في خطوة استراتيجية تعكس طموحات أبوظبي في أن تكون مركزاً عالمياً لعلوم الحياة والابتكار الطبي، أطلق الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي ورئيس المجلس التنفيذي، مجمّع الصحة والطب واللياقة لحياة مستدامة (HELM) التابع لمكتب أبوظبي للاستثمار ADIO وذلك خلال فعاليات أسبوع أبوظبي العالمي للصحة المنعقد في أبوظبي بين 15 -17 من أبريل نيسان الحالي.
وقالت الدكتورة فاطمة الملا التي عينت حديثاً كرئيسة للمجمع لـCNN الاقتصادية إن «المجمع الاقتصادي لعلوم الحياة يضم أربعة تخصصات رئيسية: التكنولوجيا الحيوية، التكنولوجيا الطبية، الصناعات الدوائية، والصحة العامة، وهو يهدف إلى جذب الاستثمارات العالمية وتمكين الأبحاث والكفاءات في أبوظبي لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز التنوع».
ويقود المشروع ثلاث جهات حكومية هي دائرة التنمية الاقتصادية، دائرة الصحة، ومكتب أبوظبي للاستثمار ويندرج ضمن رؤية شاملة لجعل الإمارة مركزاً رائداً عالمياً في قطاع علوم الحياة، وأكدت الملا «نهدف إلى ترسيخ مكانة أبوظبي كعاصمة عالمية للابتكار في مجالات علوم الحياة».
وفق التقديرات، من المتوقع أن يسهم مجمع HELM بنحو 94 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي ويوفّر 30 ألف فرصة عمل بحلول عام 2025، مع جذب استثمارات بقيمة 42 مليار درهم.
وأشارت الملا إلى أن «المجمع يقوم على أربع ركائز استراتيجية: بنية تحتية متطورة مثل التعاون مع مدينة خليفة الصناعية، بيئة تنظيمية داعمة للأدوية، منظومة بحث وتطوير تشمل مركز الابتكار في مدينة مصدر، وشراكات أكاديمية مع جامعات عالمية لتوفير تخصصات نادرة في علوم الحياة».
كما يوفر المجمع برامج زمالة وما بعد الدكتوراه بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية مرموقة، ما يسهم في تمكين الكفاءات الوطنية والعالمية ويدعم توسّع الشركات الدوائية العالمية من أبوظبي إلى الأسواق الدولية.
تتمتع أبوظبي بمزايا تنافسية عززت من جاذبيتها كمركز حيوي للرعاية الصحية، وأوضحت الملا أن «مدة الموافقة على التجارب السريرية لا تتجاوز 28 يوماً، كما أن موقع الإمارة الجغرافي يتيح الوصول إلى 30 في المئة من سكان العالم في غضون أربع ساعات طيران».
وأضافت أن الإمارات تمتلك ثاني أكبر مشروع للجينوم البشري عالمياً بأكثر من 800 ألف عينة، و«لدينا بنية تنظيمية قوية تشمل حماية الملكية الفكرية وتسهيل التراخيص، وهو ما يسرّع دخول المنتجات إلى الأسواق العالمية».
وفي سياق المشهد العالمي، قدّرت الملا حجم سوق الرعاية الصحية العالمي بنحو 93 تريليون درهم بحلول عام 2045، مشيرةً إلى أن حصة سوق علوم الحياة في أبوظبي ستبلغ نحو 40 تريليون درهم خلال الفترة نفسها، مع تنامي الطلب على الأدوية المتقدمة والتقنيات الطبية الذكية.
وترى الملا أن هذه المبادرة ستحمل بعداً أوسع، مؤكدة سعي المجمع لأن يكون منصة استثمارية رائدة تُحدث تأثيراً إيجابياً ومستداماً، ليس فقط في الإمارات، بل على مستوى العالم.
ويعد مجمع HELM ثالث مجمع اقتصادي تخصصي تطلقه الإمارة لتعزيز الصناعات المستقبلية، بعد مجمع SAVI للمركبات الذكية ومجمع AGWA مجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه لحلول الغذاء والمياه، ما يعكس رؤية أبوظبي الاستباقية لمواجهة التحديات العالمية.
وقال رئيس دائرة التنمية الاقتصادية، أحمد جاسم الزعابي، إن مجمع HELM من شأنه «دعم تطوير الأبحاث العلمية والابتكارات، ومنح الشركاء المحليين والعالميين منظومة متكاملة للوصول إلى الأسواق والبنية التحتية المتقدمة».
وأكد مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار، بدر العلماء، على البعد التحويلي للمشروع «فمن خلال الذكاء الاصطناعي والصحة الرقمية، سيسهم HELM في تطوير أبحاث الدواء وتحسين الأمن الصحي محلياً وعالمياً».