في وقتٍ تتسابق فيه دول العالم نحو تسخير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، تحذّر الإمارات من مخاطر الركض الأعمى خلف التطوير التكنولوجي دون بوصلة أخلاقية. هذا ما شدّد عليه رئيس نيابة بمكتب الاتحاد- النيابة العامة الإمارات، ورئيس اللجنة العليا المنظمة لحوكمة التكنولوجيات الناشئة GETs، المستشار سالم علي الزعابي، في حديثه مع CNN الاقتصادية، مؤكّداً أن «الحوكمة تبدأ من الكود… ومن تصميم الأخلاق داخل كل خوارزمية».
تهدف القمة المنعقدة بين 5-6 مايو الجاري في أبوظبي، والتي جمعت أكثر من 500 مشارك إقليمي ودولي، إلى تعزيز التعاون العالمي في مجال حوكمة التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تحت شعار «نَحو حَوكمَة فعّالة للتقنيات الناشئة واقتصاد رقمي آمن»، وتسعى إلى إرساء أطر متينة لحوكمة التكنولوجيا وتشجيع الحوار الشامل بين مختلف الشركاء وأصحاب المصلحة، مع التركيز على العدالة الجنائية، بالإضافة إلى قطاعات التمويل والتصنيع والرعاية الصحية والتعليم والصناعات الإبداعية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
وتُعدّ قمة GETS 2025 مبادرة بارزة تُؤكد التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتشكيل الحوار العالمي حول الابتكار الأخلاقي والاستخدام المسؤول للتقنيات الناشئة، كما تعكس نهج دولة الإمارات العربية المتحدة المنفتح والتعاوني تجاه سياسات الابتكار.
الحوكمة تبدأ من التصميم
شدد الزعابي على أن الذكاء الاصطناعي ليس بحد ذاته التهديد، بل استخدامه خارج إطار القيم والخصوصية هو ما يضع المجتمعات في مهبّ الخطر. واعتبر أن المسؤولية لا تقع على التقنية، بل على الإنسان الذي يصنعها ويوجهها.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وقال «لسنا خائفين من الذكاء الاصطناعي.. نحن من يصوغ الخوارزميات ونحدد اتجاهها».
حول رؤية النيابة العامة الاتحادية، أكد الزعابي على تبني مبدأ «الامتثال من التصميم»، أي أن كل تقنية ناشئة يجب أن تُبنى منذ لحظتها الأولى على قواعد قانونية وأخلاقية، لا أن تُركن هذه المسائل لما بعد التنفيذ.
ويضيف الزعابي «المبرمجون الشباب يجب أن يُدرّبوا على الأخلاقيات كما يُدرّبون على الكود.. حتى لا يصبح الإنسان سلعة للربح».
القانون في مواجهة الجريمة الرقمية
ولم يتردد الزعابي في دق ناقوس الخطر بشأن الجريمة العابرة للحدود، معتبراً أن «الفضاء الرقمي لم يعد يعرف حدوداً» وأن الرد على هذا الواقع يستدعي تعاوناً قضائياً دولياً فعّالاً، يعيد التوازن بين التطور التكنولوجي وسيادة القانون.. فالمسألة لا تبنى لوحدها بل تستدعي تضافر الجهود والتعاون بين كل أصحاب المصلحة في العالم.
العدالة بشرية
في قطاع العدالة، يبدو الحذر أكثر وضوحاً؛ فالزعابي يؤمن أن «الوجدان لا يمكن برمجته»، رافضاً أن يُسند اتخاذ القرار القضائي بشكل كامل إلى خوارزمية.
ورغم ذلك، أطلقت النيابة العامة استراتيجيتها لتبني الذكاء الاصطناعي، واضعة الإنسان في قلب كل قرار «نحن نستخدم التقنية لخدمة الإنسان، لا لاستبداله».
وفي سؤال عن إنشاء منصة موحدة لحوكمة التقنيات الناشئة على مستوى عالمي، أقرّ الزعابي بأن الأنظمة القانونية تختلف من دولة لأخرى، لكنّ الإجماع العالمي قائم على مبدأ واحد «نريد ذكاءً اصطناعياً نافعاً، لا مضراً».
واختتم الزعابي حديثه بالإشارة إلى أن «الثقة تبدأ بالمساءلة»، مشيراً إلى أن الإمارات تعمل على تأهيل أجهزتها، وتدريب كوادرها، وتعزيز بنيتها الرقمية، كي لا يقع الإنسان ضحية في عالمٍ تقوده خوارزميات بلا حسيب ولا رقيب.