هل سمعت عن « تشات جي بي تي» وتحديثه الجديد؟ هل جرّبت أن تجري محادثة شيّقة معه لمعرفة أسرار روبوت الدردشة الذي انتشرت أخباره كالنار في الهشيم؟ قد تكون هذه الأداة التكنولوجية الحديثة بعيدة عن اهتماماتك؛ لكن عندما تهدد مستقبلك المهني، لا بد أن تُعيرها انتباهك.

قد يفتقد «تشات جي بي تي» إلى أنسنة قدراته، لكنه صُمم لمحاكاة المتحدث البشري، لذا يمكنه كتابة النشرات البريدية، وتصميم أكثر الصور إبهاراً، وتأليف الموسيقى مدعوماً بقدرات الذكاء الاصطناعي، لكن هل يمكنه الحفاظ على انتشاره العالمي؟

سلاح ذو حدّين

يبدو أن خطورة التكنولوجيا لا تعتمد على خصوصية بيانات المستخدم فحسب، بل إنها تكمن أيضاً في تطورها المستمر، الذكاء الاصطناعي الذي يبدو أنه يشكّل حاضرنا أو مستقبلنا القريب، قد يختفي بوتيرة سريعة أيضاً، سواء لصالح تطور تكنولوجي جديد، أو عندما يفقد المستخدم اهتمامه به.

يُعد التطور التكنولوجي سلاحاً ذا حدّين، إذ ظهر الكثير من البرامج التي جذبت الملايين من المستخدمين، والتي لم تحافظ على انتشارها العالمي لوقت طويل.

تغيّر روتين المستخدم

هل تذكر تطبيق «كلوب هاوس»؟ حقق هذا التطبيق انتشاراً واسعاً منذ 3 سنوات عندما ظهر للمرة الأولى في عام 2020، معتمداً على الدردشة الصوتية، وإنشاء النوادي والغرف الافتراضية لمناقشة كل ما يخطر على بال المستخدم، سواء نقاشات جادة في عالم الأعمال، أو دردشة عابرة حول هواية ما.

في الأول من فبراير شباط 2021، حقق «كلوب هاوس» نحو 3.5 مليون عملية تنزيل على مستوى العالم، ونما بسرعة إلى 8.1 مليون عملية تنزيل بحلول منتصف الشهر ذاته، وذلك في أعقاب استخدام بعض المشاهير مثل إيلون ماسك، ومارك زوكربيرغ للتطبيق.

ما زال التطبيق متاحاً عبر أنظمة «أندرويد»، و«آي أو إس»، لكن أثناء الهجرة الاجتماعية الافتراضية للتطبيق، تجاهل المستخدمون بعض التهديدات الأمنية، سواء عند تسجيل الأحاديث التي تدور في غرف الدردشة، أو إمكانية اختراق البيانات؛ ما دفع العديد من دول العالم إلى حظر التطبيق.

كما أدَّت العودة إلى الحياة الطبيعية بعد الحجر الصحي أثناء فترة الوباء، دوراً مهماً في نسيان التطبيق بين المستخدمين، فقد استفاد من موجة الإغلاق الوبائي، لكنه عانى عندما استأنف الناس روتينهم المعتاد.

الجمهور المستهدف

لطالما اشتهر «سناب شات» بأنه تطبيق المراهقين والشباب، لذلك فقد كافح للحفاظ على الجمهور الأكبر سناً، ووفقاً لتقرير «داتا ريبورتال» فإن 3.7 في المئة فقط من مستخدمي التطبيق تزيد أعمارهم على 50 عاماً.

كما تغيّر عُمر مستخدمي التطبيق، إذ إن جمهور «سناب شات» الحالي من البالغين بين 18 و24 عاماً يشكّل نحو 39 في المئة من مستخدميه، وفقاً لتقرير «هوت سويت»؛ لذلك ينتشر انطباع عن فقدان التطبيق لهيمنته السابقة منذ سنوات.

المنافسة الشرسة في عالم التكنولوجيا

لم يكن اختلاف عمر مستخدمي «سناب تشات»، السبب الوحيد وراء انخفاض شعبيته، فقد جاء ذلك أيضاً في الوقت الذي أشار فيه البعض للمنافسة الشرسة مع «إنستغرام»، الذي طوّر ميزة القصص، إلى جانب نشر الصورة بصورة عادية؛ ما دفع المستخدمين للحفاظ على استخدامه فقط، للتمتع بالميزتين معاً.

لم تسلم تطبيقات خدمات استضافة الفيديو مثل «فاين» من أنياب «إنستغرام» الشرسة، فقد أسهم في القضاء على التطبيق، وتسبب في انخفاض عدد التنزيلات والمستخدمين، ما عجّل برفض المعلنين للاستمرار في استخدامه.

ومن أبرز هذه التطبيقات التي قضت عليها المنافسة «ماي سبيس»، التطبيق الذي يتيح للمستخدمين فرص تنزيله بأسماء مستعارة، أمام ميزات «فيسبوك»، و«تويتر» اللذين يتيحان الانضمام بالأسماء الحقيقية في العالم الافتراضي، ما أسهم في كتابة نهايته، إضافة إلى المعارك القانونية المستمرة التي خاضها.

إذاً لماذا «تشات جي بي تي»؟

يواجه روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» كل ما سبق، فما هو إلا غَيض من فَيض، كما أوضح المهتم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بارسي، في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر». مفيداً بأن هناك أكثر من ألفي أداة دردشة مدعومة بالذكاء الاصطناعي أُطلقت في مارس آذار فقط.

لذلك، فهو عرضة للمنافسة الشرسة، خاصة مع اقتحام كل من «أدوبي»، و«بينغ»، و«غوغل» سوق المنافسة بأدوات مشابهة، حتى إن الدول العربية حرصت على خوض غمار المنافسة، إذ أعلن معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي الإماراتية عن نموذجه اللغوي الضخم « فالكون».

يأتي ذلك في ظل تطبيق حظر «تشات جي بي تي» في عدد من الدول، بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية، ومواجهة شركة «أوبن آيه أي» المطورة له عدداً من الدعاوى القضائية، فهل يصمد التطبيق الصاعد بقوة، أو نرى تأثيره في حياتنا بالفعل؟ لكن الذكاء الاصطناعي -بلا شك- أضفى نكهة جديدة على الاستثمار في مجال التكنولوجيا، وانعكس تأثيره في أسعار أسهم شركات هذا القطاع.