تصدّر مؤخَّراً روبوت الدردشة “ChatGPT” العناوين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن أبهر العالم بقدرته الفريدة من نوعها على إجابة أسئلة المستخدمين وإنشاء مقالات بليغة.
أطلقت الأسبوع الماضي شركة التكنولوجيا الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي “OpenAI” روبوت الدردشة (chatbot) “ChatGPT”، وهو روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي يتميّز بتفاعله مع المستخدمين بطريقة مقنعة وقدرته على تقديم إجابات مطولة وشاملة لأسئلة وطلبات المستخدمين. وبفضل ميّزاته، تخطى عدد المستخدمين المليون مستخدم في غضون أيّام من تاريخ إصداره، كما شدّ انتباه بعض الروّاد في قطاع التكنولوجيا كالمدير التنفيذي لشركة “بوكس” (Box).
ومع ذلك، أثار “ChatGPT” الجدل كغيره من التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي، من حيث تأثيره على القطاعات والمهن الإبداعية واحتمالية نشره للمعلومات المضللة.
ما هو “ChatGPT”؟
“ChatGPT” هو نموذج لغوي ضخم تم تدريبه على كم هائل من المعلومات عبر الإنترنت لإنشاء ردوده. وهو قائم على تقنية مولد النص GPT-3 التي أصدرتها “OpenAI” سابقاً.
تتيح “OpenAI” تجربة “ChatGPT” مجاناً في الوقت الحالي عبر التسجيل على موقعها. وبعد التسجيل، يمكن للمستخدمين طرح الأسئلة والاستفسارات في شتّى المجالات وبعدة لغات.
ولا تقتصر إمكانية “ChatGPT” على الإجابة على الأسئلة البسيطة فقط، فبإمكانه تصحيح كود برمجة أو موضوع مقال أو حتّى إنشائه من الصفر إذا قام المستخدم بطلب ذلك.
محاسن ومخاطر “ChatGPT”
كالعادة، تُثار الأسئلة والمخاوف مع كل إصدار لمنتج مدعوم بالذكاء الاصطناعي. فهي من جهة تساعد البشرية في الحصول على معلومات بسرعة أكبر وبشكل تفصيلي ومباشر. ومن جهة أخرى، قد تساهم في نشر معلومات خاطئة وغير دقيقة، كما تثير المخاوف من ناحية تأثيرها على القطاعات والمهن الإبداعية.
فمثلاً، بالرغم من تمكّن روبوت الدردشة من الإجابة بطلاقة ودقّة على أسئلتنا باللغة الإنكليزية، فشل في إجابة نفس الأسئلة عندما طرحناها باللغة العربية.
فعندما سألناه باللغة الإنكليزية عن هوية الشاعر المتنبي، أعطانا نبذة مفصلّة عن الشاعر العربي. ولكن عندما طُرِح السؤال نفسه باللغة العربية، جاء الرد كالتالي: ” أعتذر، ولكن ليس لدي المعلومات الكافية للاجابة عن هذا السؤال. كما تعلم، أنا مدربة من قبل OpenAI لتوليد النصوص، وليس لدي القدرة على الوصول إلى معلومات خارجية للتحقق من صحة المعلومات التي تم تقديمها لي. يرجى الاستعانة بمصادر أخرى للحصول على معلومات دقيقة وصحيحة.” وعندما أعدنا طرح السؤال بطريقة مختلفة، كانت الإجابة خاطئة: ” المتنبي هو اسم عام يشير إلى جماعة من الطيور التي تنتمي إلى فصيلة المتنبيات. يشمل هذا الاسم عدداً من الأنواع المختلفة من الطيور، مثل التنبي العربي والتنبي الأفريقي والتنبي الهندي. يتميز الطيور في هذه الفصيلة بجناحيهم الطويلين والقويين، وهي الطيور المهملة التي تستخدمها الصحراء للطيران عالي السرعة. لكن يجب ملاحظة أن التنبي هي نوع من الطيور في هذه الفصيلة، وليس الاسم العام للفصيلة كلها.”
يعتقد د. محمد قاسم، عضو مجلس إدارة المدرسة الرقمية في الكويت، بأن “ChatGPT” قادر على توفير”إمكانيات جديدة لم تكن متوفرة سابقاً”. فعلى سبيل المثال، “سيُمكّن الطلاب من الحصول على المعارف بطريقة لا توفرها أدوات البحث الحالية، حيث يتمكن روبوت الدردشة “ChatGPT” من تلخيص وإيضاح الأفكار وكتابتها بطريقة سلسة للغاية”. وفي الوقت نفسه، نوّه د. قاسم عن مخاطر استخدام “ChatGPT” والتقنيات المشابهة، فمثلاّ اعتماد الطلبة عليه سيفقدهم “القدرة على استيعاب المعلومات بعمق”. وبما أن روبوت المحادثة لديه القدرة على تطوير كود البرامج البسيطة، يرى د. قاسم بأنه “سيُضعف سوق المبرمجين الذين يعتمدون على البرمجة في قوتهم اليومي”.
أمّا من النحية الإبداعية، يعتقد د. قاسم بأن “ChatGPT” سيُمكّن الذين لا تتوفر لديهم أفكار إبداعية من إنتاج أفكار ابتدائية أو أنوية إبداعية ينطلقون منها ويتوسعون بها”. ولكنه حذّر من الاتكال عليها في هذا المجال حيث قد يؤدي ذلك إلى “قتل الإبداع لدى البشر”.
ويتوقع د. قاسم بأن التقنية القادمة من “OpenAI” وهي “GPT-4” ستكون “أقوى بمئة ضعف” من “GPT-3” حيث سيكون لديها القدرة على توفير محتوى مرئي كالصور والفيديوهات.