تخيل نفسك في رحلة داخل جسم الإنسان لاستكشاف طريقة عمل أنظمة الجسم المختلفة، أو عاد بك التاريخ للقرن السابع عشر حيث يمكنك مشاهدة مسرحيات الأدب الإنجليزي على مسرح غلوب العريق في لندن، الذي شهد العروض الأولى لمعظم أعمال ويليام شكسبير.
لم يعد ذلك ضرباً من الخيال أو جزءاً من أحد أفلام الخيال العلمي، بل قد يصبح حقيقة واقعة قريباً مع سعي مارك زوكربيرغ -مؤسس شركة ميتا– لإحداث ثورة في عالم التعلُم عبر السماح للطلاب بمعايشة التجارب العلمية باستخدام الواقع الافتراضي.
تجربة تعلُّم غامرة
تخطط ميتا لإطلاق برنامج جديد مخصص للمعلمين في وقت لاحق هذا العام لمساعدتهم على استخدام نظارات كويست (نظارات الواقع الافتراضي التي تنتجها ميتا) بشكلٍ أسهل داخل الفصول الدراسية. وسيتيح البرنامج للمعلمين إدارة وبرمجة عدة نظارات في وقتٍ واحد، مع إمكانية الوصول للتطبيقات العلمية المناسبة ومراقبة طريقة استخدام الطلاب للنظارات والتحكم بها.
وفي مقابلة مع شبكة CNN، قال رئيس الشئون العالمية بشركة ميتا، نيك كليغ «سيكون بإمكانك تقديم دروس الأحياء والكيمياء دون الحاجة لتجهيز معمل مدرسي لهذا الغرض، وسيكون بمقدورك التجول في شوارع روما القديمة مع طلابك.»
وتأتي تلك الخطوة في إطار خطة الشركة الأوسع لنشر تقنية الميتافيرس المثيرة للجدل، إذ تؤمن الشركة بأنه خلال الأعوام القليلة المقبلة سيعتمد البشر بشكلٍ أكبر على نظارات الواقع الافتراضي في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك التعلُم والعمل والتواصل الاجتماعي، كل هذا داخل نسخة افتراضية من العالم الحقيقي.
أبرز الاعتبارات
يأتي استخدام الواقع الافتراضي في المنظومة التعليمية مع مجموعة من التحديات، أبرزها الاعتبارات المتعلقة بالسلامة والتكلفة وحجم الاستفادة.
ولعل السؤال الأهم هنا هو: إلى أي مدى ستساعد تقنيات الواقع الافتراضي الطلاب على التعلُّم بشكلٍ أفضل؟
ورداً على هذا السؤال، استدلت ميتا بنتائج بعض الدراسات الأولية حول دور تلك التقنيات في تحسين تجربة التعلُّم، ومن بينها دراسة أجرتها شركة الاستشارات برايس ووترهاوس كوبرز في عام 2022، والتي خلُصت إلى أن الطلاب الذين تلقوا تدريباً على ما يُعرف باسم «المهارات الناعمة» (أو المهارات الشخصية) باستخدام الواقع الافتراضي كانوا أكثر تفاعلاً من أولئك الذين تلقوا التدريب نفسه في بيئة تعلُّم تقليدية.
وهناك بعض المؤسسات التعليمية التي تستخدم تلك التقنيات بالفعل لتعزيز الفائدة لطلابها، ومن بينها جامعة نيومكسيكو في الولايات المتحدة، التي تُتيح لطلاب قسم العلوم الجنائية محاكاة موقع الجريمة الحقيقي في أثناء التحقيقات.
أمّا عن التحفظات المتعلقة بسلامة الطلاب، فقال كليغ إن البرنامج الجديد سيكون مزوداً بميزات خاصة لحماية الطلاب من عمر 13 حتى 17 عاماً، من بينها حظر الوصول إلى تطبيقات ميتا كويست، وإتاحة الوصول فقط إلى التطبيقات المبرمجة سابقاً من قِبل المعلمين.
وهناك أيضاً اعتبارات مرتبطة بالتكلفة الباهظة لإدخال تلك التقنيات إلى المدارس في وقت تعاني فيه المؤسسات التعليمية نقص الموارد، فأسعار نظارة ميتا كويست 3 -على سبيل المثال- تبدأ من 499 دولاراً، ورغم ذلك فإنها تُعدّ أرخص من نظيراتها في السوق.
لكن كليغ يرى أن أدوات الواقع الافتراضي قد تقلل من تكاليف التعليم على المدى الطويل، وضرب مثالاً على ذلك بعدم الاضطرار لاصطحاب الطلاب في رحلات فعلية إلى المتاحف ما يوفّر نفقات النقل، إذ يمكن لنظارات الواقع الافتراضي تقديم تجربة غامرة للطلاب دون الحاجة للانتقال فعلياً لموقع المتحف.