في عالم تتسابق فيه الدول نحو امتلاك نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها، تُطلّ «سال» من أبوظبي كلاعب رئيسي في بناء ما يُعرف بـ«الذكاء الاصطناعي السيادي»— أي أنظمة معرفية مطوّرة محلياً، تُمكّن الدولة من امتلاك بياناتها وأدوات تحليلها واتخاذ قرارها بعيداً عن الهيمنة التكنولوجية الخارجية.
هذا التوجّه لم يعد مجرد طموح نظري، ففي معرض «اصنع في الإمارات»، كشفت شركة «سال»، التابعة لمجموعة أبوظبي كابيتال، عن شراكة استراتيجية مع «إمكان العقارية»، تعكس أول استخدام تجاري واسع النطاق لذكاء اصطناعي سيادي في قلب أحد أكثر القطاعات تأثيراً؛ العقار والتطوير العمراني.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
قواعد اللعبة تتغير
بالنسبة لـ«إمكان»، وهي واحدة من أبرز مطوري العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، لم تكن الشراكة مع «سال» مجرد تحول رقمي شكلي، بل اختارت أن تدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في كل مراحل سلسلة القيمة، من التصميم إلى العمليات إلى الامتثال.
وقال المهندس سويدان الظاهري، الرئيس التنفيذي لـ«إمكان»، نحن لا نحسّن فقط الكلفة والسرعة، بل نضع معايير جديدة للجودة والامتثال والاستعداد للمستقبل.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وتتمثل أبرز ملامح الشراكة في أتمتة قرارات الامتثال والتنفيذ بما يقلل الأخطاء البشرية وتحسين تجربة العملاء عبر تفاعلات ذكية مخصصة وتسريع الجداول الزمنية لتسليم المشاريع وإدخال تقنيات إنترنت الأشياء والبنية التحتية الذكية في المجتمعات السكنية.
وبذلك تكون «إمكان» أول شركة تطوير عقاري في المنطقة تستخدم الذكاء الاصطناعي لأتمتة الامتثال التنظيمي الكامل، وهي خطوة ثورية من حيث ضبط الجودة والسرعة حسب بيان الشركة.
التحول الرقمي
وقال العميد المتقاعد خالد الظاهري، مدير إدارة مشاريع الدفاع في شركة سال، لـ«CNN الاقتصادية»، إن «سال» لا تطرح نفسها كمزود خدمة تقني، بل كمحرك تحوّل رقمي قائم على منصات إماراتية بالكامل مثل DigiXT وDataprism360 وAcademy X وMarket Hub
وشرح أن هذه الأدوات لا تخدم فقط قطاع العقارات، بل تعمل فعلياً في قطاعات سيادية واستراتيجية مثل: الدفاع، المدن الذكية، الطاقة، الرعاية الصحية، والتعليم.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي المستورد لا يخدم المصالح الاستراتيجية، قائلاً: «نحتاج إلى نماذج معرفية تُطوّر داخل الدولة، ببياناتنا ولغتنا وسياقنا، حتى لا يكون قرارنا رهينة للخوارزميات الخارجية، هذه ليست مسألة تقنية فقط بل مسألة سيادة».
كما أشار إلى حجم الإنجاز التقني الذي حققته «سال» منذ انطلاقتها، إذ طورت أكثر من 200 حالة استخدام واقعية في مجالات متعددة من تحليل البيانات الجغرافية في الدفاع، إلى نماذج التنبؤ في الطاقة، وصولاً إلى حلول تعليمية ذكية، وهذا ما يثبت أن الذكاء الاصطناعي المحلي قادر على خدمة جميع القطاعات.
المؤشرات إذاً واضحة، فهناك طلب متزايد على حلول الذكاء الاصطناعي من مؤسسات داخل الإمارات وأخرى في المنطقة، وبينما لم تُعلن الشركة عن أرقام دقيقة للربحية أو العقود النشطة، فإن توسعها في قطاعات متعددة، واعتماد كبرى الشركات مثل «إمكان» على تقنياتها، يضعها على مسار صعود واضح.
وفي قلب رؤية «اصنع في الإمارات» تسعى «سال» لأن تكون نموذجاً حيّاً على أن الذكاء الاصطناعي المصنوع محلياً يمكنه قيادة الابتكار الصناعي والاقتصادي، ليس فقط داخل الدولة، بل إلى أسواق جديدة وستكون السعودية في صدارة التوسع الذي تسعى سال لتحقيقه.