أمضت بعض شركات المحاسبة الضريبية في الولايات المتحدة عدة سنوات في مشاركة البيانات المالية الحساسة للأميركيين مع عمالقة التكنولوجيا، بما في ذلك «ميتا» و«غوغل
»، في انتهاك محتمل للقانون الفيدرالي، وهي البيانات التي أسيء استخدامها في بعض الحالات للإعلانات المستهدفة، وذلك وفقاً لتحقيق الكونغرس الذي دام لسبعة أشهر.
وسلط تقرير بعهدة الكونغرس الضوء على ما وصفه الخبراء القانونيون لشبكة CNN بأنه «إنذار خطير» لخصوصية دافعي الضرائب يمكن أن يؤدي إلى دعاوى قضائية حكومية وخاصة، أو عقوبات جنائية أو ربما «ضربة قاتلة» لبعض عمالقة قطاع إعداد الضرائب المتورطين في التحقيق بما في ذلك «تاكس سلاير»، و«إتش آند أر بلوك» و«تاكس آكت».
وباستخدام تقنية تتبع الزائرين المدمجة على مواقع الويب الخاصة بهم، يُزعم أن الشركات الثلاث التي تعد الضرائب، أرسلت عشرات الملايين من المعلومات الشخصية للأميركيين إلى شركات التكنولوجيا مثل «ميتا» و«غوغل» دون موافقة أصحاب البيانات، وذلك وفقاً لتقرير الكونغرس الذي استعرضته CNN.
بالإضافة إلى البيانات الشخصية العادية مثل أسماء الأشخاص وأرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني، تضمنت قائمة المعلومات التي تمت مشاركتها أيضاً بيانات دافعي الضرائب مثل تفاصيل حول حالة تسجيل الأشخاص، والدخل الإجمالي المعدل، وحجم المبالغ المستردة الضريبية وحتى معلومات حول الأزرار والحقول النصية التي نقروا عليها أثناء ملء استماراتهم الضريبية، والتي يمكن أن تكشف عن الإعفاءات الضريبية التي قد يطالبون بها أو البرامج الحكومية التي يستخدمونها، وفقاً للتقرير.
كما وجد التقرير، الذي استند إلى مقابلات في الكونغرس وشهادة مكتوبة من «ميتا» و«غوغل» وشركات إعداد الضرائب، أن كل دافع ضرائب استخدم الخدمة المجانية لتسجيل الضرائب الخاصة بشركة «تاكس آكت» أثناء تمكين خاصية التتبع كان يشارك معلوماته مع شركات التكنولوجيا.
وقال التقرير أيضاً إن بعض الشركات الضريبية ما زالت لا تعرف ما إذا كانت البيانات التي شاركوها لا تزال محفوظة عند منصات التكنولوجيا.
قال ديفيد فلاديك، أستاذ القانون في «جامعة جورج تاون» ورئيس سابق لحماية المستهلك في «لجنة التجارة الفيدرالية»، وهي أعلى هيئة مراقبة للخصوصية في البلاد «على مقياس من 1 إلى 10، يعد هذا 15» في إشارة إلى مقياس التعدي الكارثي الذي حدث.
قال فلاديك إنه أيضاً مثال على سبب احتياج الولايات المتحدة لتشريعات فيدرالية تضمن لكل أميركي حقاً أساسياً في خصوصية البيانات، وهي قضية ظلت تضعف في الكونغرس لسنوات على الرغم من أن البيانات الإلكترونية أصبحت جزءاً أكبر من الاقتصاد العالمي.
وقال التقرير إنه أثناء التحقيق، أبلغت «ميتا» المحققين أنها استخدمت بيانات دافعي الضرائب التي تلقتها لاستهداف إعلانات الجهات الخارجية لمستخدمي منصتها ولتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
قال مساعد وارن لشبكة CNN إنه من غير الواضح ما إذا كان «ميتا» تعلم أنها كانت تستخدم بيانات دافعي الضرائب بشكل غير لائق في ذلك الوقت.
قال متحدث باسم «ميتا» إن الشركة أوصت شركاءها بعدم استخدام أدواتها لمشاركة المعلومات الحساسة وأن أنظمة (ميتا) «مصممة لتنقية واستبعاد البيانات الحساسة المحتملة التي يمكنها كشفها».
تُستخدم التكنولوجيا الكامنة وراء جمع البيانات، والمعروفة باسم بكسل التتبع، بشكل شائع عبر الإنترنت بالكامل، وهو مقتطف صغير من التعليمات البرمجية التي يمكن لمالكي مواقع الويب إدراجها في مواقعهم، وتجمع بكسلات التتبع المعلومات التي يمكن أن تساعد الشركات، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر «ميتا» و«غوغل»، على فهم سلوك أو اهتمامات زوار الموقع.
وبفضل تقنية التتبع التي تستخدمها شركات إعداد الضرائب مثل «تاكس آكت» و«تاكس سلاير» و«إتش آند أر بلوك»، «كل دافع ضرائب استخدم مواقعهم الإلكترونية لتقديم ضرائبه كان يشارك على الأقل بعض بياناته»، كما جاء في التقرير.
وجاء رد شركات إعداد ملفات الضرائب للمشرعين في مركز التحقيق، أن البيانات التي جُمعت قد تم تكثيفها للمساعدة في حماية الخصوصية، وفقاً للتقرير.
لكن التقرير قال أيضاً إن بعض الشركات التي تعمل على إعدد الضرائب نفسها لم تكن على دراية كاملة بكمية المعلومات التي يُكشف عنها لمنصات التكنولوجيا، واستشهد التقرير بأبحاث سابقة للجنة التجارة الفيدرالية خلصت إلى أنه حتى البيانات «مجهولة المصدر» يمكن بسهولة إجراء هندسة عكسية لها لتحديد هوية الشخص المالك لها.
واطلعت CNN على رسالة المشرعين لوكالات إعداد الضرائب بتاريخ يوم الثلاثاء التي ذكروا فيها أنه «يجب على لجنة التجارة الفيدرالية ودائرة الإيرادات الداخلية ووزارة العدل ومفتش الخزانة العام لإدارة الضرائب» التحقيق بشكل كامل في هذه المسألة وملاحقة أي شركة أو أفراد ينتهكون القانون.
ورفضت «لجنة التجارة الفيدرالية»، و«وزارة العدل» التعليق؛ ولم تستجب دائرة الإيرادات الداخلية ومفتش الخزينة العام لإدارة الضرائب على الفور لطلب للتعليق.
وقالت «إتش آند أر بلوك» في بيان، إنها تأخذ «خصوصية العميل على محمل الجد، وقد اتخذنا خطوات لمنع مشاركة المعلومات عبر وحدات البكسل».
لم تستجب شركة «تاكس آكت» و«تاكس سلاير» لطلب التعليق الفوري.
وقال التقرير إن «تاكس آكت» كانت تستخدم أدوات «ميتا» منذ 2018 و«غوغل» منذ نحو 2014، بينما بدأت «تاكس سلاير» في استخدام أدوات «ميتا» في 2018 و«غوغل» في 2011.
واجهت شركات إعداد الضرائب تدقيقاً متزايداً في السنوات الأخيرة وسط تقارير تفيد بأن العديد منها قد تحول إلى جمع البيانات كنموذج أعمال، وأن أكبر الشركات في القطاع قد أنفقت الملايين للضغط ضد التشريعات التي يمكن أن تسهل على الأميركيين تقديم إقراراتهم الضريبية.
أخبرت «غوغل» شبكة CNN أنها تمنع عملاء قطاع الأعمال من تحميل البيانات الحساسة إلى نظامها الأساسي والتي يمكن تتبعها والوصول إلى هوية شخصٍ ما.
قال مساعد وارن لشبكة CNN إن تقرير الأربعاء يركز بشكل أكبر على استخدام «ميتا» بيانات دافعي الضرائب، لأن «غوغل» لا يبدو أنها استخدمت المعلومات لأغراض تجارية خاصة بها بشكل علني مثل «ميتا» لم يتمكن التحقيق من تحديد ما إذا كانت «غوغل» قد استخدمت البيانات لتطبيقات أخرى بشكل كامل.
ومع ذلك، يمكن أن تخلق الادعاءات مخاطر قانونية واسعة النطاق لكل من شركات التكنولوجيا وكذلك شركات إعداد الضرائب، وفقاً لخبراء قانونيين في الضرائب والخصوصية.
(براين فانغ، CNN)