لم يعد السؤال في السوق الرقمي هو من يربح؟ بل من يبقى قادراً على المنافسة أمام جبابرة التقنية الذين يسيطرون على كل شيء من الحوسبة السحابية إلى الإعلانات والذكاء الاصطناعي. كشف تقرير حديث صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، (الأونكتاد)، بتاريخ 8 يوليو تموز 2025، عن أن الأسواق الرقمية باتت شديدة التركّز.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
فقد تضاعفت حصة أكبر خمس شركات رقمية متعددة الجنسيات من المبيعات العالمية من 21 في المئة في عام 2017 إلى 48 في المئة في 2025، بينما ارتفعت حصتها من الأصول العالمية من 17 في المئة إلى 35 في المئة خلال الفترة نفسها.
يعتبر سبع من أصل أكبر عشر شركات في العالم من حيث القيمة السوقية هي شركات تقنية أميركية، تتصدرها إنفيديا بـ3.78 تريليون دولار، تليها مايكروسوفت بـ3.67 تريليون، ثم أبل بـ2.98 تريليون، وأمازون بـ2.25 تريليون، وألفابت (غوغل) بـ2.07 تريليون، وميتا بـ1.79 تريليون.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
بينما جاءت أرامكو السعودية الوحيدة غير التقنية في المركز السابع بـ1.56 تريليون.
وفي مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، تسيطر الشركات الكبرى على المشهد أيضاً؛ استحوذت وحدها «أوبن إيه آي»، المدعومة من مايكروسوفت، على 56.3 في المئة من زيارات مواقع الذكاء الاصطناعي عالمياً في فبراير شباط 2025، تليها مايكروسوفت نفسها بـ18.5 في المئة، وغوغل بـ3.2 في المئة فقط.
هذه السيطرة تعززها عوامل مثل البنية التحتية السحابية، والمعالجات المتقدمة، والبيانات الضخمة، والمواهب التي لا تتوفر إلا لعدد محدود من اللاعبين.
لا تقتصر المخاطر التي أشار إليها التقرير على الشركات الصغيرة فقط، بل تمتد إلى المستهلكين في صورة أسعار أعلى، وخيارات أقل، وتراجع حماية الخصوصية، ناهيك عن اتساع الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية.
ورغم تصاعد القلق العالمي، فإن الاستجابة التنظيمية لا تزال متفاوتة؛ منذ بدء تطبيق قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي عام 2022، أصدرت 19 دولة أخرى قوانين مماثلة، أبرزها أستراليا، والهند، واليابان، وجنوب إفريقيا.
كانت أوروبا الأكثر تدخلاً في تنظيم الأسواق الرقمية خلال الفترة من 2020 إلى 2025، بعدد 263 تدخلاً، ما يعكس سياستها الصارمة في ضبط سلوك عمالقة التكنولوجيا.
تليها آسيا بـ152 تدخلاً، في حين جاءت الأميركتان في مرتبة أقل بـ64 فقط، ما يدل على نهج أكثر تحفظاً.
وسجلت كلٌ من إفريقيا وأوقيانوسيا أقل التدخلات، ما يعكس ضعف الإمكانيات التنظيمية هناك.
ويعكس هذا التفاوت الإقليمي اختلاف أولويات الدول ومدى جاهزيتها لمواكبة تحديات الاقتصاد الرقمي.
وارتفع عدد التدخلات الحكومية في السوق الرقمي من 14 في 2020 إلى 153 في 2024.. لكن إفريقيا وأميركا اللاتينية ما زالتا متأخرتين بسبب ضعف القدرات الفنية وصعوبة الوصول إلى البيانات.
شددت الأمم المتحدة على أن كبح هيمنة الشركات العملاقة يتطلب أكثر من قوانين، بل بيئة رقمية عادلة وشاملة، تعتمد على البنية التحتية القوية، واستثمار في رأس المال البشري، وتمويل سخي للشركات الناشئة، خاصة في الدول النامية.
الخلاصة، يربح الاقتصاد الرقمي في طريقه لأن يكون اقتصاداً فيه الكبار فقط.. ما لم تتدخل الحكومات بحسم لفتح أبواب المنافسة وضمان أن تتحول الثورة الرقمية من تهديد احتكاري إلى فرصة شاملة.