تخطط مجموعة «غانيت» الإعلامية الأميركية، لتضمين الذكاء الاصطناعي التوليدي، في نظام نشر القصص، في الوقت الذي تسعى فيه المؤسسات الإخبارية إلى الاستعانة بهذه الثورة التكنولوجية سعياً لتوفير النفقات، وتحسين كفاءة العمل.

وقالت أكبر ناشرة للصحف الأميركية مع أكثر 200 إصدار يومي، إنها ستستعين بالبشر في هذه العملية، موضحة أنه لا يمكن الاعتماد على التكنولوجيا تلقائياً دون إشراف.

قال نائب الرئيس الأول في «غانيت» رين توريانو، في مقابلة أجريت معه مؤخراً مع رويترز، «إن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو وسيلة لخلق الكفاءات والقضاء على بعض المهام الشاقة للصحفيين».

وعلى الرغم من ذلك، أضاف أن «تسرع بعض المؤسسات الإخبارية يعتبر خطأً».

من جهته، قال رئيس رويترز، بول باسكوبيرت، في بيان يوم الخميس، رداً على طلب أحد المراسلين للتعليق على خطط الشركة، حول تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، قال «إنها تعتمد نهجاً مسؤولاً يراعي الدقة ويعزز الثقة».

صراع غرف الأخبار مع الذكاء الاصطناعي

دخلت العديد من غرف الأخبار الأميركية في صراع حول تبني أفضل السبل لدمج أدوات الذكاء الاصطناعي التي تنشئ محتوى أو بيانات جديدة استجابةً لسؤال قد يطرحه المستخدم.

يقول بعض الخبراء إن هناك بعض الشكوك التي تحوم حول تقديم معلومات مغلوطة، ما يمثل إشكالية كبيرة خاصة بالنسبة لصناعة كاملة تعتمد على تحري الدقة.

قال نيكولاس دياكوبولوس، الأستاذ المساعد في جامعة نورث وسترن «إنني لن أوصي بهذه النماذج لأي غرض صحفي يعتمد النشر تلقائياً».

تعكس استراتيجية «غانيت» النهج المدروس الذي يتبعه عدد من الغرف الإخبارية، إذ يأتي حذرها بسبب الأخطاء التي وقع فيها كل من «سي إن إي تي»، و«مينز جورنال»، اللتين استخدمتا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لإنشاء المحتوى والقصص لكنها احتوت على أخطاء كارثية.

في الربع التالي، ستطرح «غانيت» برنامجاً تجريبياً مباشراً باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد أهم النقاط في المقال، وإنشاء ملخصات في الجزء العلوي منها.

ومن المقرر أن تطلق هذه الميزة في الربع الرابع في «يو إس إيه توداي»، إذ سيكون للصحفيين الكلمة الأخيرة في القرار حول استخدام ما يقترحه الذكاء الاصطناعي. وفي النهاية، ستدمج «غانيت» تكنولوجيا التلخيص في نظام النشر الخاص بها.

تخوف الصحفيين

يكافح صحفيو «غانيت» لضمان عدم استبدالهم بالتكنولوجيا، وقال الاتحاد إن المئات تركوا وظائفهم بسبب تقليص الموظفين وركود الأجور في 5 يونيو حزيران.

وقالت إيلانا كيلر، الصحفية في «آسبوري بارك برس» في نيو جيرسي «إننا لا نقلق بشأن استبدال زملائنا فسحب، بل إننا لا نعتقد أنه بديل مناسب».

قال متحدث باسم الشركة إن استخدامها للذكاء الاصطناعي لن يحل محل الصحفيين، وأنه سيستعين به كأداة لمساعدتهم على أن يكونوا أكثر كفاءة، مع الحفاظ على التركيز لإنشاء محتوى أكثر قيمة.

في العام الماضي، سرحت «غانيت» -التي تعاني من ديون بقيمة 1.23 مليار دولار من اندماجها في 2019 مع «غايت هاوس»- أكثر من 600 موظف، لكنها عانت من نتائج قرارها بعد ذلك.

كما تطوّر «غانيت» أداة ذكاء اصطناعي توليدية من شأنها أن تأخذ قصصاً طويلة وتقسمها إلى أطوال وأشكال مختلفة، مثل النقاط النقطية أو التسميات التوضيحية على الصور لإنشاء عرض شرائح.

ولتلخيص القصص، تعتمد «غانيت» على شركة «كوهير» المنافسة لنظيرتها «أوبن إيه آي» المطورة لأداة « تشات جي بي تي»، إذ أمضت أسبوعين في تدريب نموذج «كوهير» اللغوي الكبير على ألف قصة منشورة سابقاً مع ملخصات كتبها مراسلوها.

لمزيد من التدريب على النموذج، قام صحفيون من فريق السياسة في USA Today بمراجعة وتحرير الملخصات الآلية وأبرز النقاط.

وعلى الرغم من اعتماد معظم المؤسسات الإخبارية منذ فترة طويلة على شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي، للتوصية بالمحتوى وتخصيصه، فإن التطورات الجديدة في الذكاء الاصطناعي التوليدي تعيد الاهتمام إلى هذه الصناعة.

جربت «غانيت» أيضاً توليد اللغة الطبيعية، التي يبني من خلالها الذكاء الاصطناعي نصاً مكتوباً حول البيانات الواقعية، ما يخلق قصة، لكنه يتطلب مراجعة من الصحفيين قبل النشر.

تقترب المنافذ الإخبارية الأخرى من الاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي بمستويات متفاوتة من الالتزام والحذر، فهناك «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» في مرحلة التخطيط، وذلك وفقاً لمذكرة اطلعت عليها رويترز.

بدورها، تعمل «بلومبيرغ»، المنافسة لرويترز، على تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، وهو «بلومبيرغ جي بي تي» الذي دربته على البيانات المالية.

من جهتها، تستخدم رويترز الذكاء الاصطناعي لتحويل الصوت إلى نص للمساعدة في ترجمة الفيديوهات، كونها لا تنشر قصصاً أو مقاطع فيديو أو صوراً أنشأها الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقاً لرسالة وجهتها رئيسة التحرير أليساندرا غالوني إلى فريق العمل في مايو أيار.

كما أنشأت مختبرات «بي بي سي نيوز» نموذجاً أولياً يعتمد على أجزاء منشورة مسبقاً من محتوى «بي بي سي» ويستخدم نموذج «تشات جي بي تي-3» لكتابته.

قالت ميراندا ماركوس، رئيسة مختبرات «بي بي سي» الإخبارية إن «هناك عالماً كاملاً آخر لأنواع القصص التي يمكننا سردها باستخدام هذه الأدوات؛ لكننا لم نصل إلى هناك بعد».

(رويترز)