خلال الأسابيع الماضية، كثُر الحديث عن مقاطعة بعض مستخدمي “تويتر” للمنصة التي لطالما عُرفت بأنها الميدان العام للحوارات السياسية على الإنترنت، خصوصاً بعد إتمام أغنى رجال العالم إيلون ماسك صفقة شراء المنصة مقابل 44 مليار دولار وإعلانه عن تغييرات كبرى في السياسات التحريرية.
قرار مقاطعة “تويتر” الذي اتخذه بعض المستخدمين لاختلافات سياسية بينهم وبين المالك الجديد إيلون ماسك الذي لطالما تحدث عن رغبته بإحداث تغييرات جذرية في المنصة، أتى بعد أن اتهمها مراراً بفرض “حدود” على حرية التعبير.
بدائل “تويتر”
بحسب اثنين على الأقل من المشاهير الذين قرروا مقاطعة “تويتر”، عارضة الأزياء الأميركية من أصول عربية جيجي حديد والممثلة الأميركية ووبي غولدبرغ، فإن خشيتهما من تحول “تويتر” لـ “منصة مفتوحة للكراهية والتعصّب” هي السبب الرئيس وراء قرارهما إيقاف حساباتهما.
كذلك عبّر بعض المستخدمين عن قلقهم من قرارات إيلون ماسك بإتاحة التغريد عبر “تويتر” لشخصيات جدليّة، أشهرها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
في الوقت ذاته، شهدت منصات تواصل اجتماعي أقل شهرة ارتفاعاً في عدد المستخدمين خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بما في ذلك منصات “ماستودون” و”كوهوست” و”تمبلر” و”WT. Social” وغيرها.
ماستودون، المنصة مفتوحة المصدر والتي تسمح بالتدوينات الأقل من 500 حرف احتفلت بانضمام مليون مستخدم جديد بحلول الأسبوع الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، ما أشار إلى بحث الملايين عبر الانترنت عن بدائل لـ”تويتر”.
أما منصة WT. Social التي أسسها جيمي ويلز، أحد مؤسسي موسوعة ويكيبيديا الشهيرة عام 2019، فقد شهدت ارتفاع عدد المستخدمين حتى وصل إلى نصف مليون مستخدم بعد أقل من شهر من صفقة ماسك.
كذلك الحال بالنسبة إلى منصة CounterSocial التي أعلنت عن ارتفاع عدد مرات تحميل التطبيق الخاص بها بنسبة3200 في المئة حول العالم خلال أول أسبوعين بعد إتمام صفقة ماسك لشراء “تويتر”.
الانتشار في العالم العربي
مع ذلك، فإن عدداً من الأسباب تقف وراء محدودية انتشار هذه المنصات في العالم العربي، أهمها عدم إتاحة بعض التطبيقات الخاصة بها للتحميل في المنطقة العربية، كمنصة Truth Social التي أسسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب غداة منعه من التغريد عبر “تويتر” في ضوء اقتحام أنصاره لمبنى الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) 2021.
حتى الآن، لا يمكن الوصول إلى منصة Truth Social سوى من داخل الولايات المتحدة، في حين لم تبذل بقية المنصات الجهد المطلوب لتسهيل وصول واستخدام الناطقين باللغة العربية لها، وهو الأمر الذي كان قد تطلّب “تويتر” ست سنوات كاملة بعد إنشائه، ما ساهم في ارتفاع شعبيته وزيادة استخدامه حينها حتى وصل إلى 237.8 مليون مستخدم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الثالث من عام 2022.
“تويتر” الجديد
ماسك، الذي يُعرّف عن نفسه بصفته “مناصراً لحرية التعبير المطلقة” أجرى بالفعل تغييرات عدّة على سياسات “تويتر” التحريرية، فألغى الخوارزميات التي كانت تنظّم ظهور المحتوى للمستخدمين وفق أولويات وضعها مهندسو “تويتر” قبل ماسك، كما أتاح للمستخدمين فرصة إجراء تعديلات على تغريداتهم بإضافة خاصية Edit للمرة الأولى في تاريخ المنصة.
كذلك غيّرت الإدارة الجديدة سياسة توثيق الحسابات، فجعلتها خدمة متاحة للجميع لقاء 8 دولارات شهرياً، قبل أن تعلن المنصة عن تصنيفات متعددة للحسابات الموثّقة، يهدف استحداثها لحماية هويّة أصحاب الحسابات الأكثر أهمية، مثل حسابات المؤسسات الحكومية والشركات التجارية والمواقع الإخبارية وغيرها.
مخاوف المقاطعين
يتخوف مقاطعو “تويتر من أن الآثار التي قد تتركها سياساته الجديدة والتي زادت من حرية المستخدمين في التطرق لموضوعات حساسة كانت الإدارة القديمة تحدّ من انتشارها خشية تسببها في الإساءة لمجموعات مختلفة أو تشجيعها على العنف، فاتهم البعض المنصة بسياساتها التحريرية الجديدة بزيادة المحتوى المشجّع للكراهية والعنف.
بحسب دراسة أجراها محلّلون من معهد الحوار الاستراتيجي ISD نُشرت نتائجها في مجلة MIT تكنولوجي ريفيو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تم إنشاء 450 حساباً مرتبطاً بتنظيم (داعش) خلال الأيام الاثني عشر الأولى من إتمام صفقة شراء إيلون ماسك لـ”تويتر”، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 69 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.
في الوقت ذاته، دافع إيلون ماسك عن سياسته الجديدة مستنداً إلى قيامه بمنع عدد من الحسابات التي انتحلت شخصيات غيرها، ولإيقاف حساب مغني الراب الأميركي كانيي ويست بعد أن نشر صورة رمز نازيّ، في محاولة للتأكيد على أن “تويتر” لن يسمح بالمحتوى المشجّع على الكراهية. كذلك نشر إيلون ماسك رسماً بيانياً يوضّح انخفاض عدد مرات ظهور المحتوى المشجّع على الكراهية منذ شرائه لها وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وتعهد بنشر هذه البيانات بشكل أسبوعي، في محاولة لطمأنة جمهور المستخدمين والمُعلنين وإنهاء مخاوفهم.