يبدو أنك ستتمكن في غضون بضعة أشهر من الآن، من استخدام مساعد افتراضي، لتدوين ملاحظات أثناء الاجتماعات، وتلخيص رسائل البريد الإلكتروني الطويلة لصياغة الردود المقترحة بسرعة، وإنشاء مخطط محدد في «إكسل»، وتحويل مستند «وورد» إلى ملف عرض «باوربوينت» في ثوان معدودة، وذلك على أنظمة «مايكروسوفت 360» فقط.
خلال الأسبوع الماضي، بدا مشهد الذكاء الاصطناعي سريع التطور، إذ كشفت كلٌّ من «مايكروسوفت» و«غوغل» عن ميزات جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لبعض أدواتها، بينما قدمت «أوبن أيه آي» نسختها من الجيل التالي من التكنولوجيا، والتي تدعم روبوت الدردشة الآلي «تشات جي بي تي».
أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي، التي يعمل بها عدد من الخدمات منذ فترة طويلة، أكثر قوة وأكثر وضوحاً عبر مجموعة واسعة من أدوات مكان العمل.
على سبيل المثال، نجد ميزات «غوغل» الجديدة، للمساعدة في تبادل الأفكار وتصحيح الأخطاء في العمل المكتوب في المستندات.
وفي الوقت ذاته، إذا كان مكان عملك يستخدم منصة الدردشة الشهيرة «سلاك»، ستتمكن من استخدام أداة «تشات جي بي تي» الخاصة بها للتحدث مع زملائك نيابة عنك، ومن المحتمل أن تطلب منهم بعض المهام أيضاً.
توجه جديد
تهيمن شركات «غوغل»، و«مايكروسوفت»، و«أوبن أيه آي» على هذا التوجه الجديد، إلا أنها ليست بمفردها، إذ تعمل مجموعة من الشركات مثل «إي بي إم»، و«أمازون»، و« بايدو»، و«تينسيت» على تكنولوجيات مماثلة.
كما تعمل قائمة طويلة من الشركات الناشئة على تطوير مساعد الكتابة بالذكاء الاصطناعي.
العرض المقدم من شركات التكنولوجيا واضح، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعلك أكثر إنتاجية ويقضي على العمل الشاق.
قال الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، ساتيا ناديلا، خلال عرض تقديمي يوم الخميس، «إننا نعتقد أن هذا الجيل من الذكاء الاصطناعي سيفتح موجة جديدة من زيادة الإنتاجية».
عواقب التكنولوجيا الجديدة
وكما هو الحال مع كثير من الخيارات المتاحة في صناعة التكنولوجيا على مدار العقد الماضي، فإن الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات حول العواقب التي قد تحدث دون قصد، بما في ذلك تمكين الغش وإقصاء أدوار معينة، وقد يكون ذلك نية بعض المتبنّين لهذه التكنولوجيا بالفعل.
وحتى الوعود بزيادة الإنتاجية غير واضحة، فقد يؤدي ظهور رسائل البريد الإلكتروني التي يؤسسها الذكاء الاصطناعي إلى زيادة إنتاجية المرسل، وتقليل إنتاجية المستلم الغارق بالرسائل.
وبالطبع، لا يعني توفير خيار استخدام روبوت المحادثة لكل شخص من أجل التواصل مع زملائه، أن الجميع سيحبذ الفكرة، أو يختارونها.
قال المحلل في شركة «فورستر» روان كوران، «إن دمج هذه التكنولوجيا في تأسيس برامج الإنتاجية التي يستخدمها معظمنا يومياً سيكون له تأثير كبير على طريقة عملنا، لكن هذا التغيير لن يؤثر على كل شيء وكل شخص، فإن تعلُّم أفضل طريقة للاستفادة من هذه الإمكانات لتحسين وتعديل تدفقات العمل الحالية سيستغرق وقتاً».
تغيير بوتيرة سريعة
يمكن لأي شخص استخدم خيار الاستكمال التلقائي عند كتابة رسالة بريد إلكتروني أو إرسال رسالة، وهذه نبذة عمّا يمكن أن يوفره الذكاء الاصطناعي لتسريع المهام، فالأدوات الجديدة تعد بأن تتفوق على ذلك.
بدأت موجة إطلاق منتجات الذكاء الاصطناعي منذ نحو أربعة أشهر عندما أصدرت «أوبن إيه آي» نسخة من «تشات جي بي تي»، ما ترك تأثيراً فورياً في المستخدمين بعد تلقيهم استجابات شبه بشرية على مطالبات المستخدم، فضلاً عن اجتياز الاختبارات في جامعات مرموقة وكتابة مقالات مقنعة عن أمور مختلفة.
منذ ذلك الحين، تحسنت التكنولوجيا التي استثمرت فيها «مايكروسوفت» مليارات الدولارات في وقت سابق من هذا العام، وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، أزاحت شركة «أوبن أيه آي» الستار عن « تشات جي بي تي-4» وهي نسخة أكثر قوة من التكنولوجيا التي تدعم «تشات جي بي تي»، مع وعود بتخطي إنجازات الأخير.
في الاختبارات المبكرة والعرض التوضيحي للشركة، صاغ «تشات جي بي تي-4» دعاوى قضائية، وأسس موقعاً إلكترونياً مرسوماً يدوياً، وأعاد إنشاء ألعاب أيقونية مثل «بونغ»، و«تيترس»، و«الثعبان»، مع خبرة شبه معدومة في الترميز.
«تشات جي بي تي-4» هو نموذج لغوي مدرب على مجموعة من البيانات عبر الإنترنت لتوليد استجابات لما يطلبه المستخدم، وهي التكنولوجيا نفسها التي تدعم ميزتين جديدتين من «مايكروسوفت»، الأولى «كو-بايلوت» التي ستساعد في تحرير وتلخيص وإنشاء ومقارنة المستندات، والثانية «بيزنس تشات» وهي وكيل يتنقل مع المستخدم أثناء عمله لمحاولة فهم بيانات «مايكروسوفت 360»؛ حتى يعرف الموجود في البريد الإلكتروني، وما يحتوي عليه التقويم الخاص بالمستخدم، والمستندات التي يعمل عليها، إضافة إلى العروض التقديمية، والأشخاص الذين يجتمع معهم، والمناقشات التي تحدث على منصة «تيمز»، وذلك وفقاً للشركة.
كما يمكن للمستخدمين توجيه مهام مثل كتابة تقرير ما، ثم صياغة رسالة بريد إلكتروني يمكن إرسالها إلى فريقهم مع تحديث.
قال كوران «إن مقدار تغيير هذه الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي يعتمد على التطبيق، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد تطبيق معالجة النصوص في إنشاء مسودات، وقد يساعد برنامج عرض الشرائح في تسريع عملية التصميم وإنشاء المحتوى، ويجب أن يساعد تطبيق جداول البيانات المزيد من المستخدمين على التفاعل واتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، وهذا سيكون له التأثير الأكثر أهمية على مكان العمل على المديين القصير والطويل».
وأضاف «أن مناقشة كيفية تأثير هذه التقنيات على الوظائف يجب أن تركز على مهام الوظيفة».
التحديات المستقبلية
رغم أن تحديث «تشات جي بي تي-4» يعِد بحلول لبعض أكبر التحديات، فما زال هناك احتمال لبعض هذه المشكلات التي قد تجد طريقها إلى مكان العمل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع الآخرين.
قال الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة حلول الذكاء الاصطناعي «إيبل»، أريجيت سينغوبتا، «إن المشكلة تكمن في محاولة إرضاء المستخدم، واعتماد البيانات، فإذا بدأ الناس في النميمة، سيقبلها الذكاء الاصطناعي كقاعدة، ثم يبدأ في إنشاء محتوى متعلق بذلك»، مضيفاً أنه قد يُصعد من المشكلات الشخصية ويتحول إلى تنمر في مكان العمل.
من جهته، أوضح المحلل في «غارتنر ريسيرش»، أرون تشاندراسيكران، أن المؤسسات ستحتاج إلى تثقيف مستخدميها حول هذه الحلول التي تقدمها هذه النماذج، ومعرفة حدودها، وقال «إن الثقة العمياء في هذه الحلول خطيرة، إذ يمكن لحلول الذكاء الاصطناعي التوليدية أيضاً تكوين حقائق أو تقديم معلومات غير دقيقة، لذا يجب أن تستعد المؤسسات للتخفيف من التأثير السلبي».
في الوقت ذاته، فإن العديد من هذه التطبيقات ليست محدّثة، لذا سيقع العبء على عاتق المستخدمين لعمل كل الخطوات مثل التحقق المزدوج من الدقة لتغيير اللغة، والحصول على الدعم عبر أماكن العمل حتى تنطلق الأدوات.
شدد شاندراسيكران على ضرورة التدريب والتعليم وإدارة التغيير التنظيمي لضمان دعم الموظفين لاستخدام الأدوات بالطريقة الصحيحة.
كتبت- سامانثا ميرفي كيلي (CNN)