تواجه «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، أربع شكاوى جديدة من مجموعات حقوق الإنسان في أوروبا تزعم أن الخوارزميات المستخدمة لاستهداف المستخدمين بشأن إعلانات الوظائف تعمل بشكل تمييزي وخاصةً على أساس الجنس.
تأتي هذه الشكاوى بعد سنوات من تعهد الشركة لأول مرة بمنع حدوث هذه المشكلة في مناطق أخرى.
تستند المزاعم إلى بحث أجرته منظمة «غلوبال ويتنس» الدولية غير الربحية، وتقول المنظمة إن هذا البحث يُظهر أن منصة إعلانات «فيسبوك» غالباً ما تستهدف المستخدمين في الإعلان عن الوظائف الشاغرة على أساس الجنس.
وتشير الأبحاث الإضافية المقدمة حصرياً لشبكة CNN من قبل «غلوبال ويتنس» إلى أن هذا التحيز الخوارزمي هو قضية عالمية، وفقاً لمجموعة حقوق الإنسان.
وقالت ناعومي هيرست، التي تقود استراتيجية حملة «غلوبال ويتنس» حول «التهديدات الرقمية للديمقراطية»، لشبكة CNN، «ما يقلقنا هو أن فيسبوك يؤدي إلى تفاقم التحيزات التي نعيش معها في المجتمع، وفي الواقع يفسد فرص التقدم والمساواة في مكان العمل».
قدمت «غلوبال ويتنس»، بالاشتراك مع منظمات أخرى غير هادفة للربح، كـ«بيرو كلارا ويشمان» و«فوانديشن دي فام»، يوم الاثنين شكاوى بخصوص «ميتا وفيسبوك» إلى وكالات حقوق الإنسان وسلطات حماية البيانات في فرنسا وهولندا، وذلك بناءً على أبحاثهم في كلا البلدين.
قدمت مؤسسة «غلوبال ويتنس» شكاوى مماثلة ضد فيسبوك من قبل، ولكن كان رد شركة ميتا أن أنظمتها «تأخذ في الاعتبار أنواعاً مختلفة من المعلومات لمحاولة تقديم إعلانات للأشخاص الذين سيهتمون بها على الأرجح».
شفافية الإعلان
وقالت أشلي سياتل، المتحدثة باسم ميتا في بيان إن الشركة تطبق «قيود الاستهداف –أي تمنع التمييز بغرض الاستهداف- على المعلنين عند إعداد حملات للتوظيف، بالإضافة إلى إعلانات الإسكان والائتمان، ونحن نقدم الشفافية حول هذه الإعلانات في مكتبة الإعلانات الخاصة بنا».
وأضافت سياتل، «لا نسمح للمعلنين باستهداف هذه الإعلانات على أساس الجنس»، «نواصل العمل مع أصحاب المصلحة والخبراء عبر الأوساط الأكاديمية ومجموعات حقوق الإنسان وغيرها من التخصصات حول أفضل السبل لدراسة ومعالجة عدالة الخوارزميات».
واجه فيسبوك ادعاءات مختلفة بالتمييز، بما في ذلك في تقديم إعلانات الوظائف، على مدار العقد الماضي، وتعهدت المنصة في 2019، كجزء من اتفاقية لتسوية دعاوى قضائية متعددة في الولايات المتحدة، بإجراء تغييرات لمنع الاستهداف المتحيز للإعلانات المتعلقة بالإسكان والائتمان والتوظيف بناءً على خصائص معينة، مثل الجنس والعرق.
تضمنت الجهود المبذولة لمعالجة هذه التفاوتات، إزالة الخيار للمعلنين لاستهداف إعلانات التوظيف على أساس الجنس، لكن هذه الدراسة الأخيرة تشير إلى أن خوارزمية فيسبوك الخاصة ما زالت تقوض طريقة استهداف الإعلانات للمستخدمين، وفقاً لمجموعات حقوق الإنسان.
ونتيجة لذلك، تقول مجموعات حقوق الإنسان، قد يفقد عدد لا يحصى من المستخدمين فرصة رؤية الوظائف المفتوحة التي يمكن أن يكونوا مؤهلين لها، وذلك ببساطة بسبب جنسهم، إنهم قلقون من أن هذا قد يؤدي إلى تفاقم اللامساواة التاريخية في مكان العمل والتفاوتات في الأجور.
تجارب للتأكد من الشكاوى
لإجراء التجارب المذكورة في الشكاوى، قامت «غلوبال ويتنس» بعرض سلسلة من إعلانات الوظائف في فرنسا وهولندا على مدى يومين بين فبراير شباط وأبريل نيسان، كانت الإعلانات مرتبطة بوظائف حقيقية موجودة على مواقع التوظيف، واختار الباحثون وظائف -بمن في ذلك مدرس، وطبيب نفسي، وطيار، وميكانيكي- مرتبطة تقليدياً بالقوالب النمطية للنوع سواء ذكر أو أنثى.
استهدفت «غلوبال ويتنس» الإعلانات لمستخدمي فيسبوك البالغين من أي جنس ويقيمون في البلدان المختارة أو زاروها مؤخراً، طلب الباحثون أن «تزيد الإعلانات من عدد النقرات على الرابط»، لكن بخلاف ذلك ترك الأمر لخوارزمية فيسبوك لتحديد من رأى الإعلانات في النهاية.
غالباً ما عُرضت الإعلانات على المستخدمين وفقاً لخطوط شديدة التمييز بين الجنسين، وفقاً لتحليل البيانات المقدمة من منصة مدير الإعلانات على فيسبوك.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، ظهرت وظيفة المدرس بنسبة 93 في المئة ووظيفة طبيب نفسي بنسبة 86 في المئة للمستخدمين من النساء، بينما شكلت النساء 25 في المئة فقط ممن ظهرت لهم وظيفة طيار أو ميكانيكي، وفقاً لمنصة مدير الإعلانات على فيسبوك.
ونظراً لقلة المعلومات المتاحة للجمهور حول كيفية عمل خوارزمية فيسبوك، تقر الشكاوى بأن سبب الانحراف في الاستهداف بين الجنسين لم يكن واضحاً تماماً، وتتكهن إحدى الشكاوى الهولندية حول ما إذا كانت الخوارزمية قد تم تدريبها على بيانات «ملوثة» مثل المعلومات القديمة حول أي من الجنسين يشغل عادةً أياً من الأدوار في الحياة العملية.
السعي لتحقيق الشفافية الخوارزمية
تعرض فيسبوك من نوفمبر 2016 إلى سبتمبر 2018، لخمس دعاوى قضائية تتعلق بالتمييز واتهامات من منظمات الحقوق المدنية والعمالية الأميركية والعمال والأفراد، زاعمين أن أنظمة إعلانات الشركة استثنت بعض الأشخاص من رؤية إعلانات الإسكان والتوظيف والائتمان بناءً على أعمارهم، أو الجنس، أو العرق.
في مارس 2019، وافق فيسبوك على دفع ما يقرب من 5 ملايين دولار لتسوية الدعاوى القضائية، وقالت الشركة أيضاً إنها ستطلق بوابة إعلانية مختلفة لإعلانات الإسكان والتوظيف والائتمان على «فيسبوك» و«إنستغرام» و«ماسنجر» وتقدم خيارات استهداف أقل.
بالإضافة إلى تقييد المعلنين من استهداف إعلانات التوظيف والإسكان والائتمان على أساس الجنس، يحظر فيسبوك أيضاً الاستهداف بناءً على العمر، ويتطلب أن يكون الحد الأدنى لاستهداف الموقع الجغرافي 25 كيلومتراً (أو نحو 15.5 ميل)، كما تقول الشركة، بالنسبة لجميع الإعلانات على نظامها الأساسي، فقد أزال فيسبوك في عام 2022 خيارات الاستهداف بناءً على خصائص معينة، مثل التوجه الديني أو الجنسي، وتطلب الشركة أيضاً من المعلنين الالتزام بسياستها الخاصة بعدم التمييز وإتاحة جميع الإعلانات لأي شخص.
ومع ذلك، استمر الباحثون في العثور على دليل يدين فيسبوك باستهدافه لإعلانات الوظائف على أساس تمييزي، وفقاً لدراسة من جامعة جنوب كاليفورنيا نُشرت في عام 2021.
(كلير دافي، CNN)