هل رأيت البابا فرانسيس يرتدي معطفاً أبيض ضخماً منفوخاً؟ وإيلون ماسك يسير جنباً إلى جنب مع ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة «جنرال موتورز» المنافسة؟ والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يُحتجز من قِبل الشرطة بطريقة دراماتيكية؟
لم يحدث أي من هذه الأشياء في الواقع، لكنها صور أُنشئت عن طريق الذكاء الاصطناعي، وانتشرت على الإنترنت خلال الأسبوع الماضي.
وظهرت الصور إمّا مزيفة بشكلٍ واضح في بعض الحالات أو حقيقية بشكلٍ مُقنع في الحالات الأخرى، ما خدع بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
على سبيل المثال، غرّدت عارضة الأزياء والشخصية التلفزيونية كريسي تيجن بأنها تعتقد أن صور معطف البابا المنتفخ كانت حقيقية، ولم تتصور أنها مزيفة، قائلة «لن أنجو من مستقبل التكنولوجيا بأي حال من الأحوال».
وسارعت المؤسسات الإخبارية لفضح الصور الكاذبة، لا سيما تلك الخاصة بترامب، والتي انتشرت بعدما وجّهت له هيئة محلفين كبرى في مانهاتن لائحة اتهامات يوم الخميس، لكن لم يُقبض عليه.
وأدّى ظهور مجموعة جديدة من أدوات الذكاء الاصطناعي إلى جعل إنشاء الصور الواقعية، وتعديل الصوت والفيديو، أرخص وأسهل من أي وقت مضى، ومن المرجّح أن تظهر هذه الصور بوتيرة متزايدة على وسائل التواصل الاجتماعي.
أدوات الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين
إذا كانت أدوات الذكاء الاصطناعي قد تُتيح وسائل جديدة للتعبير عن الإبداع، فإن انتشارها يهدد أيضاً بمزيدٍ من تلويث النظام البيئي للمعلومات.
وبعد سنوات من الصراع مع المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت، قد يؤدي ذلك إلى زيادة التحديات التي يواجهها المستخدمون والمؤسسات الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي لفحص ما هو حقيقي ومزيف.
وقال هنري أجدر خبير وسائل الإعلام الذي يعمل مستشاراً للشركات والوكالات الحكومية، «أخشى أن يصل الأمر نوعاً ما إلى مرحلة يوجد فيها الكثير من المحتوى الزائف، لكنه واقعي للغاية على الإنترنت لدرجة أن معظم الناس سيتبعون غرائزهم كدليل لمعرفة ما هو حقيقي، أكثر من الآراء المستنيرة التي تعتمد على أدلة حقيقية».
بالإضافة إلى ذلك، قد تحاول بعض الجهات إنشاء ونشر محتوى مزيف بشكل مجمّع، أو ادعاء أن المحتوى الحقيقي هو الذي أُنشئ من قبل الكمبيوتر، من أجل إرباك مستخدمي الإنترنت وإثارة حالة من الفوضى.
التطور السريع للتقنيات
أُنشئت العديد من صور الذكاء الاصطناعي الحديثة عن طريق أداة تسمى «ميدجورني»، وهي منصة عمرها أقل من عام تتيح للمستخدمين إنشاء صور بناء على مطالبات نصية قصيرة.
وقال ديفيد هولز، رئيس المنصة التنفيذي لشبكة «CNN» في رسالة بالبريد الإلكتروني، يوم الجمعة، إن أحدث إصدار من «ميدجورني» متاح فقط لعدد محدد من المستخدمين في الخدمة المدفوعة.
وأضاف هولز «سنقدم أنظمة محسّنة قريباً.. إننا نتلقى الكثير من التعليقات والأفكار من الخبراء والمجتمع، ونحاول أن نتخذ خطوات مدروسة حقاً».
وأوقفت «ميدجورني» هذا الأسبوع الوصول إلى النسخة التجريبية المجانية لإصداراتها السابقة؛ بسبب الطلب غير العادي وإساءة الاستخدام للخدمات التجريبية.
دعوات بوقف تطور الذكاء الاصطناعي
كتبت مجموعة من قادة التكنولوجيا بما في ذلك إيلون ماسك مؤسس «سبيس إكس»، وستيف وزنياك المؤسس المشارك لـ«أبل»، رسالة هذا الأسبوع تدعو المختبرات إلى وقف تطوير أقوى أنظمة الذكاء الاصطناعي لمدة ستة أشهر على الأقل، مشيرة إلى «مخاطر عميقة على المجتمع والإنسانية».
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت أي مختبرات ستتخذ مثل هذه الخطوة في ظل تطور التكنولوجيا السريع وإمكانية الوصول إليها خارج مجموعة الشركات الملتزمة بالممارسات المسؤولة، ما قد يعزز الحاجة للتدخل الحكومي.
جهود لحصر التداعيات السلبية
تبذل المنصات وشركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والمجموعات الصناعية جهداً متزايداً لتحسين الشفافية حول المحتوى الذي ينشئه الكمبيوتر.
ووفّرت المنصات بما في ذلك «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«تويتر»، و«يوتيوب» سياسات تقيّد أو تحظر مشاركة الوسائط المزيفة التي قد تضلل المستخدمين.
ولكن مع تنامي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن مثل هذه السياسات قد تهدد بفقدان ثقة المستخدم، في حال فشل نظام كشف التزييف بالمنصة وظهور صورة مزيفة عن طريق الخطأ في أي لحظة.
في غضون ذلك، يجري العمل أيضاً على الحلول التقنية التي من شأنها المساعدة في تمييز الصور المزيفة، مثل وضع علامة مائية على الصور، أو تضمين علامة مميزة في البيانات الوصفية للصورة، بحيث يعرف أي شخص يشاهدها عبر الإنترنت أنها صورة أنشأها الذكاء الاصطناعي.
(كلير دافي، CNN)