تسعى الهند لتصبح رابع دولة تنفذ هبوطاً محكماً على سطح القمر بإطلاقها الناجح للمركبة الفضائية «تشاندرايان-3» يوم الجمعة.

انطلقت «تشاندرايان-3»، التي يعني اسمها «مركبة القمر» باللغة السنسكريتية، من مركز «ساتيش داوان الفضائي» في سريهاريكوتا بولاية أندرا براديش الجنوبية بعد الساعة 2:30 مساء بالتوقيت المحلي (الخامسة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة).

واجتمعت الحشود في مركز الفضاء لمشاهدة هذا الحدث التاريخي الذي تابعه أيضاً أكثر من مليون شخص على منصة «يوتيوب».

وهذه هي المحاولة الهندية الثانية للهبوط السلس على سطح القمر، بعد فشل محاولة نيودلهي السابقة مع «تشاندرايان-2» في عام 2019 ودوران مسبارها القمري الأول «تشاندرايان-1» حول القمر ثم ارتطامه بسطحه في عام 2008.

وطورت منظمة أبحاث الفضاء الهندية (ISRO) مهمة «تشاندرايان-3» المكونة من مسبار ووحدة دفع ومركبة، والهدف منها الهبوط بأمان على سطح القمر، وجمع البيانات وإجراء سلسلة من التجارب العلمية لمعرفة المزيد عن تكوين القمر.

فقط ثلاث دول أخرى حققت نجاحاً في الهبوط السلس بمركبة فضائية على سطح القمر، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين.

ويعكف المهندسون الهنود على إنجاز هذا الإطلاق منذ سنوات، وهدفهم هبوط «تشاندرايان-3» بالقرب من التضاريس الوعرة للقطب الجنوبي غير المكتشف للقمر.

واكتشفت مهمة الهند الأولى إلى القمر «تشاندرايان-1» وجود جزيئات ماء على السطح، وبعد أحد عشر عاماً نجحت المهمة «تشاندرايان-2» في دخول مدار القمر، لكن عربتها الجوالة تحطمت على السطح وكان من المفترض أيضاً أن تستكشف القطب الجنوبي للقمر.

من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالمهندسين المسؤولين على الرغم من الفشل، ووعد بمواصلة العمل على برنامج الفضاء الهندي وطموحات البلاد في هذا الصدد.

وقد أنفقت الهند منذ ذلك الحين نحو 75 مليون دولار على مهمتها «تشاندرايان-3».

وقبل إطلاق «تشاندرايان-3» مباشرة، قال مودي إن اليوم «سيظل دائماً مسطوراً بأحرف من نور فيما يتعلق بقطاع الفضاء في الهند».

وقال في تغريدة على تويتر: «هذه المهمة الرائعة ستحمل آمال شعبنا وأحلامه».

.

وقال مودي إن المركبة ستقطع أكثر من 300 ألف كيلومتر (186.411 ميل) وستصل إلى القمر في «الأسابيع المقبلة».

تحت الإنشاء لعقود

يعود تاريخ برنامج الفضاء الهندي إلى أكثر من ستة عقود، عندما نالت الجمهورية استقلالها وكانت حينئذ دولة فقيرة للغاية تعاني تقسيماً دامياً.

وعندما أطلقت أول صواريخها إلى الفضاء عام 1963، لم تكن الهند تضاهي طموحات الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق اللتين قطعتا شوطاً كبيراً في سباق الفضاء.

واليوم، تعد الهند أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وخامس أكبر اقتصاد وتفتخر بتعداد شبابها الآخذ في التزايد كما أنها مركز متنامٍ للابتكار والتكنولوجيا.

وتشهد طموحات الهند في مجال الفضاء تطوراً تحت قيادة مودي.

وبالنسبة لمودي الذي وصل إلى السلطة عام 2014، يعد برنامج الفضاء الهندي رمزاً لتميز البلاد المتصاعد على الساحة العالمية.

وفي العام نفسه أصبحت الهند أول دولة آسيوية تصل إلى المريخ، عندما وضعت المسبار «مانغاليان» في مدار حول الكوكب الأحمر بتكلفة 74 مليون دولار، أقل من 100 مليون دولار أنفقتها هوليوود في صناعة فيلم الإثارة الفضائية «Gravity».

وبعد ثلاث سنوات، أطلقت الهند 104 أقمار صناعية في مهمة واحدة.

في عام 2019، أعلن مودي في خطاب نادر نقله التلفزيون أن الهند أسقطت أحد أقمارها الصناعية، في إطار ما وصفته باختبار مضاد للأقمار الصناعية، ما يجعلها واحدة من أربع دول فقط تفعل ذلك.

وفي العام نفسه، قال الرئيس السابق لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية كيلاسافاديفو سيفان إن الهند تخطط لإنشاء محطة فضائية مستقلة بحلول عام 2030، والمحطتان الفضائيتان الوحيدتان المتاحتان حالياً لأطقم الرحلات الاستكشافية هما محطة الفضاء الدولية (وهي مشروع مشترك بين عدة دول) ومحطة الفضاء الصينية «تيانغونغ».

وأدى التطور السريع والابتكار إلى جعل تكنولوجيا الفضاء واحدة من أكثر القطاعات إثارة للمستثمرين في الهند، ويبدو أن قادة العالم قد لاحظوا ذلك.

ففي يونيو حزيران من هذا العام، التقى مودي الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن خلال زيارة رسمية، وقال البيت الأبيض إن الزعيمين سعيا إلى مزيد من التعاون في اقتصاد الفضاء.

وطموحات الهند الفضائية لا تتوقف عند القمر أو المريخ إذ اقترحت منظمة أبحاث الفضاء الهندية أيضاً إرسال طوافة إلى كوكب الزهرة.

(ريا موغل-CNN)