في الأسابيع الماضية، أعلنت كبرى شركات التكنولوجيا تسريح الآلاف من الموظفين، في موجة هي الأكبر منذ عقود.
بدأت تسريحات الموظفين بقرارات خجولة أعلنت عنها عشرات من شركات التكنولوجيا منذ بداية العام 2022، لم تتجاوز خلالها أعداد الموظفين الذين تم الاستغناء عن خدماتهم بضعة مئات.
لكن هذه القرارات سرعان ما تضاعفت ووصلت إلى حدّ الإستغناء عن آلاف الموظفين في أكبر شركات التكنولوجيا في العالم خلال الشهرين الماضيين. فتجاوز إجمالي الموظفين الذين اضطروا إلى مغادرة “مايكروسوفت” أكثر من 4000 موظف، في حين كسرت شركات “أمازون” و”ميتا” و”ألفابت” حاجز الـ10000 موظف.
وفي بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أعلنت الإدارة الجديدة في شركة “تويتر” الاستغناء عن نصف القوى العاملة في الشركة والتي وصلت إلى قرابة 3700 موظف، ما نمّى مخاوف مئات الآلاف من العاملين في شركات التكنولوجيا من موجة بطالة كبرى تمتد إلى قطاعات أخرى.
تفسيرات شركات التكنولوجيا
الكثير من الشركات برّرت قراراتها بالاستغناء عن آلاف الموظفين بأنها “حركة تصحيحيّة” تتماشى مع التغيرات في الأرباح السنوية والمبيعات التي أظهرت ضعفاً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة، وهو ما تم ربطه بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي الذي أدّى بدوره إلى تراجع القوة الشرائيّة في مختلف مناطق العالم، ما قلّص عوائد الإعلانات التجارية عبر منصاتها.
بحسب أرقام صندوق النقد الدولي، بلغ معدل التضخم العالمي 8.8 في المئة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وهو ما دفع بالكثير من المستهلكين حول العالم لخفض نفقاتهم على المنتجات غير الأساسية، ومنها الأجهزة التكنولوجية.
من جهة أخرى، عزَت بعض شركات التكنولوجيا انخفاض الطلب على المنتجات التكنولوجية الذي كان شهد ارتفاعاً حاداً أثناء الشهور الأولى من انتشار جائحة كورونا، إلى عودة آلاف الشركات إلى نظام العمل من مقراتها بعد أكثر من عامين من العمل عن بعد، ارتفع خلالها الطلب على المنتجات الالكترونية ما استدعى توظيف آلاف العاملين الجدد في شركات التكنولوجيا.
والآن، بتخلّي معظم دول العالم عن الإغلاقات التي تلت انتشار فيروس كورونا بداية العام 2020 وبعد إعلان عشرات الشركات عن عودة الموظفين إلى المكاتب، تشهد شركات التكنولوجيا انخفاضاً في الأرباح.
نسبة الخسائر التكنولوجية في 2022
تبدو خسائر شركات التكنولوجيا هذا العام فادحة، خصوصاً عند النظر إلى انخفاض مؤشرات بورصة ناسداك بنسبة 29.09 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 مقارنة بالعام الماضي، وهي خسارة تقدّر بأكثر من 7 مليارات دولار.
هذا الشهر، أعلنت “ميتا”، الشركة الأم لكل من “فيسبوك” و”انستغرام” و”واتساب”، تراجع أرباحها بنسبة 49 في المئة خلال عام 2022. كما أعلنت شركة “ألفابت” الأم لكل من “غوغل” و”يوتيوب” وبرمجيات “أندرويد” تراجع أرباحها بنسبة تجاوزت 16.33 في المئة بحلول سبتمبر (أيلول) 2022.
والسؤال يبقى حاضراً في ذهن الكثيرين عمّا إذا كانت هذه الموجة ستمتدّ إلى قطاعات اقتصادية أخرى، أم أنها بالفعل “حركة تصحيحيّة” تقتصر على قطاع التكنولوجيا.