاع الخدمات.

هذا السيناريو يشبه النمو التاريخي الذي شهدته الهواتف الذكية والمركبات الكهربائية، إذ حققت مبيعات الصين لهذه المنتجات معدل نمو سنوي بلغ 90 في المئة خلال العقد الذي انتهى في عام 2023.

وأسهم انخفاض تكاليف المكونات والدعم الحكومي السخي في دفع عجلة النمو في صناعة السيارات الكهربائية، إذ تسعى الحكومة الصينية لتحديث قطاع التصنيع.

تحديات تقنية ومخاطر الاعتماد على الخارج

على الرغم من النجاحات المبكرة التي حققتها الشركات الصينية مثل يونيتري روبوتيكس ويو بي تيك روبوتيكس -إذ طرحت شركة يونيتري نموذج روبوت بشري منخفض التكلفة بأقل من 20 ألف دولار- فإن الصناعة ما زالت تعتمد بشكل كبير على مكونات أجنبية، وخاصة المحولات (Reducers) الضرورية لتخفيض سرعة المحركات وزيادة عزم الدوران.

ومع ذلك، بدأ الموردون المحليون، مثل ليدر هارمونياس درايف سيستمز وليدردرايف، في تحقيق تقدم ملحوظ بفضل كفاءتهم التنافسية وحجم الإنتاج الكبير، فيما تدعم الحكومة القطاع بإعانات سخية.

لكن التحديات لا تنتهي عند هذا الحد، فالولايات المتحدة تظل الرائدة عالمياً في مجال البرمجيات والذكاء الاصطناعي والرقائق، وهي عناصر حاسمة في تدريب الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وتعتمد شركة يونيتري على رقائق إنفيديا، ما يعرضها لاحتمالية فرض عقوبات أميركية أو قيود تقنية مستقبلية، إذ حذّر المشرعون الأميركيون من أن الروبوتات الصينية قد تشكل «التهديد القادم».

وفي هذا السياق، يبدو أن التفوق الصيني المبكر في سباق الروبوتات هش، وقد يواجه تحديات جسيمة في المستقبل القريب.

مستقبل صناعة الروبوتات

يبقى مستقبل صناعة الروبوتات في الصين مرتبطاً بتطور التكنولوجيا المحلية وتقليل الاعتماد على المكونات الأجنبية، كما أن الدعم الحكومي والاستثمارات في البحث والتطوير ستلعب دوراً حاسماً في تعزيز القدرة التنافسية لهذا القطاع الحيوي.

وبينما يستمر التنافس مع الولايات المتحدة، فإن النجاح في تجاوز التحديات التقنية سيحدد ما إذا كانت الصين ستحتفظ بموقعها القيادي في هذه الثورة الصناعية المقبلة أم لا.